بائعات المترو ..ابتكار جديد



نظيمة سعد الدين
2015 / 2 / 28

تدنى المستوى الاقتصادى ،الحاجة ،العوز ،غياب الزوج ،اومرضة..عوامل كلها تدفع المرأة دفعاً الى سوق العمل،ونظرا لارتفاع معدلات البطالة ،دفعت العديد من النساء ابتكار اساليب جديدة لكسب الرزق،تجهيز خضروات،صناعة حلويات،تجارة ملابس،وهناك عدد ليس بقليل يقمن بعرض بضائعهن بمترو الانفاق،والذى يشهد اكبر تجمع نسائى يومى،ممايحقق لهن نسبة ربح لابأس بها..
اصبحت المرأة المصرية تمثل فى مجتمع الرقم الصعب ـ فلم تعد كما فى السابق نصف المجتمع والتى تقوم بتربية المصف الثانى،بل اصبحت فى احيان كثيرة هى العائل الوحيد للاسرة،لموت الزوج ،اوعجزة عن القيام بدورة ،فقد اكدت تقارير المجلس القومى للمرأة عام 2012،والتى اشارت الى ان
30% من الأسر المصرية تعولها امرأة ، كما تساهم المرأة في الناتج القومي لمصر بنسبة 25%، وتساهم في الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي، بحوالي 400 مليار جنيه سنويا .

فيما اكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن معدل البطالة بين النساء بلغ أكثر من أربعة أضعاف المعدل بين الرجال في عام 2010، حيث يصل معدل بطالة المرأة إلى 22.6%، ومعدل بطالة الرجل 4.9%، ووصلت نسبة المتعطلين من حديثي التخرج (المرأة) 20.5%، وترتفع هذه النسبة لنساء الحضر25.3% عن الريف 16.8%.

ما ان يتحرك المترو تفتح حقيلتها الجلدية القيمة وتبدء بعرض انواع المكياج المختلفة المستوردة التى تحملها معها،هى فى نهاية العقد الرابع وترتدى ملابس شيك وتضع على وجهها لمسات رقيقة من المكياج،اقتربت منها وسئلتها عن اسمها تبسمت وقالت لى :"امل"..وتكمل انا اصلاً اشتغلت ممرضة فى عيادة طبيب مشهور لمدة 18 عام وعندى خبرة كممرضة عمليات،بس للاسف بعد ماتوفى الطبيب حاولت الاستمرار فى مهنتى بكنى تعرضت لمضايقات كتير،من اكثر من طبيب حاولت العمل معهم،مما دفعنى للتفكير فى عمل يدر ربحاً دون ان يضايقنى احد،وتبتسم امل وضيف:اول مرة نزلت الشغل قعدت اسبوع اركب المترو ولكنى لا استطيع ان افتح الشنطة لاعرض بضاعتى ولكنى فمرت وقلت ،طب وبعدين،وتشجعت وقلت لنفسى انا ولا بشحت ولابسرق دى شغلة شريفة،واليوم الحمد لله ساعدت اربع سيدات للعمل فى المترو عندما وجدونى حققت نجاح نسبى،وتضيف "امل":انتى عارفة المصاريف،زوجى يادوب بيوفر ايجار الشقة وانا عندى 3بنات وولد عندة الان 27 ليسانس حقوق وبنت ليسانس اداب وبنت ثانوية عامة وواحدة فى الاعدادية.وتؤكد امل ان اولادها فخورين بها جدا.

اكدت "امل" انها مجرد ما بتحصل على مكسب 100جنية بترجع على البيت على طول،لمتابعة الاولاد وشئون المنزل .

وانا اقف مع امل فاجئتني "ندى" التي اقتربت منى وهى تحمل في يدها شنطة كبيرة تحتوي الكثير من أدوات المكياج، وتبيعها بأرخص الأسعار بقولها: انا بنت امل الكبيرة أنا خريجة ليسانس آداب قسم لغات شرقية ، وهو القسم الذي اكتشفت بعد دراسته أنه لا يوفر أي عمل بعد التخرج،حاولت العمل باكثر من طريقة ولكنى لم يحالفنى الحظ .فعرضت علي ةوالدتى ان اعمل معها فوافقت على الفور والحمد لله أحقق مكسبا لا بأس به.

وتكمل" ندى" : لكننا نعاني الأمرين من متسولي المترو الذين يحاولون فرض الإتاوات على كل البائعات، إلى جانب شرطة المترو التي تطاردنا كالمجرمين والحرامية، على الرغم من أننا مكافحات نجري وراء لقمة العيش، فنحن نبيع منتجات تباع في كل المحال، ولا ننصب أو نسرق حتى نطارد بهذا الشكل المهين.

