عماله الاطفال بين سندان الحكومة ومطرقة الفقر : الحكومة تغض البصر.. والفيوم تغرق فى عمالة الاطفال وتصنف الاولى بنسية 44%



نظيمة سعد الدين
2015 / 3 / 2

الهجرة الداخلية والتفكك الأسرى والفقر والامية عوامل اساسيه فى تفشى ظاهرة عمالة الأطفال والتى تنتشر بصورة مخيفة بمحافظة الفيوم ، التى احتلت المرتبة الأولى بحسب دراسة بحثية لمؤسسة " تريدو زوم " السويسرية ، أكدت فيها أن المسح القومى لظاهرة عمل الأطفال فى مصر الذي قام به المجلس القومى للطفولة والأمومة 2012 أن هناك 2.76 مليون طفل عامل فى مصر يمثلون نحو 26% تستحوذ الفيوم وحدها علي 44% من هذه النسبه ماقيمتة 1.2144مليون نسمة فى محافظة تعدادها في 1 / 7 / 2014 حولي 3 ملايين و115 ألف نسمة بحسب الدراسة .

فيما تمثل تلك الظاهرة تحدياً كبيرا لجميع الدول العربية ،حيث ما تزال هذه الظاهرة تمثل مشكلة اجتماعية كبيرة وتحدياً غير عادي يواجه حكومات ومجتمعات معظم بلدان العالم العربي.. وتشير دراسات صدرت في العام 2003 إلى وجود ثلاثة عشر ونصف مليون طفل في أسواق العمل في الدول العربية.

و قدرت بعض هذه الدراسات عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل في العام 1998 في مصر وحدها بنحو ثلاثة ملايين طفل في الفئة العمرية بين 6 – 14 سنة .
وكانت من أبرز الأسباب التي تقف وراء تنامي ظاهرة عمالة الأطفال تلك المتصلة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي شهدت تراجعاً كبيراً منذ ما يقرب من ثمانية أعوام مما أدى إلى تزايد معدلات البطالة والفقر خاصة في ظل تطبيق قرارات الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ مطلع عام 1995 .

والغريب أن الفيوم بحسب مقاييس التنمية الاقتصادية لابد أن تكون قاطرة النمو والتقدم الاقتصادى بإعتيارها محافظة غضة تشكل شريحة الاطفال بها نحو 50% من السكان ،إلا انها تحولت الى قنبلة موقوتة فى طريق التطور والتقدم ، باحتلالها المركز الاول بين المحافظات الاكثر امية بحسب إشارة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بنسبة ٣-;-٧-;-% من إجمالى ١-;-٧-;- مليون أمى لا يجيدون القراءة والكتابة.ويمثل الاطفال فيهم اكثر من 50% ، 15% منهم يتسربوا من التعليم لاعاله اسرهم بالعمل في مهن لا تضمن لهم ادني مستوي من الحماية ولا تخضع لرقابة الدولة مثل الورش الحرفية والعمل في قطاع الزراعة وسواقة التكاتك .وحسب دراسات مسحية لقرى المحافظة قلمت به مجعية نهر الخير،فأن هولاء الاطفال المتسربين من التعليم 50% منهم الأب متزوج غير الأم 25% من هؤلاء الأطفال ولى الأمر مريض ولا يستطيع العمل 25% من هؤلاء الأطفال العائل متوفى.

ومن مشاهدتنا الميدانية وجدنا ،منذ الوهلة الاولى وفى موقف السيارات التابع للمحافظة فى المنيب ترى ان غالبية التباعين في السيارات التابعة للمحافظ من الاطفال ،لاتجد بينهم شباب او رجال مثل سائر المحافظات.
وسرعان ماترى الصورة اكثر وضوحاً عندما تصل الى مدينة الفيوم او اى من مراكزها،ففى اى من الورش المنتشرة فى المدينة لا يقل عن 3 اطفال يقومون بعمل الورشة بكاملها وصاحبها مجرد مشرف غير امين ،وبالرغم من برودة الجو وقتها لاتجد شارع خالى من طفل صغير لايتجاوز عمرة العاشرة ،يشمر عن ساعدية ليقوم بغسيل السيارات بدلامن ان ينتظم فى مدرستة.واذ مررت باى ارض زراعية لاتجد سوى الاطفال،اطفال يسوقون الحيوانات ويزرعون ،قلما وجدت بالغاً يمارس هذة الاعمال ،فى تلك البقاع الممتدة،ولما لا فى محافظة تحمل فى جنباتها 44% من نسبة عمالة الاطفال فى جمهورية مصر العربية كلها،اى يقوم اطفالها بأعالة اسرهم بدلاً من البالغين.

