الخريف العربي انتكاسة في حقوق المرأة وحريتها



فواد الكنجي
2015 / 3 / 7

"بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار2015"

أصبح واقع المرأة في عموم منطقة الشرق الأوسط ، وليس في العراق فحسب، معرض لمخاطر حقيقية في تقويض حريتها في المجتمع وعلى كافة أصعدة الحياة ، وهو الأمر الذي يستوجب من مناضلي الأمة وأحرارها والساعين إلى الحرية التوجه لتوحيد جهودهم من أجل الوقوف ضد أي توجه يقوض حياة المجتمعات الشرقية و حرياتهم لبناء الديمقراطية ودولة المواطنة ليتمتع فيها الجميع بكامل حقوقهم، بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية وانتماءاتهم الدينية والسياسية ومرجعياتهم الفكرية. فالإحداث التي تضرب المنطقة بتنامي الحركات إلا سلامية المتطرفة والتي برزت على شكل تيار شوفيني متزمت يكفر الأفكار الاشتراكية والديمقراطية والعلمانية ويطرح الإسلام السياسي المتطرف مشروعا لمواجهتها في عموم المنطقة، وقد أتت هذه الموجة نتيجة حرب( أفغانستان) اثر تجنيد شباب منطقتنا العربية لجهاد هنالك باسم الإسلام، و عبر ما اخذ الإعلام الرجعي لمشايخ الجهل والتخلف وكل من هب ودب بالإفتاء وبإشاعة فكرة الجهاد بين الشباب لنصرة مسلمي أفغان ضد تدخل الاتحاد السوفيتي - آنذاك - لحد من الحروب ولاقتتال الداخلي فيها، و التي وصفوها المشايخ بقوى الكافرة، وعلى ضوء سيادة الجهل، اكتسب التطرف الديني شرعيته الثقافية، ليتم تصور التحرر والانفتاح بأنه خروج على الدين والتقاليد الإسلامية، وعبر تقاطر الأموال وتمويل هذا التطرف من بعض دول الخليج ومشايخها، الذين جاهدوا في تكريس وإشاعة الفكر السلفي الوهابي التكفيري وفرضه بقوة السلاح الداعشية والنصرة والقاعدة وأذيالهم في عموم بلدان الشرق الأوسطية والذي إثارة النعرة الطائفية والمذهبية، ليتم إقصاء الأخر اما بطريقة فرض الإسلام السلفي عليه او خياره بين الطرد و القتل وتغير ديانته ومذهبه.
لثبتت هذه التجربة لـ(الإسلام السياسي ) في أحداث (الخريف العربي)، بأن التدين وتسييس الدين في السلطة والدولة والمجتمع والفرد، يضع المجتمع برمته في حالة من الفوضى العارمة، الفرد .. والمجتمع.. والدولة .. والدين .. والطائفة .. والمذهب، والكل دائر في الصراع،" الجميع مع الجميع، السلطة بمواجهة الفرد، والفرد بمواجهة الدولة و الدولة بمواجهة المجتمع، والمجتمع بمواجهة الدين، والطائفة بمواجهة الطائفة والمذهب بمواجه المذهب"، لتصبح آفاق المستقبل والحرية بمواجهة قيود التخلف الديني والمذهبي والعقائدي، ليتم خلط أوضاع رئسا على العقب، لتتشابك العقد و تتداخل مع بعضها البعض فلا تعرف الحابل من النابل فتخلط المعايير بعضها البعض، فيصبح الحرام حلالا والحلال حراما، فيجوز لهذا الفعل او ذاك، شرا كان ام نقمة، تسويقها وشرعنته وفق فتأوي شخصية لمشايخ الجهل والكفر، ليصبح هو الرقيب ..والمراقَب ..والأمر .. والناهي..و كتفويض ألاهي مطلق وفق تسييس وازدواجية لا حدود لها، فأحزاب الإسلام السياسي التي ظهرت بصورة داعش والنصرة والقاعدة وإخوان تحاول إعادة إنتاج الدولة والمجتمع على مقاييسها، لتنقل المسلم من واقع اجتماعي متسامح ومتعايش كما تعودنا رؤيتهم خلال العقد الماضي مع الآخرين المغايرين له دينيا ومذهبيا وقوميا وطائفيا إلى واقع اجتماعي منغلق متصادم ليس مع الأخر فحسب بل حتى مع بعضهم البعض بين النصرة وداعش وبين القاعدة والإخوان وهلم جرا ،الكل حاول فرض أرادته على الأخر .
