ماذا أقول لها ؟؟؟



ليديا يؤانس
2014 / 11 / 6

صديقة حميمة أعرفها من سنين، فتاة جميلة رقيقة دمثة الخلق في علاقتها بالآخرين، مؤمنة بالفعل والقول، ناجحه في حياتها العملية لأنها على قدر عال من الذكاء والعلم والمعرفه، أمينه جداً في عملها وتعاملها مع الناس والأهم أمانتها مع الله ومخافته، دائماً أنيقة ومحط أنظار من حولها، محبوبة من الجميع بإستثناء ممن يغيرون منها، متمسكة بالأخلاقيات كما يقرها الله والمجتمع الشرقي التي نشأت به، تعيش مع أمها المُسنه في شقة فخمة قامت هيّ بتصميم الديكور بلمساتها الفنيه الرائعة.

جاءتني علي غير عادتها بإبتسامة باهتة، وعيون ذائغة ، ودموع متحجرة تنزف من قلب يئن بجروح غير مرئية، ولكنك تحسها من نبرات صوتها المُتهدج الذي يُصارع ليشق طريقه بين الآلام المحبوسه بداخلها أملاً في الوصول إلى من يسمع ويقول كلمة حق!

أخذتها من يدها لنجلس سوياً كما تعودنا نتجاذب أطراف الحديث ونتناقش، ولكنها سحبت يدها بطريقة عصبية، ورفعت سبابتها في وجهي قائلة "أنت هنا اليوم لكي تسمعيني فقط!" وهبت واقفة في منتصف الغرفة وكأنها إعتلت منبر الوعظ فصمطت لأسمع منها وبدأت تتكلم:

أنا هنا اليوم لألوم نفسي ولست ألوم أحداً!
أنا هنا اليوم لأكسر القيد الذي وضعته حول عنقي بنفسي وليس لتكسير قيودكم أنتم!

تعبتوني وطهقتوني في عيشتي، كبلتوا نفسي قبل جسدي، أصبحت لا أستطيع التنفس من قيودكم، خضعت لقيودكم سنيناً طويلة ولم يعجبكم لدرجة أنني كرهت نفسي من خضوعها لقيودكم، أنا لا ألومكم بل ألوم نفسي فأنا الذى خضعت لقيودكم وعملت منها قيد كبير خنقت به نفسي إعتقاداً مني بأن هذا يرضي الله ويرضي المجتمع، وبالرغم من ذلك لم أحوذ رضاكم!

البعض قد يتجرأ ويسأل الأنثى عن وجود علاقات شخصية في حياتها وسواء كانت الإجابة بنعم أو لا فالنتيجة واحدة!
إذا كانت الإجابة "نعم" إذن هي إنسانة مُنحله أخلاقياً من وجهة نظر المجتمع الشرقي.
وإذا كانت الإجابة "لا" تبدأ الإبتسامات الصفراء ونظرات الشك والإتهامات الغير مُعلنة وحال لسانهم إحنا فاهمين كل حاجة ولكن الله علي عبيده ستار!
والبعض قد يتهمونها بالنقص في أنوثتها، أو أنها معقدة ومريضة نفسياً، أو مالقيتش حد يبُص في وجهها، أو عندها مشكلة، و الله أعلم!
والبعض بدون سؤال يفترضون أن أي واحدة لابد أن يكون لها علاقات وتجارب، والأسوأ من ذلك أن بعض الذكور وليسوا الرجال ينتهزون الفرصة وينهشون في سمعة المسكينه ليتباهو بأنفسهم المريضه .. كيف للمسكينة إثبات براءتها في كل هذه الحالات؟

عايزه أعرف، هل الله خلق الرجل من طينه والمرأة من طينه أخري؟
علي حد معلوماتي الكتابية أن الله خلق حواء من جسد آدم، يعني نفس التكوين الجسماني واحداً للرجل والمرأة مع بعض الإختلافات الفسيولوجية بغرض التناسل، ولكن كلاهما عنده نفس الإحتياجات النفسية والجسدية. الله لم يستثني النساء من هذه الإحتياجات حتي انه قال لحواء وإلي رجلك يكون إشتياقك.

الله خلق الكون بكل كائناته ولكن بالنسبة للإنسان وضع قيوداً وقوانين وعقوبات تسري بالمساواه علي الرجل والمرأة. الله خلق الإنسان علي شبهه ومثاله أي نكون قديسين كما أن الله قدوس، ولكن الإنسان بطبيعته الجسدانية الضعيفه دائم السقوط في الخطايا الذي حذره الله منها، ولذ الكتاب يقول: الجميع زاغوا وفسدوا معاً ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد.

