حصص النساء في أجهزة الأحزاب بين الرفض والسكوت ...ماذا تقول فلسفة النوع الاجتماعي ؟



مليكة طيطان
2005 / 9 / 18

المثير للجدل داخل الأحزاب المغربية - وطبعا المسألة لا تتجاوز هذا الحد - هي النقاش الدائر بخصوص التنصيص القانوني على نصاب النساء في الأجهزة التي تتكلف بتسيير الشأن الحزبي وطنيا ومحليا ...القضية كما تناقش داخل لجنة الداخلية بمجلس النواب ( الغرفة الأولى بالبرلمان ) أثارت أفعالا وردود أفعال ، طرف معارض يركز على الضوابط والمنطق القانوني وتحديدا الدستور وطرف آخر تتزعمه في الأغلب نساء البرلمان يشجب ويحتج على الطرف المعارض ويعتمد في تبريراته على ما يبسطه خطاب الثقافة النسائية في بعدها الحقوقي ثم طرف ثالث موقفه المؤيد يستحق التأمل
اذا حاولنا سبر أغوار الطرف الرافض لمسألة النصاب النسائي داخل الأحزاب منطقيا مبررات وحيثيات الموقف مقبولة شكلا ، هذا الطرف وللإشارة ينتمي الى الأحزاب التي تدعي بأنها محسوبة على الصف الديموقراطي و كنموذج الاتحاد الاشتراكي ويتخد من المعطى القانوني خصوصا الدستوري سندا من أجل الدفاع على الموقف، فالدستور ينص على أن الرجال والنساء متساوون في الحقوق والواجبات ، أيضا مسؤولية المجلس الدستوري حاضرة بخصوص دستورية المشروع ... أما بالنسبة للطرف الموالي -أي المتشبت بما يتوهمن بأنه حق وجب انتزاعه فهن نساء البرلمان جميعهن ومهما كانت طبيعة السقيفة التي يحتمين بها (أحزاب يمين أو أحزاب يسار ) هذا الالتحام فرضه محرك نفعي هو نفس المحرك الذي متعهن بمقعد مريح داخل قبة مجلس النواب بفعل الإستثناء الذي تم فيه التحايل على الدستور من أجل وضع لائحة وطنية خاصة بالنساء منحت لهن هذا الامتياز بدل أن ينتزعنه بمعارك نضالية ...أما الطرف الذي أبدا موقفا مرنا بخصوص تمتيع النساء بنصاب يوازي حجم نضالهن داخل الأجهزة الحزبية فإن الأمر يتعلق بموقف الحزب الذي يتخذ من الإسلام قاعدة اديولوجية - رغم أن الدستور وكذلك مشروع قانون الأحزاب يمنع إنشاء أي حزب على أساس عرقي أو طائفي أو لغوي أو ديني - وقوفا عند هذا السلوك الاستثنائي من طرف حزب يشتغل بالدين لابد أن ننتبه جيدا الى دور النساء في تحقيق امكانية اختراقه داخل النسيج الجماهيري الأمر الذي مكنه من امتيازات تغيض الطرف الديموقراطي والإشارة هنا الى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي عبر عن غيضه بالواضح وبالمرموز بل تجاوز الأمر الى طلب العون من جهاز السلطة من أجل كبح جماح هذا المد الحزبي الذي يتخد من الديني وسيلة من أجل مخاطبة روح المواطن التي تستدعي العاطفة ، ولكي لا أطيل فقط أركز علىتوجيه وتحديد الدوائر الانتخابية لهذا الحزب ، أيضا أود أن أشير وأنا أناقش هذا الموقف الغريب لحزب مناولته الاديولوجية هي الدين ولسنا في حاجة الى الوقوف على موقف مثل هذه التنظيمات في العالم الإسلامي من المرأة التي تعتبر وانطلاقا من استغلال لكل ما يرد في المصدرين (القرآن والسنة ) وكذلك كل المناولات من قول أو فعل أو ...أو ...تتخذ من المرأة سببا للانكسار والانهزام بل وتقويض دار الإسلام لدا وجب النظر والتعامل مع المرأة كعالة فهي عي وعورة فداووا العي بالسكوت والعورة بالبيوت ...اذن حري بنا ونحن نستعرض هذا الموقف من طرف الحزب الإسلامي التأمل مليا ....