هل يمكن لحملة برتقالية أن تقضي على العنف ضد المرأة



منى حسين
2014 / 12 / 14

ديوان جديد يضاف لدواوين المنظمات العالمية والتي اشتهرت بها في السنوات الأخيرة.. أنها نغمة معتادة تترنح وتغفوا بشكل عصري محدث.. وتنبع من نفس مكان التصدير.. نفس الجهات ونفس الوجوه والأصوات والإشارات والحلول والبدائل.. وتحت نفس الوتيرة والسياق.. يوم عالمي للقضاء والمكافحة وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. لم اكتب شيئا مع بداية مهرجان المناسبة واكتفيت بان انتصر الستة عشر يوما تنتهي كي أرى الحصاد..
هذه المرة تم إطلاق الحملة بلونها البرتقالي بمضمون الدفاع عن المرأة ومحاربة العنف ضدها ولمدة 16 يوم؟؟؟ معلنة الاتحاد لإنهاء العنف ضد المرأة بعد كل هذا الاستشراء لوباء العنف.. والذي بدا مع بداية التناحر السياسي الذي يعج بالمنطقة وبالعالم بأكمله، حيث التوترات والحروب والمصالح السياسية والاقتصادية والدينية عبئت هذه المرة بقضية المرأة والحركة النسوية وتسفيرها لوطن العنف والانتهاك والاعتداء والتمييز.. الذي وصل لأرقام مرعبة من الجريمة ومصادرة حياة مئات الآلاف من النساء أن لم تكن قد بلغت الملايين.. وحسب تقارير الجهات التي ابتكرت حملة اللون البرتقالي للقضاء على العنف والتمييز...
سنوات وسنوات تمر تسحق فيها النساء وتنتهك وعلى مرأى ومسمع كل الجهات العالمية.. ولا تحرك مأساة الانتهاكات المستمرة جفن الجهات التي تبتكر أيامها العالمية.. كيف يمكن لحملة برتقالية مدتها 16 يوما أن تواجه عنف حكومات ومجتمعات وقوانين واديان زرعت بجذور عميقة ومتينة.. تعادي المرأة ووجودها ونوعها وعملها وكل دورها بالمشاركة والبناء والإبداع.. الموضوع بأكمله عبارة عن جدول إعمال.. إن مؤسسي الأيام العالمية غير جادين أبدا ولا يبالون بطرح حلول لمشاكل المرأة وقضيتها أن لم يكونوا هم من يعمقوها.. أن هذه الجهات تفرض عقوبات صارمة على الدول في حالة المساس بمصالحها.. وتعلن تحالفاتها العالمية وتحرك جيوشها وتخوض الحروب من البر والبحر والجو وتنتج ما تنتج من مجازر وماسي بذريعة الخطر القادم من هناك.. وهي نفس جهات ابتكار أيام ومناسبات سنوية للمرأة وللطفل وللأمراض وللمعاقين ووووو.. لكنها لا تجيش ولا تصدر عقوبات بل تعتكف وتغمض العينين أمام الانتهاكات التي تواجه المرأة وقضيتها بل وتجسد المعاناة بأيام عالمية للاحتفال والمرح والابتهاج..
مؤسسات الأعلام كانت وما تزال تلعب الدور الخطير في ساحات قضية المرأة والحركة النسوية بأكملها.. الإعلام له الدور الأول في ترويج العنف ودعم بقاءه واستمراره وتعميقه أكثر وأكثر نحو القهر.. وهو من يقوم بتغيير القناعات لتحويل خط مسار النضال الفكري وإفراغه من محتواه الأصلي وحرفه عن مطلب المجمتع التحرري المساواتي.. مهمة المؤسسات الإعلامية هي حرف وجر النضال النسوي الى القبول بطرح مبتكري الأيام العالمية.. والحقن بجرعات كبيرة من مصل مورفين القبول بالسياسة الطبقية والتميزية التي تشق الطريق إلى اثنين وتصنف الإنسان إلى جنسين.. قضية العنف ضد المرأة لا يمكن حلها بستة عشر يوما من كل سنة أو حتى بشهر من كل سنة أو حتى بستة أشهر من كل سنة.. بعنوان الترويج والحملات والمهرجانات والندوات باحتضان العنف والتصفيق له وليس محاربته..
إن هذه المناسبات اهانة موجهة لقضية المرأة.. أهانة لكل التحرريين.. أن إنشاء تلك المناسبات وحسابها بالأيام من كل سنة هي أهانة لكل تاريخ النضال النسوي نحو التحرر والمساواة.. أن مبتكريها ومروجيها يقولون لنا أن سياستنا انتصرت وها أنتم معنا تصفقون وتحتفلون لانتصارنا..
ينبغي إن نواجه وهذه مهمتنا.. والحقيقة الساطعة هي ان النساء تحرر نفسها بنفسها.. الحقيقة التي لا نغفلها أبدا أن النساء حين تتحرر ستتحرر معها المجتمعات بأكملها.. إن تلوين الأيام العالمية سواء بالبرتقالي أو الأخضر أو الأصفر.. أو.. أو.. هي أيام بوعود كاذبة ومنافقة.. لامتصاص المناعة التي أفرزتها قضية المرأة ضد نظام الطبقية والتمييز.. إنها أيام لتهدئة الغضب العارم.. نحن نعي وندرك الأهداف الحقيقية لهذه المناسبات والأيام من كل سنة.. سنوجه الصفعات لوجوه وسنخرس أصوات تحاول بسط العار بالمفاصل الفكرية لحركتنا التحررية.. إنها جريمة منظمة ومعد لها سلفا في دهاليز نظام القهر والتمييز وبستار أممي وبنود ركيكة.. والغاية منها تفكيك النضال النسوي وإزاحته.. والهجوم على الإطار الطليعي المتين للحركة النسوية..
اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لهذا العام بلونه البرتقالي عقوبة جديدة يفرضها حقد النظام الرأسمالي على المرأة وقضيتها وعلى تقدمها.. ستحرر المرأة نفسها بنفسها من اجل إنسانيتها الكاملة.. وسيفرض القانون التحرري نفسه رغم انف أيامهم السنوية وما يعدون.. وهذا هو الحل الوحيد لإنهاء كل أنواع العنف والتمييز ضد الإنسانية بأسرها.. إن الجهات مبتكرة الأيام العالمية بكل ألوانها هي أول من يعادي المرأة وقضيتها ندرك ذلك تمام الإدراك..