وتاريخها يبدأ بظهوره



أكرم شلغين
2015 / 2 / 24

أفهم أن الفرد تكثر مشاغله عندما يرتبط ويبدأ بترتيبات لمرحلة قادمة ولكن لا يمكن أن تصل إلى الحد الذي يفتقد فيه الوقت كلياً ولايستطيع أن يقول أصدقائي طرأ هذا التطور في حياتي وهذا يعني أن وقتي أصبح ضيقا الآن وبالتالي سيكون ظهوري أقل أو سيختفي في الوقت الحالي، أتوقع مباركتكم ولو من بعيد ومساعدتكم لي بتفهمكم لحقيقة أن وقتي ضيق! السبب في هذه المقدمة هو اختفاء احدى الصديقات من الحياة المرئية، وعندما سألت عنها صديقات مشتركات كان الجواب انها "ارتبطت وبدأت حياة جديدة" وهذا يضطرني للكلام سريعاً ومرة أخرى بمسألة قد يعتبرها البعض في غاية الخصوصية وهي حدود حركة الفرد بعد "الارتباط".
وهنا يخطرني أن أطرح بعض الأسئلة تعليقا على عبارة "ارتبطت وبدأت حياة جديدة"، فالسؤال الذي يطرح نفسه باستباق هل الارتباط يعني ذوبان حياة الفرد الاجتماعية؟ وهل هذا ينطبق على الطرفين: الأنثى والذكر؟ هل أصبحت حياة تلك مخصصة فقط لأمور منزليه؟ هل تعبير "بدأت" يعني أن حياتها من قبل لم تكن أو لم تكن لتعني شيئاَ؟ وأسأل هنا عن حياة الفرد وتاريخه الذي تم حذفه وليس عما يندرج من عواطف بين الشريكين وتبقى مسألة خصوصية بحتة...! و"بدأت حياة" ماذا كانت تسمى حياتها قبل تلك العلاقة؟ مرحلة ما قبل الحياة..!!؟ مرحلة التكوين بانتظار البداية؟ هل من السليم أن يأتي شخص في غفلة من الزمن ويعلن لشريكته حياتك الماضية لا قمية لها وأنتظر منك أن تلغيها وبدايتك هنا وحياتك ابتدأت بظهوري بها!؟ هل تفعل الفتاة ذلك بطلب الشريك منها أم برضاها ودون أن يتكلم !؟ هل بقي صامتاً وتلقفت اشاراته الاجتماعية النفسية وتصرفت لكي يبقى "رجلاً" مرتاحاَ مطمئناً !؟ أم ترى هل فعلت ذلك لأنها اعتقدت أن حياتها من قبل كانت قائمة على أسس واهية ونسفتها عندما شعرت أن الأرض التي تقف عليها بدأت بالتيبس والصلابة تحت قدميها!؟ ان كان الاحتمال الأخير كذلك فببساطة هذا لن يجعلها كبيرة في رأي من عرفوها من قبل وتعاملوا معها على أسس صادقة وواضحة واعتبروها صديقة في يوم "مضى" واصبح قديما بعرفها "الجديد"!
وهنا أتوقف لأناقش موضوع هل وجود الشريك يعني انتهاء كل شيء فردي وخاص بحياة الواحد منا!؟ هل يعني أن حياة الفرد أصبحت مملوكة أيضاً، وربما أكثر من الذات، من قبل الشريك؟ ان كانت المسألة كذلك ببعدها الاجتماعي فهناك خلل يخرج من اطار كونه علاقة شراكة ليندرج بكل أمانة ضمن نطاق الظاهرة الغير صحية في علاقة الارتباط بين اثنين. وسؤالي الآخر الذي أجد أن طرحه ضروريا هو هل من الطبيعي لواحدنا ـ بتركيبتنا الاجتماعية، النفسية، بجملة ما تحمله ثقافتنا من أمراض وآفات اجتماعية، أن يحتفظ بعلاقاته مع الناس بعد وجود الارتباط؟ وأرى أن ما دامت علاقات ما قبل الارتباط كانت ضمن علاقات الصداقة والمعرفة والعلاقات الاجتماعية فالارتباط يجب أن يعززها بدلا من الغائها وانهائها ومحاولة الخلاص منها أو اعتبارها غريبة و لم تكن جزءا من تاريخنا...أما ان كانت العلاقة تتصنف تحت نطاق العلاقة العاطفية أو مشروع ارتباط وفشل لأسباب ما، فحينها لابد من إنهائها وهذا أمر مفهوم.
يبقى أن نتذكر سوية أن الارتباط يجب أن يكون بشكله الصحي انطلاقة فرح لكلا الشخصين وليس تقييدا لهما؛ يجب أن يكون حرية لهما وليس حبسا لواحد منهما، يجب أن يعني استمرار حياتهما الاجتماعية لا توقفها.