أكد أحمد حسان الناشط فى مجال حقوق الإنسان :ان الاطفال يعملون فى ظروف وشروط عمل شاقة تتضمن مخاطر حقيقية ، مثل استخدامهم لأدوات عمل تسبب لهم الإصابات ( الجروح والكسور ) وتعرضهم لمخاطر التعامل مع المبيدات الزراعية ( التسمم والأمراض الخطيرة ) وكذلك للمخاطر الناتجة عن طول يوم العمل ، والإرهاق الشديد ، والمعاملة السيئة من المشرفين ، وأصحاب العمل ، وما يصاحب كل ذلك من أمراض مزمنة.

واشار حسان الى الاستغلال الاقتصادى لهولاء الاطفال ، والذى يتجلى فى عدد من الأوضاع مثل بدء العمل فى سن مبكرة ( أقل من 7 سنوات ) ، وهو ما يمثل تحديا صارخا لأحكام قانون الطفل , واستمرار ظاهرة مقاولى الأنفار ( يستحوذون على جزء من أجر الأطفال ) ، وانخفاض أجور الأطفال ، وزيادة عدد ساعات العمل اليومية بالمخالفة لأحكام قانون الطفل ومستويات العمل الدولية . وحرمان الأطفال من كافة أشكال الحقوق المتعلقة بالأجازات والراحات الأسبوعية ، وحقهم فى الحصول على أجورهم عنها وذلك بالمخالفة للاتفاقيات الدولية والتشريع المصرى.
الأسباب ..

أكدت الدكتورة سناء هارون عميد كلية رياض الأطفال السابقة بالفيوم ان التحولات الأقتصادية العميقة والجذرية ،والمشاكل الاقتصادية المتفاقمة ، كان لها الدور الأكبر في انخفاض مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، و تزايدهما وأرتفع عدد الأسر الداخلة في نطاق الفقر، مما دفع بعضها إلى تشغيل أطفالها بهدف توفير لقمة العيش لأفرادها، خاصة الأسر الكبيرة الحجم.او تلك الاسر الذى سافر عائلها الى خارج البلاد او الى احدى المحافظات الاخرى لتوفير لقمة العبش ومن ثم تحول اطفالها الى عوائل لها، بالأضافة الي تدني مستوى تعليم الأبوين ووعيهم بحقوق وحاجات أطفالهم وأنتشار العنف الأسري، هي عوامل أخرى تدفع الأطفال للتوجه إلى سوق العمل.
اكدت هارون ان هناك بعض الدراسات اشارت إلى أن سوء المعاملة التي يلقاها بعض الطلاب في المدارس وضعف التحصيل الدراسي وعدم اقتناع بعض الآباء غير المتعلمين بجدوى تعليم أبناؤهم، بالإضافة إلى ضعف جانب التحفيز على الإبداع في المدارس، وقلة البرامج والنشاطات اللامنهجية فيها، كلها أسباب تؤدي إلى تسرب الطلاب من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل. كما يشجع بعض أصحاب العمل على تشغيل الأطفال لديهم لأسباب تتعلق بانخفاض أجورهم، ولإمكانية تشغيلهم ساعات طويلة، ولسهولة إدارة عملهم وتوجيههم (أي ما يسمى بأوامر العمل) ولسهولة إنهاء خدماتهم دون الدخول معهم في نزاعات عمل.

مخاطر..