تقول" احلام ": أنا موظفة حكومية ، وتوفيزوجى وترك لي 5 أبناء في مراحل التعليم المختلفة،منهم تؤم فى الثاموية العامة، ومعاش زوجي و مرتبي لا يكفي تعليم وأكل وشرب وايجار ومية ونور وملابس ودروس، لذلك لجأت لهذا العمل، فدخلت "جمعية" واشتريت بها إيشاربات وملابس حريمي، وأخرج من عملي الحكومي على عملي الخاص في مترو الأنفاق، وارتديت النقاب حتى لا يعلافنى أحد من زملائي في العمل، أوقاريبى ، أو أصدقاء أبنائي،وانا اقوم ببيع عدد معين من قطع الملابس اول ما اقوم ببيعها أعود للمنزل مسرعة لأتابع مذاكرة أبنائي، وتتسائل احلام لماذا تطاردنا شرطة المترو،نحن الانسرق نحن نبيع بما يرضى الله ،وتؤكد انه فى بعض الاحيان تستولي الشرطة على بضائعنا ، لماذا لا يسمحون لنا بالبيع في عربات المترو طالما لا نؤذي أحدا؟؟

ثلاث بنات فى عمر الزهور يركبن حاملات معهن ستةشنط كبيرة،ويبدءن فى عرض بلوفرات وباديهات وبرمودا ..يتبادلن النداء على تلك البضاعة فى تناغم تام بينهن،اقتربت من احداهن ،وسئلتها عن اسمها قالت :انا اسمى سهام على ، 21 سنة، طالبة بكلية آداب، والدي متوفى ووالدتي موظفة، لكن الحياة صعبة وكان لازم أنزل أشتغل عشان أزود دخل البيت ومصاريف دراستي مع أخويا ووالدتي، وطبعا الأول اهلى كانوا رافضين فكرة البيع في المترو تماماً، ولكنى اشتركت أنا و2 من زميلاتي، وجربت الموضوع ولما مشي معايا قلت لهم لكن التعرض للمضايقات الأمنية والإتاوات اللي بيفرضوها علينا بتوع الأمن والمتسوليين هي المشكلة الكبيرة في الموضوع وكمان الغرامات اللى بندفعها لما بيتقبض علينا بتاخد مكسب اليوم كله ،ودة بتخلينا طول النهار نبذل مجهود إننا نزوغ منهم.

تحكى" حياة" قصتها وتقول: أنا دبلوم تجارة، ومطلقة، وعندي بنتان وولد حاولت العمل في أماكن كثيرة لكن كانت الرواتب لاتكفى شئ، ولاتمكننى من تربية بناتي، خاصة أن والدهم رماهم، وتزوج، ويرفض حتى رؤيتهم، فنصحتني إحدى صديقاتي بفكرة البيع في المترو، أقرضتني مبلغا من المال لأشتري به أول بضاعة، وبالفعل اشتريت من الموسكي كمية من اكسسوارات لبحريمى، وبدأت عملي في المترو.

تضيف "حياة ": أعمل مع انطلاق أول قطار، حتى الساعة الثانية مساءاً، ثم أذهب الى البيت،لاعد الطعام للاولاد واتابع دروسهم ، وتؤكد حياة ان اصعب ماتواجهة هى معاملة شرطة المترو التي تهينني وتسمعني اقذر الشتائم، وكأنني أسرق الراكبات.


اما " سهام " وهي إمرأة يبدو أنها تجاوزت الثلاثين عاما من عمرها كانت تبيع "كشافات "لتقص قصتها قائلة بأن زوجها طبقها لانها لا تنجب اولاد ،وليس عندها غير امها المريضة،لذلك كان يجب ان تجد عملاً وهى فى سن لايسمح لها بالعمل فى اى وظيفة حكومية ،فأضطرت هام للتفكير في أي سبيل تستطيع من خلاله تكسب رزقها فساعدتها جارة لها ووصلتها لتاجرة تعطيها عددمعين من الكشافات يومياً ،على ان تسدد ثمنهم اخر النهار ،ويخرج لها مبلغ يكفيها بالكاد . وتؤكد سهام انه فى بعض الاحيان بيغلس عليها احد اعضاء الشرطة ويأخذون كشاف او اتنين،ودة معناة ان اليوم كلها ضاع مكسبة.


اما "ابتهال" تلك الفتاة العشرينية والتى تبيع منتجات عطارة ،فلفل اسود كمون طين مغربى بودرة تلج،اكدت انها تساعد والدها "العطار" بأن تبيع منتجات العطارة والتوابل فى عربات المترو. وتؤكد ابتهال انها لا تجد حرجًا من البيع لان البيع أفضل من الشحاتة ببيع المناديل او ان استدر عطف الناس.

تقول د. يمن حماقي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس: أنه لا بد من تنظيم عملية البيع التي تتم حاليا بشكل عشوائي بمعني انه يتوجب علي الدولة توفير أماكن محددة للباعة الجائلين تضمن لهم العمل بشكل منظم وتوفر الحماية القانونية ولا سيما البائعات علي أن يدخل ذلك في الخطة الإستراتيجية للتمكين الاقتصادي للمرأة ، حيث أشار مؤتمر "دافوس " أن العمل علي تحسين مشاركة المرأة اقتصاديا في مصر من شأنها أن تنقل الاقتصاد المصري إلي وضع أفضل بكثير، ولقد رأينا أن المرأة قد لعبت دور هام جدا في النمو الاقتصادي في دول عديدة مثل الصين وجنوب كوريا وكانت عاملا هاما من عوامل تقدم هذه البلاد .