فهذه الاسلمه هي في جوهرها فعل مضاد للطبيعة البشرية التي خلقت على التنوع والتعددية واللامحدودية في خياراتها العقلية وميولها الغريزية، وهذا ما يجعل الهوية الإسلام المتأسلم بالشكل الذي نراه في منطقتنا العربية ، تضع الفرد بمواجهة الآخر المختلف عنه دينيا أو مذهبيا وقوميا لدرجة الاقتتال كما هو الحال في المشهد العربي اليوم .
لان التدين أو اسلمة المجتمع بالطريقة (الخريف العربي) هي محاولة عنفيه قسرية لجعل كيان الدولة متثوبة بعمامةً و عقائد دينية غير متفق أساسا على أحقيتها بين رجال الدين أنفسهم وليس مع رجال الفكر و الفلسفة .
بكون الدين – أي دين ، إسلامي او مسيحي او بوذي او يهودي - هو بنية فكرية كالعلم والأدب والفن والفلسفة، أي انه نظام من أفكار تتعلق بتطور الوعي الاجتماعي للإنسان عبر التأريخ ولا اعتراض على أحقية أي دين أو عقيدة في النمو والتطور والتبشير والانتشار، كل حسب اعتقاده وتصوراته وهذا شان الحياة في الوجود ، وهذا البناء هو بحد ذاته أمر طبيعي في النشأة والخليقة، ولكن ما هو غير طبيعي ان يصبح الدين اليوم متموضعا في قلب الحدث السياسي المتحكم بمصائر شعوب بلدان الشرق الأوسط ومحيطه، فالهوية السياسية لكل من السلطة والدولة في أغلب هذه البلدان أخذت بالتحول المفاجئ من العلمانية إلى الإسلامية المتطرفة، لا ترى في السلطة إلا خيارا من خيارات الحكم الإلهي الواجب فرضه على المجتمع ، بأي شكل وبأي طريقة ومهما كلف الأمر ، فيتم تجنيد الشباب ممن تم لهم غسل أدمغتهم بالفكر الإسلامي التكفيري وعبر مشروع الجهاد في سبيل العقيدة ولاستبدال أنظمة الدول العربية العلمانية بالسلطة الإسلامية المتطرفة لتعم الفوضى كما شاهدنا في المشهد العربي في ما سميي بـ(الربيع العربي) والأحق ان نطلق علية اسم ( الخريف العربي ) ألان كل الوقائع التي أفرزتها الإحداث لم توحي لنا بشيء يقارب او يقارن بـ(الربيع)، لأننا وجدنا الدماء تسيل انهارا في الشوارع العربية، ورأينا استهداف المواطنين على الهوية ،شيعينا ،سنيا ،مسيحيا وهو الأمر لم نشده سابقا... فأي ربيع هذا ...؟ انه مظاهر لـ(الخريف ) بدون ادني شك ..! الا بالنسبة حاملي فكر الأجرام والقتل والتخلف فهو حقا عندهم (ربيع ) لان الأوضاع التي تفاقمت على الساحة العربية ، فتحت لهؤلاء عنان لغرائزهم الحيوانية و لجرائمهم، لان أغلبية هؤلاء مما نزل الشارع كان خلف قضبان السجون والمعتقلات الإجرامية ومهمشا اجتماعيا وفكريا وثقافيا لا احد يبالي بهم ومن هنا نقول بان ما افرزه هذا الواقع هو خريف بكل المقاييس، ليدخل الغرب الاستعماري على هذا الخط ليشجع ويغض النظر عن تقاطر المتطرفين الى منطقتنا بكون مشروع التكفير الأخر وإثارة