زوجة رجل مهم



فاطمة ناعوت
2015 / 3 / 9

أن تكوني زوجةَ رجلٍ مهمّ؛ عليكِ أن تتدثري بعباءة مُعتمة، وتدخلي خيمة النساء. عند الظهر، اجلسي تحت وارفِ الظلال، وانعمى بزقزقة العصافير والرَّغَد. فإن جَنّ الليلُ تهادي ببطء إلى مِخدعك، ونامي ملءَ جفونِكِ عن شواردها وغلّقي نوافذَ عقلك عن الفكر الذي يؤرّق الجفون. إياكِ أن تستيقظي باكرًا. الآن، يليق بك أن تكوني "نؤومَ الضُّحى" كما وصفها "امرؤ القيسُ" في مُعلّقته، فأنت الآن زوجةُ رجل مهم. عليكِ أن تصمتي إلى الأبد وتكفّي عن كلِّ ما كنت تفعلين من أنشطة قبل أن يصبح زوجُكِ رجلاً مهمًّا. وكفاك فرحًا أنكِ أصبحت في “كنف” رجلٍ مهمٍّ.
لو كنتِ رسامةً موهوبة، لملمي لوحاتِك من قاعات المعارض قبل أن يسقط عليها الضوء، وسارعي بجمع فُرشاتك وباليتات ألوانك من استوديوهات الرسم، والقي بجميعها من الشرفة. فالأضواءُ خصيمتك منذ اليوم والعمل الوحيد اللائق بك هو أن تكوني "زوجة رجل مهم". الضوءُ على معارضك قبل مركز زوجك هو حقُّ موهبتك، أما بعد المركز المهم، سوف ينال من سمعة زوجك، ويدمّره.
أن تكون رجلا مسؤولا مهمًّا، عليك بالمشي “جنب الحيط” والسير على قضبان الكتالوج الذي رسمه لك سلفُكَ الصالحُ من المسؤولين التقليدين. فتلك ضمانةُ حفظ المقعد. إياك أن تفكر خارج الصندوق، في مجتمع لم يتعلم إلا التخبط داخل الصندوق. لا تنقل تجارب الغرب "الكافر" إلى مكتبك! فهم “حمادة” ونحن "حمادة" تاني خالص! "حمادتُهم" يتطلب عقولا متفتحة على العمل والإبداع، و"حمادتُنا" الجميلُ تمامُه عقولٌ تقلّد وتستنسخ السابقين.
عزيزتي الدكتورة "أميرة أبو طالب"، رئيسة جمعية "روّاد البيئة بالمعادي"، أهلا بك في نادي "زوجات الرجال المهمين”. نادي الكسل و"الدلع". فكيف تعزفين عن كل هذه المتع وتعزفين على وتر التوتر والشقاء؟! انسي إنجازاتِك الفائقةَ في مجال تجميل البيئة. انسي عادة الاستيقاظ في السادسة صباحًا للإشراف بنفسك على تشجير الميادين وإزالة المخالفات والمخلّفات ورسم اللوحات على جدران الكباري حتى عادت المعادي على يديك ساحرةً كما كانت في الستينيات قبل زمن المسخ. انسي جهدك التطوّعي في محاربة القبح البصري الضارب في خِصر مصر، وعودي إلى "الحرملك" الذي يليق بزوجة رجل مهم. عودي إلى طفلاتك الثلاث ودرّبيهن منذ الآن على الكسل والخمول والدعة التي تليق ببنات رجل مهم، حتى يتفرغ الرجلُ المهمُّ لمهامِه المهمةِ بعيدًا عن "دوشة" الحريم. هل تعلمتِ الدرسَ يا عزيزتي ووعيتِ أنكِ تعيشين في مجتمع رجعيّ جهول يمقتُ المرأة المبدعة؟ أم مازلتِ تظنين، مثلي، أننا قمنا بثورة من المفترض أن تحطّم الصندوقَ الذي عشنا فيه وترعرعنا؟! عزيزي محافظ الإسكندرية، اقتلْ موهبةَ زوجتك ووطنيتَها بيديك، كما يليق برجلٍ مهمّ.