أكيد في هذه الحالة وأمام الموقف المصلحة ارتأت القفز على الضوابط الدينية ولما لا ما جرى به الجانب السلبي من الموروث التقافي من عادات وتقاليد ...بكل تأكيد موقف يستحق قراءة عميقة فاللحظة السياسية تتطلب استغلال كل الإمكانات المتاحة من أجل الانتصار والمرأة طبعا زاد لا ينظب ومرد خصب حينما تستدعي الضرورة ذلك ، بعد ذلك فالقضية ستتخذ بعدا آخر بطبيعة الحال يستدعيه الديني الساكن و الكامن فيهن والمقتنعات به ، فالحريم يستوعب جيداخطوات اللعبة على الأقل في مرحلة البناء وبعد ذلك الكلمة للرجل والمناسبة نستحضر فيها حقيقة تاريخية مشابهة رغم أن المنطلق والأهداف متباينة تماما والأمر يتعلق بموقف بعض رجالات المعسكر الشيوعي وأكثر تحديدا الإتحاد السوفياتي حينما رددت أصوات نداء رجوع المرأة الى مكانها الطبيعي ( المنزل ) لأن مرحلة البناء انتهت
والآن أرى من الضروري طرح مجموعة من التأملات ونحن نتمعن في طبيعة جدل دائر وحاد فضاؤه قبة البرلمان ...أبطاله من يمثل الأمة والقضية محور الاهتمام طبعا يستحضر فيها النوع الإجتماعي...أمام هذه الوضعية نحن بصدد صراع حقيقي بين الجنسين ، مهما تكن توجهات وطبيعة فكر ومرتكزات أي طرف فإن المحرك الأساسي هو المصلحة الخاصة ...نعم استطاع الذكر استضمار التواجد النسائي داخل البرلمان وبحجم لم يكن في الحسبان بفضل اللائحة الوطنية التي قدمت للجميع خدمة في طبق من ذهب وبالتالي فالمسألة لم تنزع منه حقا حكرا عليه فقط ...كل ذكر يرى أن مزاحمة المرأة إزاحة له ...قبل اللائحة الوطنية هل يسمح الذكر وبما فيها الأحزاب المحسوبة على الصف الديموقراطي كما يدعون أقول هل كان من الممكن أن يتاح للمرأة الترشح في الدوائر التي يقولون عنها بأن الترشيح فيها هو سياسي بالأساس ؟ قطعا يستحيل ...وشهد شاهد من أهلها ، هذه احدى النساء المنتميات لحزب الاتحاد الاشتراكي منذ عقود في كلمتها والمكتب السياسي يقيم احدى انتخابات التسعينات - أي قبل اللائحة الوطنية - قالت بالحرف (....لو أتيح لنا الترشيح في الدوائر المريحة والمميزة والتي يكون فيها الترشيح سياسيا لتمكنا من خوض الحملة الإنتخابية مصحوبات بالكانيش ) .اذن هكذا ينظر الرجل الى اشراك المرأة كمسألة من أجل إضفاء شرعية من صنف خاص هو بكل صراحة تعتيم ، نعم تعتيم حينما تستغل المرأة كأثاث زخرفي يؤثث فضاء الأحزاب ...بل وحينما يجود يجعل منها في الانتخابات الجماعية أ والتشريعية يجعل منها قطع غيار الهدف منها تغطية الدوائر المرفوضة من طرف الرجل
أما الوجه الآخر لهذا التأمل فيمكن تتبع خيوطه ونحن نستعرض طبيعة أحزاب أعلنت عن استقالتها من الفكر والفعل داخل السياسة منذ مدة ...أحزاب همها يتقوقع داخلها فقط ولا تفكر في اختراق حدود المنزل الا عندما تقتضي الضرورة ذلك وبالضبط في الحملات الانتخابية، فبمسافات ضوئية ابتعدت عن الاجتماعي ونفس الأمر بالنسبة للسياسة سواء الداخلية أو الخارجية ... نعلم جيدا أن المغرب في وضعية سياسة ودبلوماسية لا يحسد عليها ...تكالب معطيات شتى من أجل ممارسة تعتيم عن دولة مظلومة في جغرافيتها وتاريخها لكن المطروح أين هي الأحزاب التي من المفروض أن تكون في مقدمة الفاعلين الذين يجب أن يخترق فعلهم حدود الزمن والمكان ...؟
