الأستاذة



ايمان محمد
2014 / 12 / 10


كان صباحا دافئا بالشمس المشرقة لكنني فقدت الشعور بكل ما هو جميل، كأن يأس العالم كله مطبق على اضلعي، شعور بداخلي يضيق علي فأصفع طفلي وانهرهما بغضب عن اللعب
-بنيتي انهما صغيران يلهوان
اصرخ- لا شأن لك يا امي
بعد الظهر عاد أخي الاكبر من وظيفته مكفهر الوجه، سمعته يتهامس مع والدتي تنصت لحديثهما فطرقت رأسي تلك الجملة
-لقد زارني سلام اليوم وبلغني انه طلق احلام يا امي
اتتني نوبة الصرع وفقدت وعيي، افقت ﻷ-;-جد قطعة قماش مدفوعة بين اسناني كي لا اعض لساني وانا اصرع، ماء بارد يبلل وجهي وشعري وقميصي، والدتي الشاحبة تقرأ آيات من القرآن وهي تمسح على رأسي ودموعها تمطر على خدي
-امي هل غبت عن الوعي طويلا؟
-لا يا حبيبتي...تغص في نحيب وتحتضنني
قصتي مع سلام بدأت قبل اربعة سنوات كنت وقتها في المرحلة الاخيرة من كلية الآداب قسم اللغة العربية حين تقدم لخطبتي ذلك الشاب الوسيم الذي يعمل مهندسا لنتزوج بعد تخرجي بفترة بسيطة، انجبت توأما بعد عام ونصف( عادل و علي)وكنا نحيا حياة هادئة مليئة بالحب ...
تعرضت لحادث سير قبل سبعة اشهر، اصبت بالصرع على إثره نتيجة الصدمة التي تعرض لها دماغي ...
صبر سلام في البداية لكن علامات الامتعاض والضجر بادية على وجهه، وصف لي الطبيب دواءا يمنع نوبة الصرع قائلا
-ستأخذين هذا الدواء بإنتظام فإذا اتتك نوبة اخرى راجعيني كي انظم لك العلاج حتى نصل الى الجرعة المناسبة، ولن اوصيك مرة ثانية اهم شيئين الراحة النفسية والجسدية ....
حفظت توصيات الطبيب لكنني لم استطع تطبيقها فوجود طفلين مشاكسين في البيت امر مرهق، وأتت تلك النوبة التي لا اتذكر تفاصيلها للحظة ليعود زوجي عند الظهيرة ويجدني ممزقة الثياب ..تشاجر معي حين عدت لوعيي واقسم ان لا ابيت عنده الليلة فأخذني لبيت اهلي
عند الباب دفعني قائلا
-خذوا ابنتكم هذه لا اريدها
-لماذا يا ولدي
-وجدتها عارية اليوم وحين سألتها تقول لا ادري كيف حدث ذلك
-اهدأ وادخل كي نتحدث بهدوء
-لا حديث عندي معكم ابنتكم هذه ستجلب لي العار لو ابقيتها في ذمتي
اخذ الولدين وذهب، ما اوجعني هو موقف أخي محمد السلبي تجاهي فعودتي للبيت يهدد راحته وهو على وشك الزواج فبقائي معه يعتبر مصدر للمتاعب والقلق، سمعته ينعتني عشرات المرات بالمجنونة، يذنبني ﻷ-;-نني مزقت ثيابي في لحظة لم اكن فيها بوعيي، فهل هذا ذنب؟ !
راجعت طبيبي مع والدتي التي كانت سندي الوحيد في تلك المحنة، اصبت بإكتئاب حاد ولزمت الصمت ﻹ-;-سبوعين وصف الطبيب ادوية لحالتي النفسية المتدهورة اضافة لدواء الصرع، لم يكن سلام رحيما بي حين اعاد الولدين لي ولكن والدته رفضت العناية بهما فهما كثيرا الحركة مليئان بالحيوية والنشاط ...
تحسنت حالتي النفسية تدريجيا وقررت بعد ان طلقني سلام ان اقدم على الدراسات العليا ﻷ-;-حصل على الدكتوراه في اللغة العربية وادرس الطلبة في نفس الجامعة التي كنت ادرس فيها، إحتضنت ولدي وكافحت ﻷ-;-ثبت كينونتي فحتى إن كان دماغي يصرع ويحتاج للدواء كي يهدأ فالسكينة والهدوء تكمن بداخلي
( أنت من تصنع عالمك بنفسك ) الاستاذة احلام
( قصة حقيقية)