اشار الجهاز المركزي للتعبئة و الاحصاء فى تقريره الاخير ، أن أكثر من ثلث السكان المصريين أطفال (أقل من 18 سنة) عام 2014 و يقدر إجمالى عدد الأطفال المصريين (أقل من 18 سنة )حوالي 31.4 مليون طفل حيث يمثل هذا العدد 36.1% من إجمالى السكان فى منتصف عام 2014،حيث بلغ عدد الأطفال الذكور حوالى 16.3مليون طفل بنسبة 18.7% وعدد الإناث حوالى 15.1 مليون طفلة بنسبة 17.4%.
وأشار التقرير أن نسبة الأطفال أقل من سنة بلغت 6.1% ، كما بلغت 23.9 % للأطفال فى الفئة العمرية سنة إلي اربع سنوات، 29.1 % للأطفال فى الفئة العمرية خمس سنوات إلي تسع سنوات، 26.1% فى الفئة العمرية عشر سنوات الي اربعة عشر سنة 14.8 % للأطفال فى الفئة العمرية خمسة عشر سنة الي سبعة عشر سنة.

قال " سعيد حسنى -مسئول وحدة البحوث بمركز الارض أن الاطفال يمثلون حوالى 40% من تعداد السكان فى مصر ،وكان من المفترض ان تشكل قوة دافعة للاقتصاد والتنمية ولكن تردى الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاسر فى مصر وعجز الدولة عن قيامها بمسئوليتها واهمالها فى القيام بدورها فى توفير الحاجات الاساسية والخدمات العامة بسبب ،تطبيق سياسات الاصلاح الاقتصادى وطرد الفلاحين من الارض التى ادت الى ارتفاع نسبة الافراد الذين يعيشون تحت خط الفقر فى الريف من 22.7% الى 25.3% وفى الحضر من 32.34% الى37.59% .


فضلا عن أن غياب التدخل الإيجابى من قبل الدولة للحد من الظاهرة أصبح أمرا يطرح على جميع المهتمين بحقوق الأطفال مهمة عسيرة للتدخل من أجل تعديل كافة القوانين المنظمة لعمالة الأطفال لتحسين ظروف عمل هؤلاء الأطفال وخاصة بيئة العمل وشروط العمل مع غلق كل مصادر تسرب الأطفال لسوق العمل للحد من الظاهرة , وإخضاع القطاع الغير رسمى للاقتصاد المصرى والذى يتضمن الصناعات متناهية الصغر مثل الورش غير المرخصة والذي نما بشكل ملموس خلال السنوات العشر الأخيرة ، من 2.5 مليون وحدة عام 1988 إلى 3.8 مليون وحدة عام 1998 بزيادة تقرب من50% ويبلغ عدد الوحدات غير الرسمية نحو 85% من إجمالى الوحدات الخاصة صغيرة الحجم إلي رقابة الجهاذ الحكومي .

ولتفاقم وتضخم المشكلة عجزت منظمات المجتمع المدنى وحدها على احتوائها ،ولكن قد قامت بعض تلك المنظمات بالعمل مع بعض القطاعات التى يعمل بها هؤلاء الاطفال كنهر الخير ،ومصر الخير والتى اختارتا اطفال المحاجر للعمل معهم ،ولذلك كان لابد من عدة خطوات للتمكن من حلها..
*لابد من توسيع الحماية التشريعية للأطفال العاملين لتشمل القطاعات الأكبر فى عمالة الأطفال سواء فى الريف أو كخدم فى المنازل أو عمالة الأطفال لدى ذويهم، كمرحلة لتوفير حماية تأمينية لهؤلاء الأطفال والحد منها، لحين الوصول إلى الهدف الإستراتيجى وهو القضاء على عمالة الأطفال بكافة صورها.
*بجل خلق آليات فعالة لرصد الظاهرة والوقوف على حجم الظاهرة الحقيقى.
* يجب تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى كشريك أساسى فى عملية الرقابة على المؤسسات التى يعمل بها أطفال.
*هناك ضرورة للاستماع إلى الأطفال العاملين وإشراكهم عند التخطيط للحد من الظاهرة.
*هناك اهمية كبيرة لرفع وعى المجتمع تجاه مخاطر عمل الأطفال وتأثيرها على نمو الطفل.