المرأة عميدة..يا دكتورة أم يا حاجة؟



حسام محمود فهمي
2005 / 9 / 17

تولية المرأة مناصب قيادية أحد الشعارات التي تَوأمَت شعار إتاحة الفرصة للشباب، شعار أُطلِق بالمعاكسة لتيار مطالب بإعادة المرأة لعصور ما قبل سطوع حقوق الإنسان. هل يمكن للمرأة أن تحصل علي وضع اجتماعي أو إداري غصباً من المجتمع؟ من الضروري أن نصل إلي بر الإجابة علي هذا التساؤل بنهاية إبحار مقالنا.
في المجتمعات الغربية التي سبقتنا اجتماعياً وديمقراطياً وعلمياً بمئات السنين استقرت أوضاع كثيرة من طول الممارسة وفرط الاقتناع الشعبي بها قبل إقرارها سياسياً. في هذه المجتمعات يتمتع كل فرد بحقوقه كإنسان، لا يجوز التعرض له ويستحيل التهوين من شأنه لجنس أو لون أو دين أو عرق، ولو حاول بعضُنا قلب الحقائق اخفاءاً لواقعنا المرير وتكريساً له. من الطبيعي إذن أن تحصل المرأة في إطار هذه المنظومة الاجتماعية علي حقوقها وأن تفرض علي السياسيين احترامها.
في غالبية المجتمعات العربية قبعت المرأة علي حالها، من غير المنظور أن تخرج من إسار وُضِعت فيه ولو خفتت أضواءُه ونَدُرَ هواءُه. أما في مجتمعنا وقلة من المجتمعات العربية فإن الأنظمة السياسية هي التي تحاول وضع المرأة في مراكز أعلي مما يسمح به إيقاع المجتمع، إنها تعمد إلي إظهار نفسها مشجعة للشباب، مدافعة عن الشعب، طامحة إلي التقدم، فلما لا تركب أيضاً موجة دفع المرأة لأعلي؟ وضعٌ بلا شك مصطنع، نباتٌ عديم الجذور تسقطه أي هبة هواء.
وُضعت المرأة في مواقع عدة، كثير منها متلائم مع طبيعة العمل ونظرة المجتمع، في التليفزيون، في المدارس، في العديد من المصالح الحكومية؛ ومع تحريك نداءات توليتها ما هو أعلي أُجلِست علي عمادة بعض الكليات. موقع شائك، خاصة في الكليات العملية حيث تشتد الحاجة إلي تكريس احترام العلم من خلال التأكيد علي إعلاء قيمة الاِلتزام في الحضور ومراعاة مواعيد البدء والانتهاء وإذكاء العمل بروح الفريق. إلا أن وجود جماعات لا تري في العلم أولوية وتتبع أسلوب ذبح القطط لكل من يتعامل معها، تبدو مهمة العميدة بالغة الصعوبة. ولايتها أصلاً يرفضونها، نقطة ضعف هائلة قبل أن تبدأ في التعرض لأي مشكلة يسببونها، ما أمامها لتهدئة الأجواء إلا الرضوخ، العلم وأخلاقيات التعليم القائم علي احترام المؤسسة التعليمية لن تكون إلا في أدني المراتب. عندما ترضخ إدارة السيدة العميدة لطلبة مدفوعين ومُحَرَكين لأهداف أكبر منهم ستعود العملية التعليمية ككل لعصور تخلف لا يُعلَم مداه. تنازلاتها ستتوالي، شيئاً فشيئاً ستؤول قيادة الكليات بوضع اليد لغيرها ممن ذبحوا القطط ونجحوا، سيتكرر نموذج التمرد ليشمل المجتمع ككل، لما لا وقد فشلت المؤسسة التعليمية في تكريس احترام العلم والنظام والتسلسل القيادي. فشل المؤسسة التعليمية في أداء رسالتها مرجعه في المقام الأول لخطأ نظام سياسي أعلي شعارات المنظرة قبل اعتبارات واقع لا يجوز تجاهله.
أما التعامل مع الزملاء والموظفين والعمال ففيه من المحاذير والحواجز ما يتعدي الحصر. زملاء السيدة العميدة يتفهمون في معظمهم وضعها، يحترمونها ويقدرونها. أما مع الموظفين والعمال حيث تأخذ نسبة التعليم والثقافة في الانخفاض وتغلب اعتبارات المجتمع علي متطلبات الثقافة والسياسة، فإن الأمر شديد الاختلاف، النظرة ليست للسيدة الدكتورة العميدة إنما للأستاذة أو الحاجة أو الهانم أو المدام أو الست. ليست مجرد مناداة، إنها رؤية مجتمع، ما يشده للخلف أكثر و أقوي مما يدفعه للأمام، أشد تأثيراً مما يحاول أهل السياسة فرضه لأسباب لا يقدرها سواهم.
لست ضد المرأة و لا ضد أي إنسان له حق، لكنني مع الملاءمة قبل المحاكاة، مع الواقع قبل الخيال، مع المنطق فبل التغني، مع الدكتورة في مكانها المناسب مهما علا، وأيضاً مع الحاجة أو الهانم أو المدام أو الست حيث يجب أن تكون ولو قبل العميدة،،