في الذكرى العاشرة لوفاة أمي



ناصر عجمايا
2015 / 3 / 7


شاء القدر يوم 8 -آذار - 2005 ليتصل هاتفياً أخي الصغير ، يعلمني بوفاة أمي (داي) وقع الخبر حزناً أليماً كالعاصفة على رأسي لتجتمع كل معاناتي ومآسي الدرب الطويل في تلك اللحظة الفريدة من حياتي ، حيث كنت حاصلاً على بطاقة السفر قبل يوم (7-3-05) لأغادر أستراليا يوم 9-3-2005 ، بدأ الصداع يهزني والألم يعصرني ليس لفقدان أمي فحسب ، لكنني حزمت حقائقبي لأرى شعبي ووطني وأصدقائي وأهلي وأمي لعقد من السنين خلت ، بعد التغيير الحاصل قبل عامين.
أحلامي تبددت وأفكاري تشتت وفقدان والدتي وعيد المرأة العالمي غداً ، فتبخر كل شيء من ذاكرتي أحتفالاً بعيدها كما تعودنا كل عام ، نقدس ونحتفل بهذا اليوم العالمي الكبير أحتراماً وتقديراً وكبرياءأً بنصف المجتمع العالمي ، للأنسانة المضحية ، الساهرة ، العاملة ، الفلاحة ، المربية ، المقاتلة ، النصيرة ، المناضلة ، الحاضنة للجنس البشري قبل الولادة وبعدها وصولاً للبلوغ ذكراً وأنثى.
كم أنا مدين لك يا أمي ، أتعبتك في صغري وحتى في بلوغي وكبري وأنت فرحة مرحة حتى في معاناتك من أجلي ، لم تغمضي الجفن وأنا خارج البيت ، ولم تنامي وانا متواجد في منامي ، الخوف يرادفك دوماً من أجلي بسبب الأستبداد السلطوي الدكتاتوري الصدامي الأرعن ، تركتم الدار وعانيتم أنت ووالدي من أجلي ، تابعتم كل خطواتي فلم تعثروا على قدمي .. في بغداد والبصرة والموصل والناصرية وكردستان وجميع البلدات والقرى في عراق صدام.. دموعكما سارية سالية لا تنقطع وانا في ريعان العمر ، والخوف ساري في جسديكما بلا نتيجة لملاقاتي.
أصبحتما بين تيارين أحدهما همجاً متوحشاً للنيل مني لقتلي في دهاليز الظلام ، في زمن عسير أستبدادي جلادي قاتل فاتك متوحش لنهاية البشر التقدمي .. ما هذا الداء والأداء يا وطني.. وأين الدواء يا أمي .. أنهضي من قبرك كي ترين مدينتي فأستبيحت من داعشي ليكملها غراباً من ماعشي ، فتمزقت أحشائي كي أزور قبرك وقبر والدي لأضع باقات الزهور التقدمي ، والدي أنسان حي يا أمي .. لم يمت أبداً وهو في القبر .. أنه دخل تاريخ مدينتي بخلدها وجبروتها ومنطقتي فذكره كتّاب ومفكرين من بلدتي تللسقف الخالدة كخلد أبي ، وأنت يا أمي يتذكرك كل طيب وشهم ونهيم وشريف.. فتحت البيت على مصراعيه للأنسان التقدمي والبريء من وطني ، لم تفرقي يوماً بين المسلم والمسيحي والأزيدي ، ولا بين العربي والكردي والآثوري والكلداني والسرياني ، كنت مع الأنسان والأنسانية في حياتك الدائمية.
أتذكر كلماتك (لا أمان في وجود البعث) !!! وتذكر حملك للأمانة الوطنية فلا تفرط بها لثقلها ، والأنسانية كبيرة بمعناها عليك صونها ، ساعد المحتاج ، ومد يدك للأعمى وظال الطريق وعابر السبيل ، أعطي بيد دون أن تعلم الأخرى ، لا تهاب من الموت ، أنه يلاحق البشر عاجلاً أم آجلاً ، حافظ على النسل المنتج الغيور لحقوق الناس ووجودهم ومصالحهم وحياتهم ، ساوي بين البشر لوناً وديناً ومنبعاً جميعهم سواسياً ، أعطي الحق لصاحبه قبل أن يدعي بحقه.
كلمات بسيطة كتبتها لوالدتي قبل وفاتها ب 5 سنوات في 27-12-2000
أماه:
ضمدي جراحي
أغسلي دمائي
لا تنظري لعينيي
أزيلي همومي
لا تيأسي لحياتي
لغتي فهمي
أدبي مفرداتي
ثورتي جبروتي
ذكرياتي آلامي
محبتي مصائبي
أعذريني أرحميني..يا أماه!
سيحيا الجديد ليمحي القديم الأليمي
لا قرينة الغباءة والدناءة
ولا السذاجة والتعاسة
شاشة عتيمة ظالمة أتعبتني
شموعها عاتمة لا تضوي أرهقتني
**********
يتجدد الحب بفؤادي
يمتلأ العشق بقلبي
ينتعش فكري ومخيلتي
سأتحرر من براكين تعاستي
قررت تنهض ثورتي
كي نثور على ظلمتي
لأعبد طريق حياتي
وأنيره بعيداً عن ظلماتي
لتجدد كياني ونشأتي
منصور عجمايا
8 - آذار - 2015