حول تحرر المراة!



عادل احمد
2015 / 3 / 8

ان قضية عدم مساواة المرأة مع الرجل ليس قضية قانونية واجتماعية فقط بل هي قضية سياسية واقتصادية ايضا. اذا كانت اضطهاد المراة طوال تأريخ المجتمعات الطبقية السابقة موجودة، فان بقاء اسباب عدم المساواة حاليا في المجتمع الحضاري والراسمالي هي ليست بسبب بقايا المجتمعات السابقة بل السبب يرجع الى طبيعة النظام الرأسمالي الحالي ولا تستمد طبيعة مشاكله من المجتمعات السابقة. فان المجتمعات السابقة كالعبودية والاقطاعية وعلاقاتها الاقتصادية لم يبقى لها اي اثر في اي زاوية من زوياه العالم، اذا يجب ان نبحث عن مشاكل المرأة وبقائها في المجتمع البرجوازي الحالي.
مر اكثر من قرنين على الثورة البرجوازية الفرنسية والثورات البرجوازية في القارة الاوروبية وتحولت كل اسس اقتصاد العالمي على الكرة الارضية الى اسس اقتصاد الرأسمالي والعمل المأجور. وان كل المشاكل والمسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية مرتبط حاليا بهذه الاسس الاقتصادية لنظام العمل المأجور والراسمال. وتتجد طبيعة جميع المشاكل مع كل التغيرات الحاصلة في اسلوب انتاج المجتمع الحالي. اذا لما غيرت جميع معالم ومعاني الانظمات السابقة ولم يغير مشكلة المرأة؟ على الرغم من ادعاءات البرجوازية منذ نشأتها بمساواة المرأة!!
ان طوال تأريخ الرأسمالية نمت حركة نسوية بكل اشكالها وشكلت منظمات نسوية عديدة وغيرت قوانين عديدة لصالح المرأة، ولا تزال الحركة النسوية ومنظماتها موجودة وتعمل لصالح المرأة وقضيتها، ولكن تبقى مشكلة عدم المساواة بين المراة والرجل قضية المراة العالمية. اذن اين تكمن جذور هذه المشكلة؟ وما هي الطريقة لانهاء وقطع جذور عدم المساواة؟ اذا كانت قضية المرة وعدم مساواتها امتدت من الانظمة الطبقية السابقة، لكن طبيعة القضية في المجتمع الرأسمالي الحالي لا تعود الى قضيتها التاريخية، بل الى ضرورة النظام الرأسمالي الحالي والاستفادة من عدم المساواة الانسانية على العموم والمرأة على الاخص وهي طبيعة الركض وراء الارباح دائما. اذا كانت الرأسمالية تجني حقا الارباح من وراء مساواة المرأة مع الرجل فلا تتوقف لحظة واحدة عن تحقيقها، ليست من اجل قضية المرأة نفسها بل من اجل عملية تراكم الراسمال والربح. ولكن لان البرجوازية والنظام الرأسمالي يستفيد من عدم مساواة المرأة مع الرجل بسبب الاختلاف في الاجور والمنافسة من طرف، وعدم الاهتمام بمصير نصف المجتمع وهي المرأة والتنصل من حل معاناتها في جيش العاطلين عن العمل. اذن عدم مساواة المرأة تخدم الاسياد الرأسماليين اكثر من اي قضية اخرى وتكرر حججها السخيفة ايضا بأن عدم المساواة هي ليس من خلق نظامها بل امتدت تأريخيا من الانظمات السابقة! ادا كانت وجود قضية المرأة في الانظمات السابقة تخدم الطبقات الحاكمة بشكل من الاشكال، فأنها اليوم تخدم الرأسمالية بما لا يقاس من اجل الارباح واضطهاد قوة العمل للمراة العاملة. اذن وجود فلسفة مشكلة المرأة وعدم مساواتها حاليا لاربط له ابدا بالانظمة السابقة بل هو مرتبط بطبيعة الرأسمالية نفسها.
ان تحرر المرأة نهائيا مرهون بتحرر الانسانية بالكامل من الاضطهاد. وتحرر الانسانية بالكامل مرهون بتحرر القوة المنتجة والعاملة في النظام الرأسمالي وهي الطبقة العاملة. عندما تتحرر الطبقة العاملة من الاضطهاد الراسمالي يتحرر معها جميع البشرية.. بقضائها على الطبقات والاختلافات والفوارق الطبقية عن طريق ثورتها الاجتماعية، الثورة الاشتراكية. ولكن من اجل الوصول الى الحل النهائي لقضية المرأة وتحررها في الثورة الاجتماعية يجب على الطبقة العاملة القيام بتنظيم صفوف المرأة في حركتها المساواتية، وفرض المزيد من التنازلات على البرجوازية لصالح قضية مساواة المرأة وتحسين الاجور والمعيشة، وفرض مزيد من الحقوق الاجتماعية المتعلقة بالتربية وتعليم الاطفال والحضانة ومزيد من الاستراحة للامومة. ان كل هذه الاصلاحات ممكنة ويجب ان تتحقق من اجل الوصول الى الهدف النهائي وهي القضاء على جذور عدم المساواة هذا.
ان قضية المراة في العالم بشكل عام والعراق بشكل خاص تراجعت كثيرا في السنوات الاخيرة. والسبب الرئيسي يكمن بمرور نظام الرأسمال العالمي بأزمة اقتصادية قوية والضحية الاولى والمباشرة كانت هي المرأة العاملة. انظروا الى نسبة البطالة في صفوف المرأة العاملة في الدول الغربية والامريكية ومعاناتها مع التشدد بالعمل وساعات العمل الطويلة فقط من اجل لقمة العيش لا غير!! انظروا التعب والارهاق للمرأة في افريقيا من العمل المتعب والمميت اضافة الى انتشار الامراض والاوبئة بين صفوفهم..! انظروا الى المرأة في العراق وسورية ومعاناتها بسبب حروب واقتتال الدول الرأسمالية فيما بينهم من اجل السيطرة والنهب..! وانظروا الى المرأة في اسيا.. تعمل مثل الالة ليلا ونهارا صغارا وكبارا من اجل ادامة معيشتهم البائسة بسبب ساعات العمل الطويلة وشروط العمل الغير انسانية..! ان هذا التراجع في قضية المرأة دلالة على مكانة المرأة في النظام الرأسمالي. عندما تمر الرأسمالية في اوج قوتها الاقتصادية وعملية تراكم الرأسمال، نلاحظ استغلال قوة المرأة العاملة الرخيصة ومشاركتها في تراكم الارباح للرأسمالي. ونلاحظ في حالة الازمة الرأسمالية فقرها وانتشار البطالة في صفوفها والعبء المالي والاجتماعي في تحطيم حياتها.
ان وجود الاسلام الداعشي في العراق والمنطقة هو نتاج الازمة الرأسمالية العالمية. وتراجعت قضية المرأة بما لايقاس فهي اصبحت ليست مهددة فقط في سوق العمل بل مهددة جسديا بسبب طبيعة وجودها في حسابات الربح والخسارة.. وتباع في الاسواق كأي سلعة اخرى تديرها الارباح!! ان من اجل الربح الرأسمالي يزداد فقر ومعانات المرأة يوما بعد يوم من وراء بقاء النظام الرأسمالي على رقاب المجتمع... ان المجتمع الرأسمالي لا يحقق مساواة المرأة بالكامل.. بل تحقيقها بالكامل يتم عن طريق القضاء علي هذا النظام للابد. ان تحرر المرأة بالكامل يكون على عاتق الطبقة العاملة في تحرير المجتمع من قبضة الرأسمال.