ظاهرة التحرش..! حالة مرضية أم انحراف أخلاقي..؟



سومه حساين
2014 / 11 / 2

ظاهرة التحرش.. في ازدياد مستمر، وقد أصبحت ظاهرة عالمية وتقول الإحصائيات الأخيرة لعام 2014 أن هذه الظاهرة ارتفعت حتى وصلت نسبتها في أمريكا الى أكثر من 90% ،وفي مصر زادت على 80% ، وفي الهند وصلت الى 96% ، وقد سجلت أقل نسبة في السعودية وكانت 16% ، حيث ينص القانون السعودي على معاقبة المتحرش بالسجن لمدة قد تصل الى خمس سنوات وبالغرامة المالية، وهذا شيء إيجابي يجب أن تحذو حذوه باقي الدول.
تقول الدكتورة عزة عزت في مقابلة تلفزيونية أن المتحرش يكون إما مريضاً أو منحرف أخلاقياً، فهذه الظاهرة لا تقتصر على فئة عمرية محدده، فهناك متحرشين كبار في السن ربما تعدوا الخمسين عام وهناك شباب من كل الأعمار ومراهقين وحتى أطفال، فقد سُجلت حالات تحرش قام بها أطفال ضد فتيات صغار. فما الذي يجنيه المتحرش من فعلته، هل يحقق له لذة جنسية، لا أعتقد وإنما هي حالة مرضية ترضي شيء في داخله ليشعره أنه هو الأقوى والأقدر، فإن كان المتحرش طفلاً تكون الظاهرة انحراف أخلاقي وسوء تربية وعبث، وإن كان مراهقاً فهي محاولة ليثبت أنه أصبح رجلاً وهذا يندرج في سوء الأخلاق وضعف الشخصية، وإن كان رجلاً سواء صغيراً أو كبيراً فالدافع وراء ذلك يكون العجز الجنسي وعدم الثقة بالفس، فهو يريد أن يثبت أنه رجلاً وأقدر من المرأة.
ومهما كانت الأسباب فهذه الظاهرة تشكل عبئ نفسي على المرأة وشعورها بالتهديد وعدم الأمان، والمتحرش إن أجاز لنفسه ذلك، فهوكأنما يجيزه لغيره ويسمح لغيره من الرجال بالتحرش ببيته وأهله، فالمثل العربي يقول (دقة بدقة ولو زدنا لزاد السقا) وهي قصة ظريفة عن تاجر شاب خرج في تجارة وترك بيته وأمه وأخته، وقد قابل في سفره فتاة جميلة شغف بها حتى سولت له نفسه على التحرش بها ومحاولة تقبيلها ولكنه لم يظفر منها إلا بلمس يدها، وعندما عاد الى بيته، تفاجئ من فزع أخته وأمه وهي تروي له كيف أن السقا الذي اعتاد أن يجلب لهم الماء باستمرار حاول التحرش بأخته ولكنه لم يظفر إلا بلمس يدها، فعرف أنه هو السبب بما جرى، وقال مقولته الشهيرة: دقة بدقة ولو زدنا لزاد السقا، أي أن عقاب الرجل في أهله.
ولطالما فكرت وتسائلت كثيراً ما الذي يجعل الشاب العربي المسلم شغله الشاغل المرأة ومحاولة التغلب عليها بأية وسيلة كانت، حتى وإن كانت التحرش بها، سواء بكلمات بذيئة أو باللمس، هل هو سوء أخلاق وسوء تربية أم هو الحرمان والكبت، يقولون أن كل ممنوع مرغوب، فهل الكبت المبالغ فيه في بلادنا العربية هو السبب في هذه الظاهرة والدافع لها؟؟ ربما.. وربما كان سوء في أسلوب التربية حيث ينشأ الفتى في العائلة العربية هو الأهم، والمفروض أن يكون هو الأقوى والمهيمن والمسيطر على الفتيات في بيته فهو الرجل بعد أبيه، وعندما يواجه بالصد والرفض من قبل بعض الفتيات اللواتي يرفضن السيطره، يحاول إثبات نفسه في الشارع حيث لا حسيب ولا رقيب، فالمجتمع لا يلومه وإنما يلوم الفتاة حتى ولو كانت محجبة، وعلى الأرجح أنها حالة مرضية وسوء أخلاق.
وأنا أضع اللوم بدرجة كبيرة على الأم التي تربي وتنشأ وعلى الأب الذي يشجع ولده على العدوان والتحرش منذ طفولته ظناً منه أنه يصبح الأقوى (فنحن في غابة من الوحوش الآدمية وإذا لم تكن ذئباً نهشتك الكلاب) هذه الأفكار المتخلفة في الشارع العربي هي التي تصنع الرجل وتصقل شخصيته حتى وإن أنشأه والداه على حسن الخلق، فالمهذب مرفوض في مجتمعاتنا العربيه فهو دليل ضعف فكلما ازداد الرجل أخلاقاً قلت رجولته وهيبته كما يعتقدون، وربما وضع بعضهم اللوم على عاتق الفتاة وطريقة لبسها، فأقول لهم هذا غير صحيح بدليل أن التحرش يطال المحجبة وغير المحجبة وحتى الطفلة التي تخلوا من كل مظاهر الأنوثة، إنه حالة مرضية وسوء أخلاق، فالمتحرش يجب أن يعرض نفسه على طبيب نفسي حتى يكشف له سبب العلة ويحاول معالجته.
لنرتقي بمجتمع خالي من التحرش والعنف بجميع أشكاله، مجتمع يحترم المرأة ويقدّرها، لا يستضعفها ولا ينظر لها نظرة دونية، ولا بد من محاربة هذه الظواهر المجتمعية المتخلفة المريضة، ولا بد من وضع حد وقوانين رادعة ومؤدبة للمتحرش، وعقوبة تجعله يفكر مئة مرة قبل أن يقدم على فعلته المهينة الخالية من المسؤولية والأخلاق، وليحترم كل فتاة في الشارع وفي العمل، حتى يصل الإحترام لأمه وأخته وزوجته وابنته، فالعين بالعين والسن بالسن والقصاص يكون من نفس العمل.