النعرة الطائفية والدينية في عموم المنطقة - وكما نشاهدها اليوم - يخدم مصالحهم في تقسيم المنطقة وتمزيقها لضمان الهيمنة على مقدراتها في تحقيق امن وسلامة دولهم و إسرائيل، فتم بين ليلة وضحاها، تزيف الوعي العربي الذي كان في منتصف القرن الماضي واعدا، ليخلف على واقعنا المعاصر كل مظاهر الجهل والتخلف الاجتماعي والثقافي والفساد والانحراف الأخلاقي ، لتسود قيم لم يعتادها مجتمعاتنا من قبل في قتل وطرد كل من يخالف العقيدة والدين والمذهب والرأي، حتى وإن كان مسلما، لان القضية دخلت في باب (الجهاد) يسعى فيها المتطرفون الى بسط سلطة الإسلام السياسي السلفي المتطرف لحكم المنطقة بقوة السلاح لفرض رجعية شوفينية دينية متطرفة وإشاعة أحط القيم والأخلاقيات المتمثلة في جهاد النكاح، وجهاد المتعة، وزواج من المحارم، وتبديل الزوجات بطلاق هذه والزواج من تلك، ضاربين عرض الحائط كل القيم الأخلاقية والاجتماعية المدنية في المجتمع وحريته، بغرائز حيوانية لسلب حرية نصف المجتمع الذي تمثله ( المرأة ) ليفرضوا قوانين وقرارات مجحفة ضدها بفصل تواجدها مع الرجال في أماكن العمل والدراسة ، و فرض المحرم على حركتها ، و ارتداء الحجاب والبرقع ، ويمنع حقها في الرأي والتعبير، ليتم إرساء وترسيخ المكانة الدونية على المرأة في شتى شؤون الحياة.
و اليوم نلاحظ في مناطق التي يهيمن عليها الإسلام السياسي المتطرف بعد ان صعد الى سدة إدارة شؤون الدولة بان حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد (خرف العربي) ، تمر في أوضاع كارثية من انعدام الحقوق والحريات و من التمييز الجنسي والعنف بشتى إشكاله ومن الاستغلال المرأة بشكل سافر و وحشي، لتبتلي بالقيم والأفكار المعادية للمرأة، وبما تتعرض النساء من التمييز الجنسي والعنف الجسدي تحت سيادة أفكار وممارسات الإسلام السياسي وقوانينه وسلطته الرجعية والمتخلفة و في ظل سيادة القيم حكمهم ألذكوري بعد انتشار ظاهرة الطائفية والمذهبية، ليشتد الحرمان والتضييق على حريات المرأة يوم بعد آخر، وتسلب منها - بصورة قسرية - تلك الحقوق الأساسية التي حققتها المرأة خلال مسيرتها النضالية في التحرر والمساواة لتجد نفسها بين ليلة وضحاها تتعرض للعنف المنزلي الوحشي من الاغتصاب والقتل بدواع العفة والشرف وخروجها عن قيم الشرعية الإسلام السلفية وغيرها من القيم البالية، ويتم التنكر لإنسانيتها، وهذا أدى الى اهتزاز الوضع الاجتماعي بصورة عامه و للمرأة الشرقية في الوطن العربي بصورة خاصة، بما رافقه من تهميش وحرمان إلى بروز ظواهر اجتماعية متخلفة وغريبة عن المجتمع العراقي والسوري واللبناني والأردني والفلسطيني والمصري و التونسي والجزائري والمغرب والكويتي ..