بمناسبة يوم المرأة العالمي



راغب الركابي
2015 / 3 / 9

أجدد التحية في هذا اليوم الثامن من آذار للمرأة في عيدها بأسمي وبأسم كل ليبرالي ديمقراطي ، وأتمنى من كل قلبي أن تكون الأيام المقبلات أيام كرامة وسعادة وعودة حقوق للمرأة العربية والمسلمة ، وفي هذه المناسبة إيضاً يحدوني أمل بان ترفع هذه الغمامة عن كاهل المرأة العربية والمسلمة بسبب عنف وجهل العقلية العربية تجاه المرأة مما جعلها تتحمل المزيد من التبعات والأخطاء الذكورية ، ولست هنا في معرض السرد ولا الشرح عن طبيعة ونوعية وحجم وكمية هذه التبعات ولأخطاء ، ولكني أرآها تتحمل كل يوم المزيد من العنت والتجاهل وسوء النية من هذا العربي المسلم الذي يتعامل معها بروح متخلفة ونظرة دونية غير متحضرة ، كما إني لست بمعرض التذكير بالظلامات التي تعرضت لها المرأة العربية والمسلمة ، ولكنني الآن مضطر للتذكير ببعض الحقوق المغتصبة من قبل الرجل وفي ظل تفسير خاطئ للدين وللشريعة ، ساهم هذا التفسير في حرمان المرأة من حقها في الميراث ، وتندر الرجل العربي والمسلم عليها في الحقوق والأحوال الشخصية ، وجعُلت متاعاً في العلاقات الجنسية أو ما يسمى بعُقدتي النكاح والطلاق ، ومما يؤسف له إن المرأة العربية رضيت بذلك وأستسلمت لقدرها الذي رسمه الذكر حسب مقاساته ، في أن تكون تابعة غير ممتلكة لنفسها ولا لحريتها ولا لشخصيتها ، وقد حددت شريعة العرب والمسلمين وظيفة معينة ألا وهي رعاية الزوج في الفراش وفي البيت والسهر على الأبناء ، وأما هي فقد ألقيت في سلت المهملات ، ولم يعرها المشرع أي إهتمام واضح ، سوى ذلك الذي نسمعه من التحذلق من أفوآه رجال دين ووعاظ متخلفين عن حقوقها في الشريعة والأحكام ، والشريعة هنا أو ما يعنونها هي بحسب تفسيرات أهل التاريخ والتراث .
وفي هذه المناسبة دعوني أشيد بجهود النساء الغربيات وفي إصرارهن وسعيهن الدؤوب لنيل حقوقهن وحريتهن كاملة ، وهو سعي نجد ثمراته واضحة في مساهمات وعمل المرأة في مجالات وتخصصات كانت حكراً على الذكور ، ولقد كان لحركات التحرر النسوية في أمريكا وأوربا الدور البارز في هذا المجال وهو دور مشكور ومحترم ، ولقد كان لهذا التحرك الدور الرئيسي فيما نشهده من تنمية وبناء ومشاركة في كل مجالات العمل والحياة التنمية أسوة بالرجل وعلى حد سواء معه ، ولقد تنادت نسوة في بلادنا العربية لهذا التوجه ومن خلاله فكان لبعضهن دورا إيجابيا في تطوير أداء المرأة وتحسين فرص الحياة لها من خلال المطالبات الجادة والحازمة ، لكن هذه المنادات وهذا التحرك لم يدم طويلاً إذ سرعان ما جرفته مطاحن الثورا.ت الإسلاموية ، فتلاشت جهود الناشطات العربيات اللائي سعين له في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي ، وكلنا يعلم إن الإسلام السياسي تحريضي بدرجة كبيرة وشعاراتي بدرجة أكبر ، ولهذا لا يسمح لهذه النظرة في التقدم والنماء ، وذلك نتيجة لطبيعته الإستبدادية تجاه المرأة وحقوقها وحريتها ، وأعترف بأن للإشتراطات المسبقة وللأحكام القبلية ولتحكيم شرع الصحراء الدور الأساس في قهر المرأة وقهر إرادتها ، يأتي هذا في ظل شعارات الغد المنشود والجنة الموعودة .
لقد نال المرأة العربية والعراقية على وجه الخصوص الكثير من العنت والجور ، من خلال السياسات الحكومية التي سادت البلاد العربية والعراق وعبر دكتاتوريات متعفنة مسخ ، سلكت طريقا وعرا وأشعلت في طريقها الكثير من الحروب والأحزان ، ونمت روح التصارع والتقاتل حتى ترملت النساء ، وتيتمت الاطفال ، وتشردت البنات ، وكثر الفساد ، وهاكم دليلاً ملموساً على ذلك : - العنف الجوال - والذي تقوم به وتفعله عصابات وقوى الظلام من داعش واخواتها في نسوة العراق وسوريا وليبيا ، وهاكم أنظروا أنظروا ما فعلته أخوة الشيطان في المرأة المصرية ، وكيف بدلت حالها وتردت أوضاعها وتراجعت وتخلفت بعدما كانت شيئاً ما ؟ ، وأنظروا إلى لباسها كيف غدى وكأنه لباس المحروسة أيام المماليك ؟ أقول هذا : ونحن في ظل وعصر التكنولوجيا وعالم الفضاء المفتوح ، نعم لقد ساهم في هذا التراجع - حكام مستبدون ، وثقافات هابطة ، وأنساق معرفية ضحلة ، ولغة - - خطاب علامي تنازعي فاشل و غير موفقة .
إن يوم المرأة العالمي هو يومنا جميعاً وعلينا أن نحتفل به ونرعاه ، لأنه يذكرنا بحقوقنا جميعاً وبواجباتنا جميعاً ، وليس هو يوماً للبيانات ولا للشعارات أو الخطب الرنانة ، إنما هو هو يوم نتذكر فيه ونُذكر ، نستفيد منه ونتعلم ، ونجعله البداية التي يجب أن نسلكها في مشروعنا لبناء الحياة الكريمة ، وفيه يجب أن نتلافى ما بدر وحصل من أخطاء ، فنصحح فيه وضعنا ونطور فيه مجتمعنا ، وننمي فيه ثقافتنا ونؤوسس فيه لمدنيتنا التي نأمل أن تسود فيها منظومة القيم في العدل والحرية والسلام ، ولهذا سوف نبقى دائماً وأبداً مع المرأة في كل حالاتها .