إنها منشغلة ومازال المزيد في صراعاتها الداخلية الجوفاء بعد أن رتبت وترتب الأثاث وفق المزاج ، أيضا لايجادل اثنان بأنه يمكن تصنيفها جميعها في خانة واحدة وبالتالي لا تضيع الوقت في إمكانية التصنيف وستتضح الأمور في الحملات الانتخابية حيث يتوحد الفعل والممارسة والخطاب وموعد 2007 ليس ببعيد
غريب أمر هذه الكائنات المنشغلة بمواقعها فقط والآن تتحدث عن موقع النساء داخل مقاولاتهم الحزبية ...أي والله مقاولة الحزب العائلة وجرد بسيط لنساء البرلمان نتوصل بنتيجة الانتماء الأسري أو القبلي العشائري فلا تستغرب أيها الحوار المتمدن حينما تعلم بأن أسرة بكامله تستظل تحت قبة البرلمان ، الأب والابن والزوجة ربة بيت زفت في هودج الحزب المقاولة فالأهل والخلان تنقصهم الخادمة والمطبخ وها نحن أمام ظاهرة تستحق كما قلت التأمل ، أما الغريب العجيب فحينما يزيح صاحب المقاولة الحزب نفسه لكي يفسح المجال لأخته فيانتظار تحقيق إمكانية الاستوزار
أي تعبير سياسي يصدر عن هذه الأحزاب...؟ اللحظة وبكل المقاييس يغيب فيها التعبير السياسي الحزبي سواء إزاء قضايا خارجية وللأسف كرسينا فارغ ، كذلك القضايا الداخلية ...أثار انتباهي كلمة رئيس الدولة في خطاب 18 ماي 2005 جهرا ينذر بنتائج وخيمة لا قدر الله وأن الآفات والمآسي الاجتماعية وفي مقدمتها الفقر ستستفحل اذا لم ينخرط المغرب في مبادرة تنمية بشرية تجعل الإنسان محور الاهتمام ...رئيس الدولة كان كذلك والسؤال المفروض على الأحزاب الإجابة عنه هل ما زالت تتمتع بعطلتها الطويلة المدى ؟
نعلم جيدا أن لا علاقة تربطها بالإجتماعي وبالتالي فدورها انحصر وفي علاقتها بهذا الأخير حين تستدعي الظرفية الانتخابية هذا التواصل ...بعد ذلك وكما دأبت العادة ينزل الريدو
ولكي أختم تأملات فرضها مشهد سريالي للأحزاب أ شير الى أن التحالف الذي يغترف من روائع الفعل السياسي والبديل الذي نأمل أن يملأ فراغا حصل ، أمل انتظرناه لكي يلتحم مع الجماهير خصوصا وأنه ثمة روافد تغذيه لا تحتاج الى تفصيل في التعريف بها نتلهف وباستمرار الى تدبير شأنه الحزبي وكذلك السياسي لكي يحمل مشعل التغيير لكن الصدمة أن يستهلك زمنا قياسيا في الجدل و أن تكون محور اهتمام قضية صغيرة وصغيرة جدا تلهيه عن تدبير المهام السياسية ذات الثقل وطنيا ودوليا ...لا أفهم أن يستنزف الجهد والزمن من أجل تحقيق امكانية اندماج مع جمعية نحترم ونقدر زعماؤها عقدوا العزم على فك ارتباط بحزب انفرد به لصوص للنار والدار وكان الانحراف الذي رمى بمن له حس قيمي خارج الدار ،وتبعا لما تبسطه أدبياتهم وقبل الانفصال يتأكد أن إلتزامهم ووفاؤهم للديموقراطية لا يمكن أن يختمر الا من خلال تربية جديدة في أحضان اليسار لسبب بسيط يتمثل أساسا في أن قيمتهم رمزية أكثر مما هي عددية ...أيضا هم لا يخترقون محور الرباط الدار البيضاء ... نعم تربية جديدة لأن التجربة أتبثت أن كل الأحزاب أو الجمعيات التي تحمل جينات الحركة الاتحادية لا تسلم من تأثير هذه الرواسب

الجدل حول تخصيص نصاب نسائي داخل الأحزاب هو صورة لتخصيص هذا الامتياز للمرأة في الفضاءالعام من أجل تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين لكن نأمل ألا يكون تحقيق المبتغى عن طريق الهبات ...أن ينتزع وبمعارك نضالية لأنه بالفعل ثمة صراع كما تقره فلسفة النوع الاجتماعي بين الجنسين ولما لا التفكير في إنشاء أحزاب نسائية