الخ ، لعل أبرزها انتشار (النقاب) ليجرد هذا الوضع ألقسري الذي فرض عليها من حريتها التي ناضل من أجلها أجيال من المصلحين والمصلحات والمفكرين و المفكرات والمناضلين و المناضلات والأحرار وكذلك من الفقهاء المستنيرين ليسود في الشارع العربي مظاهر لم نعتاد علية لأكثر من قرن كامل، فنلاحظ انتشار النقاب ليس فحسب بين صفوف الموظفات والعاملات والطالبات والفئات المحرومة في الأحياء الشعبية وفي المناطق النائية المهمشة، بل بين الفتيات صغيرات السن لم يتجاوزن سنة الخامسة من العمر ، في ردة فعل عن موقف غير مسبق على فشل مشروع الإسلام السياسي الذي تقوده حركات (الإسلام السياسي) بعد أحداث الخريف العربي، بكون النقاب حالة محبطة لمن فرض عليها ارتدائه باعتباره تعبير عن رفض لمظاهر الحداثة وتطور المجتمعات وبسيادة الضوابط القانونية وبسط سلطة القانون في كل دول العالم بما يضمن سلامة المجتمع وحريته ، وهو قبل هذا وبعده تعبير صارخ عن أن المرأة المنقبة المجبرة على ارتدائه تعاني من حالة من الاضطرابات النفسية والاغتراف والتهميش الاجتماعي لانه لا شعوريا يحسسها بنقص في الإرادة وبمجتمع رجولي لا قيمة للمرأة التي تلي بدرجات دونية في تقيمه ، لأن مسألة ارتداء النقاب ليست مشكلة في حد ذاتها، وإنما لأنها تعبر عن مشروع مجتمعي سلفي رجالي متخلف ينسف من الأساس مكاسب المرأة والعلم والتطور وحريتها في التعبير والمشاركة وإبداء الرأي وقبول الأخر والانفتاح التي تميز به المجتمع العربي، بكون النقاب مؤشر واضح على أن حالة التهميش والحرمان يدفع المرأة إلى الاحتماء بما يعتقدن أنه اللباس الشرعي وأخلاقي - كما هو الحال في منطقة الخليج - من اجل بحث عن موقع اجتماعي ووضع ومكانة بعد أن تم تهميشهن وإقصاءهن بقوانين إسلامية متطرفة، في وقت الذي لا علاقة ذلك بهذا التقييم ،لان الحجاب بقطعة قماش لا يمكن به شراء تقيم أخلاق ،كائن من كان، لدخوله إلى الجنة او الجحيم ،لان الأخلاق معنى أوسع من هذا الفعل الشكلي الذي لا أساس له الا في العقول المريضة .
لتكون المرأة في ظل هذه البيئة الملغومة، هي أول من يدفع ضريبة التوجهات الإسلام السياسي المتطرف التي صعدت على المشهد السياسي بعد هبوب رياح إحداث (الخريف العربي) التي عصفت خلال الفترة الأخيرة على منطقنا، و بعد ان رافق بتغير قانون الأحوال الشخصية في الدول التي صعد الإسلام السياسي الى سدة الحكم وهو قانون الأكثر تخلفا وانحطاطا بحقوق المرأة ونذكر مما ورد فيه بسماح تزويج فتاة قاصر لا تتجاوز من العمر خمسة سنوات ، ليسلب منها بهذا التشريع الكثير من حقوقها التي كان قد كفلها قوانين المدنية لها، ولتي كانت أغلبية بلدان الشرق تطبقها.
