لأنكِ بنت!



مُضر آل أحميّد
2015 / 3 / 17

"لأنكِ بنت" احدى اكثر العبارات التي يعيدها الذكور، أباءاً واخوةً وأزواجا، على مسامع الإناث. ومع أن الذكر يريد من ذلك الحفاظ على سمعته وهيبة شاربيه بين رجال "المحلة"، إلا انه يلقيها بأسلوب يخيّل للأنثى بأن همه مصلحتها والحفاظ على سمعتها.
إن مثل تلك العبارة هي من تجليات المجتمعات الذكورية التي اغتصبت حقوق الإناث واختزلتها تحت راية الذكر، وعملت على تكريس تبعية الأنثى للذكر. ودعونا لا ننسى بعض النصائح الأبوية، التي يهديها الأب او غيره، للذكور من الأولاد:
"لقد أصبحت رجلا الآن، وعليك أن تراقب اخواتك البنات وتكون قدوة لهن.."
ما هو المبرر الذي يعطي الأخ حق الرقابة على اخواته البنات؟ أهو عقله؟ ليس حكرا عليه. ربما خبرته؟ ليس بالضرورة. اهو جنسه؟ نعم، بالضبط.
ولنقف قليلا عند عبارة "تكون قدوة لهن." القدوة هو شخص ننظر اليه ونقلد أفعاله لأنها أفعال محمودة. فهل من الممكن للبنت أن تقتدي بأخيها وتعود متأخرة بعد قضاءها سهرة مع صاحباتها؟ هل، يا عزيزي الأب، تقبل أن تقتدي البنت بأخيها وتلبس ما يحلو لها؟ أم هل تقبل أن تحب وتعشق وتأتي لتفرض عليك عريسها اقتداءا بأخيها؟ بالطبع لا.
فإن كانت تلك الأفعال افعالا اعتيادية لماذا نحرّمها على بناتنا؟ وإن كانت تلك افعالا مخلة بالأدب، والشرف في بعض الأحيان، فلماذا نقبلها على أبناءنا؟
نعم إنها خصوصية الأنثى، ولكن ليست خصوصية الأنثى التي يحاول مجتمع الذكور زخرفتها وتقديمها على أنها هدية منهم للأنثى. إنها خصوصية الأنثى بكونها "عِرض" الرجل و "شرفه".. إذن فنحن نعود دائما للحديث عن الذكور. وإن كانت الأنثى عِرض الذكر وشرفه، فما هو عِرض الأنثى؟ ومن هو شرفها؟ فلنأمل ألا يكون الذكر! وسيجيب الكثير من الذكور بالحق يريدون به الباطل: "الأنثى هي عِرضها وشرفها." نعم، هي كذلك. ولكنها ليست مرغمة أن تكون عِرض الذكر. إن ربط الأنثى بالذكر بتلك الكيفية لطالما خدم مصالح الذكور وكان وبالا على الإناث. فمهما فعل الذكر، لن تتأثر سمعته التي اوكلها الى الأنثى المحبوسة خلف الجدران وتحت اكداس ثياب "العفة".
ولإنشاء جيل قويم يعطي الإنثى حقها كرفيق درب وشريك حياة وليس أقلّ من ذلك، نحتاج اليوم، حتى من يدافع عن حقوق المرأة منّا، الى حملة لإعادة بناء المفاهيم. فعبارات مثل عبارة "لأنكِ بنت" أصبحت مدفونة في لاوعينا، تشربتها اوردتنا فأصبحت تمر مرور الكرام، لكنها لا تمر كما نظن على اسماع تلك الطفلة التي ما تزال تسمعها حتى تشبّ و تُسأل: لمِ لا تفعلين ذلك؟
فتجيب: لأني بنت.