من فترة بسيطة قرأت في الصحف عن رجم إمرأة سورية، الداعشيون الذين يحكمون بالنيابة عن إلههم، لإن إلههم لا حول ولا قوة له، رجموها وعلي حد قولهم أنها زانية!
سؤال محيرني، هل المرأة زنت مع نفسها؟ إذا كان كذلك يبقي عندهم حق يرجموها لواحدها، مع إن من الصعوبة إثبات هذه الحالة!
وإذا كانت زنت مع بهيمة المفروض علي حسب شريعة موسي أنها والبهيمة يقتلان، وفي حالة هذه المرأة لم يذكروا موضوع البهيمة، ده يبقي أكيد زنت مع ذكر بشري وأكيد فيه أشخاص تبرعوا بالشهادة!
جميل إحنا كده فهمنا إن كان فيه واحد نطع زنا معها وأيضاً في شريعة موسي يقول الكتاب، إذا زني رجل مع إمرأة فإنه يقتل الزاني والزانية.
إذن لماذا رجمت هذه المرأه بمفردها؟ بالتأكيد الذي زنا بها هو الذي أدانها ووشي بها ليبعد أي شبهه عن نفسه أو ربما طلعت روحه قبل المحاكمة.
رجموا المرأة بمفردها ربما هذه شريعة الإسلام والله أعلم! لأنني لا أعلم عن الشريعة الإسلامية شيئاً، وفي النهاية هُم أحرار في شريعتهم ونسوانهم!

في يوم من الأيام جاءت مجموعة من الذكور يسوقون إمرأة أمامهم وكأنهم يطاردون فأراً، لا يلمسونه حتي لا يتنجسوا وفي نفس الوقت يريدون قتله ليتخلصوا من نجاسته، أتوا بها إلي يسوع وإلتفوا حولها حتي لا تهرب منهم وقالوا له ضبطتنا هذه المرأة تزني وموسي في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم فماذا تقول أنت؟

يسوع عارف الناموس كويس جداً لإنه هوّ الذي وضعه، وعارف إن الإنسان ممكن أن يخطي، وعارف أيضاً إن الناس أشرار ويستغلون شرورهم في إدانة وعقاب الأضعف منهم لإن نفوسهم مريضه.
لم يرد عليهم يسوع ولم يُدن المرأة ولكن إنحني إلي أسفل وبدأ يكتب بأصبعه علي الأرض.
لم يذكر الكتاب في يوحنا (8) ماذا كتب لهم علي الأرض، ولكن المُشتكين علي المرأة بدأ البعض منهم في الإنسحاب واحداً تلو الآخر مخزيين ووجوههم في الأرض خوفاً من فضح خطاياهم.
علي ما أعتقد أن يسوع كتب لهم خطاياهم باليوم والساعة وعلي الأرجح أن هؤلاء زنوا مع هذه المرأة المتهمة أو غيرها ولكن النتيجة واحدة يحللون لأنفسهم الخطية ويشربونها كالماء ويتشطروا علي المرأة الضعيفة!
البعض منهم مازال واقفاً وببجاحة مستمرين في سؤال يسوع، ماذا ستفعل مع هذه الزانيه؟ هل ستحكم برجمها طبقاً للشريعة أم لا؟
بالتأكيد الله يكره الخطية ولكن ليس عند الله محاباة، فهو أمين وعادل مع الكل سواء أكان رجلاً أو إمرأة، ولذا رد يسوع عليهم ورد علي كل إنسان حتي يومنا هذا قائلاً: من منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر.
إنسحب الديوك إللي كانوا نافشين ريشهم وكل واحد منهم معتبر نفسه ملاك ومحتاج بس جناحين علشان يطير في السماء لأنه أطهر وأشرف من هذه الزانية.

الداعشيون قالوا للزانية، اطلبي المغفرة من الله ورجموها بالنيابة عن الله خوفأ من أن الله تأخذه بها الرحمة! وأيضاً لتطهير المجتمع منها.
يسوع قال للمرأة أما دانك أحد فقالت لا أحد يا سيد قال لها، ولا أنا أدينك إذهبي ولا تخطئي أيضاً.

بالتأكيد أنا كنت غلطانه لما وضعت نفسي تحت قيود البشر حتي ولو كانوا مثقفين وعلي أعلي الدرجات العلمية والمهنية وتحت أي مسمي عقيدي فالمجتمع الشرقي وخاصة الرجال يحللون لأنفسهم ما يحرمونه علي المرأة ويدينون المرأة متغافلين مشاعرها وأحتياجاتها كإنسانه. أنا لا أتكلم عن المرأة التي تمتهن الرزيلة تحت أي مسمي، ولكن أتكلم عن حق المرأة في أن تحب وتتحب بدون إدانة، بدون تشهير، بدون إزدراء، بدون عقاب.
فليترك الناس الحكم لله لإن الله عادل وأمين ولا يكيل بمكيالين، المرأة كالرجل أمامه، وهو فاحص القلوب والكلي ويعرف حتي لو الإنسان أخطأ مالأسباب التي دعته لذلك وهو في النهاية أرحم الراحمين.

أنا هنا اليوم لأعلن التحدي وأقول لمن لا يعجبه كلامي فليأخذ قيوده وأفكاره العفنه ويذهب إلي الجحيم، أما أنا فخير لي الوقوع في يد الرب، لأنه وحده يعلم ظروفي وأحتياجاتي وفاحص قلبي وفكري ويعلم صدقي وأمانتي معه ومخافتي منه وبه وحده أصبحت لا أعبأ بقيودكم فكسرتها!!!