لقد شنوا هؤلاء الإسلاميون المتطرفون، بعد ان اتسعت ركعة استلامهم السلطات في الدول الشرق وبظهور حركة( داعش) أكثر اسوداد من معسكرات الإسلام السلفي المتطرف ، هجمة شرسة على المرأة ودفعت بحقوقها عقود الى الوراء ، لتكون المرأة هي أول ضحايا السلطات داعش الاستبدادية والقمعية السافرة التي هيمنت على عدد من مدن الشرق وتحديدا في العراق وسوريا وليبيا، لتدفع الثمن باهظا اثر سقوطها في قبضة القوى السلفية الجهادية أسلام فوبيا، و التي أفتوا لهم المشايخ بشرعنة سبي النساء واغتصابهن ومنحهن كهدية لأمراء دواعش، أمراء الجريمة والقتل ، وما يترتب على ذلك من دعوات صريحة لجهاد النكاح و ما تضمن من أفكار جهادية سلفية من استباحة لحرمات النساء في أماكن التي تقع تحت سيطرتهم، بالجلد كل امرأة لا تلتزم بلباسهم الشرعي وعدم الخروج خارج المنزل الا برفقة محرم، فأجازوا سبى النساء في موصل وسنجار و معلولة وحلب وحمص وقصبات أخرى ليتم بعد ذلك اغتصابهن في مواقع خاصة و إجبارهن على الدخول ضمن شبكات الدعارة و ما يتضمنه ذلك من اهانة لكرامتها ولكرامة القيم الإنسانية، ضمن آليات الاتجار بالبشر . كما اجبروا المرأة العراقية والسورية وليبية التي فقدت معيلها او ممن تعاني ضائقة مالية بهيمنة القوانين التي لا تسمح لها بالعمل فتلجأ إلى زواج قهري من زمر هؤلاء الدواعش لسد رمقها و رمق أطفالها في المناطق التي يسيطرون عليها القوى الجهادية السلفية التكفيرية، فهم يقومون بممارسة أفعال شنيعة حيث يقوم مجرمو من جبهة النصرة وداعش والقاعدة ومن لف لفهم ، بإهداء زوجاتهم بعد تطليقهن و بناتهم إلى مجاهدين آخرين من النصرة والدواعش وهكذا دواليك ... وهذه الممارسات خلقت حالة من الاستلاب الثقافي و ارتداد للمجتمع برمته عصورا إلى الوراء ، وهذا بكل تأكيد سيفرز أجيال من النساء و الفتيات خارج خريطة الوعي و الحقوق والإدراك والمعرفة بحقوقهن .
فمحاولة هؤلاء المتطرفين بفرض اسلمة المجتمعات كمشروع لدولة إسلامية كبرى - كما تطمح داعش إقامته في المنطقة - تقوم ضد أية نزعة علمانية التي رسخت في المجتمعات الشرقية منذ أمد طويل ، لذلك فإن مسلسل الصراع السياسي الدموي سيستمر من اجل تشكيل مجتمعات على شاكلتهم، أي محاولة تطبيق الإسلام السلفي قسراً على المجتمع وبقوة السلاح ، إن مثل هكذا توجه في اسلمة المجتمعات الشرقية وفق توجه واحد وطيف واحد بكل تأكيد لا يكلل لها النجاح بكونها تقويض صارخ على العقد الاجتماعي بين المكونات البشرية بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والطائفية و بكون هذا التوجه يعمل ضد النزعة العلمانية الاجتماعية الراسخة في أعماق شعوب منطقة الشرق الأوسط .
فلابد من نشوء معارضة واسعة ضد هذا الاستبداد الجديد، الإسلام السياسي المتطرف، في المنطقة ولا بد لهذه المعارضة ان تبقى واعية وواعدة وطليعية لإيصال صوتها وبقيامها بالتحالفات واسعة مع القوى المدنية والديمقراطية واليسارية والعقلانية و بتنسيق سياسي ونقابي وفكري وثقافي، يبقى هو الحل المرحلي وإستراتيجية في آن واحد، لمعضلة التقويض المستمر للأسس مدنية لدولة والمجتمع.
ان إنهاء هذه الأنظمة، أنظمة الإسلام السلفي المتطرف المليشياتي الجاثمة على صدور الجماهير العربية في الشرق الأوسط بعد أحداث الخريف العربي "اذ لا يمكن الظفر بها بدون تطور النضال الجماهير عبر حركات تحررية يسارية من اجل تحرر المجتمع و المرأة ومساواتها ولنقوي النضال السياسي والاجتماعي التحرري في المجتمع بكل إشكاله وفي كل زاوية من زواياه. لا يمكن ان تتحرر المرأة بدون الإطاحة بالتخلف والخرافات المناوئة للمرأة المحمية بقوة السلاح ، لا يمكن ان تتحرر المرأة بدون فصل الدين والقومية عن الدولة والتربية والتعليم وإلغاء إيديولوجية وقوانين ودستور سلطة الإسلام السياسي المتطرف المناوئة ليس فحسب،على حرية المرأة و مساواتها بل على حرية المجمع برمته .
ومن هنا نقول لا يمكن ان تتحرر المرأة بدون خوض ثوري ضد عبودية المرأة، لحد من معاناتها ولإدامة تطلعات في الحرية والبناء المجتمع كأم وأخت وزوجة ومسئولة في تحمل تربية الأسرة وكعاملة وموظفة ومدرسة تناضل عبر مسيرة حافلة بالانجازات جيل بعد جيل".
وفي هذا المنطلق نجدد اليوم في 8 من اذار2015، دعوتنا الى كل النساء والرجال في الشرق الأوسط الى الارتقاء بنضالهم وتوحيده في مسيرة نضال ثوري قوي في شارع ، في المداس في الجامعات في وفي كل أماكن العمل ، لإرساء الحرية والمساواة في مجتمع حر و متساوي وأنساني خال من الظلم والاستغلال والتمييز و تحقيق حرية ومساواة بين المرأة والرجل ، فكل صيغ التي يستغلها الإسلام السياسي المتطرف لإيهام الإنسان بمقدسات زائفة دخيلة على الإسلام نفسه، تزيده بؤسا وعبوديةً لغيره هذه هي حقيقة وليس افتراضا و هي ذاتها الطاقة التي يمكن أن يستثمرها التيار المدني والعلماني والديمقراطي والاشتراكي لتحرير الإنسان من استغلال الإنسان، بأسلوب وبمنهج علمي وإداري و سياسي وثقافي، ونحن نعلم بان الحقوق والقوانين المدنية وضعت لتشمل جميع البشر بغض النظر عن جنسهم و لونهم و دينهم ووظائفهم ، و إذ اعتبرنا النساء من البشر- أسف لهذه العبارة ، لان الإسلام السلفي يعتبر المرأة أداة للهو فحسب ليس لها أي اعتبارات إنسانية أخرى - فأن جميع هذه الحقوق يفترض ان تشملها، إلا ان المرأة لم يتم للأسف و خاصة المرأة الشرقية في اغلب دولها ، الاعتراف بإنسانيتها و بأنها على قدم المساواة مع الرجل ، فوضعوا العديد من القوانين صوريه و أعراف و قيم التي تفصلها عن إنسانيتها و تعتبرها مخلوقا ناقصا، في وقت الذي تكون المرأة في كل الثورات والمناسبات التي أشهدتها وتشهدها الآن منطقتنا الشرقية في مقدمة هذا الثورات - ولكن للأسف وهذه هي حقيقة نلتمسها على ارض الواقع في منطقتنا - عندما تشريع القوانين والسلطة نجد بان آخر من يفكر فيها من حيث الحقوق و المساواة .
و رغم التجارب التاريخية التي مرت على المرأة من حيث الإقصاء و التهميش وما تمر به اليوم في ظل الإسلام السياسي وتطرف دولة الإسلام الداعشية إلا أنها – لا محال - ستخرج أكثر قوة وعزيمة، وقد وجدنا كيف أتت النساء في (عين التمر، كوباني)ومنطقة (خابور) السورية ليحملن السلاح دفاعا عن شرفهن ضد مقاتلي الدواعش وقد سجلت المرأة هنا تاريخا سيذكر على مر الزمان عن حقيقة المرأة القوية القادرة على التغير والصمود لأنها تؤمن بأن الوطن ليس للرجل فقط بل الوطن لجميع مواطنيه، و ان الظلم يحل على الجميع، و مطالب الديمقراطية و المساواة و العدالة الاجتماعية يجب ان يطالب بها الجميع ، ولهذا نجدهن على الدوام يخرجن ليشاركن جنبا إلى جنب مع الرجل في القتال ضد قوى الشر والظلام والطغيان من اجل التغير و هزيمة الاستبداد والظالمين و من اجل تحسين وضعها الحقوقي و القانوني ، وبهذه الإرادة استطاعت امرأة بمشاركتها ان تفرض وجودها كإنسانة وكمواطنة تتمتع بحقوق في الحرية و المساواة و العدالة الاجتماعية .