باهر عادل يحاورالمفكر و الكاتب سامح سليمان ج1



باهر عادل نادى
2015 / 3 / 17

حوار مع المفكر سامح سليمان ج1

أجرى الحوار : باهر عادل
س : ما رأيك فى وضع المرأه فى مصر ؟
المرأه فى مصر بخلاف انها ضحية سلبيتها و أنانيتها فى احيان اخرى ، هى ضحية مجتمع تفشى الجهل و القمع فى مختلف مؤسساته بدايةً بمؤسسة الأسره ، حيث تتربى الأنثى على الشعور بالذنب كونها تسببت كما هو مفترض فى سقوط أدم و طرده من الجنه ، و أستسلمت لخداع الحيه الناطقه ( المفترض ان الحيه هى الشيطان ) ، و ان تخفى جسدها حرصاً على عفة الرجال الأحرار !!! و حرصاً على قيمتها المتمركزه فى شرفها الكامن و المحصور بين فخذيها ، و خدمة أبيها و أخوتها بتنظيف المنزل و اعداد الطعام للتدريب على وظيفتها المحتومه وهى ان تكون أم و ربة منزل بخدمة زوجها
و فى بعض الأحيان خدمة زوجها و أهله ، و أشباعه جنسياً عند الطلب ، و غير مسموح بالأعتذار أو التأجيل !!!
كما تسعى بعض الأسر إلى أن تشعر الفتاه فى كل لحظه انها تحت المراقبه أعتقادً منهم بأن ذلك يحميها من الخطأ وايضاً يجعلها لا ترتكبه وغرس الخوف والاحساس بالضعف فى تكوينها النفسى وايضاً اذا ارتفع صوتها او ابدت اى حركه يتم زجرها وتعنيفها لأن الفتاه فى وجهة نظرهم يجب أن تكون مستكينه سلبيه خاضعه خانعه خفيضة الصوت. بخلاف ايضاً جريمه الختان، وتزويج الفتاة بغير رغبتها،أو تزويجها وهى صغيرة السن،وقبول ضرب الزوج لزوجته ، بل وتشريعه وأستحسانه والدعوه إليه دينياً ومجتمعياً وأعلامياً ، وحرمان الفتاة من التعليم،مما يجعلها أداة طيعه فى يد الزوج،ومنح الحق للرجل فى تعدد العلاقات ومدحه على ذلك وسب الفتاه والتشهير بها وأحياناً قتلها اذا فعلت نفس التصرف،وألزام المرأه أن تغفر لزوجها الخيانه،وأن تعطيه المبرر وتؤنب ذاتها بسبب أخطائه ! ،وليس من حق البنت أن تثور فى وجه رجل أو حتى الضحك بصوت عال فى الأماكن العامه،وليس من حقها أن تعلوا فى المنصب عن زوجها ، وأعطاء الحق لأى ذكر فى عائلة الفتاة فى قتلها أذا أكتشف أقامتها لعلاقه جنسيه بدون زواج ـ أو حتى أعتقد أو ظن ـ وهذا فكر ذكورى قبلى عبودى لايعترف بحق الفرد فى الأستقلاليه وأختيار نمط الحياة المناسب له عند بلوغه مرحلة الأهليه قانونياً حتى وإن أختلف عن النمط السائد والمقبول بحسب العادات والأعراف ، وأعتبار جسد الفتاة ليس ملكا لها بل ملك لمجتمعها ولأسرتها ثم الزوج، وأعطاء الحق للزوج فى قتل زوجته اذا أقامة علاقه مع غيره ويتعاطف المجتمع معه جداً ويتم أحتسابه ضمن فئة الأبطال المغاوير وتخفف العقوبه بالنسبه له،ولكن تتم مضاعفتها للمرأه إذا قامت بإتيان نفس رد الفعل ، فالرجل بحسب المجتمع دائماً لديه أسبابه ومبرراته ،والمرأه عليها أن تتكيف مع مختلف الأوضاع التى يقرها الزوج .
وأيضاً يتكالب المجتمع ويسعى بأصرار إلى أن لاتشعر المرأه بكفايتها لذاتها ، وأحتياجها للشعور بغيرة الرجل عليها وربط رجولة الرجل بغيرته على المرأه وأمتلاكها والتدخل فى كل كبيره وصغيره من شئونها ـ حتى وإن لم تكن زوجته فى بعض الأحيان ـ وأشعار المرأه بالنقص والخجل الشديد من جسدها، وبرمجتها على انها قد وجدت فى الحياة لتحافظ على عفتها مصانه للرجل، فشرف المرأه وعزتها يكمن بين فخذيها وليس فى عقلها كما يرى الجهلاء والمتنطعون .
وأن جسدها ليس ملكاً لها بل هو ملك لولى أمرها ، بغض النظر عن مرحلتها العمريه ومؤهلاتها العلميه ومكانتها الأدبيه وكفائتها العقليه و قدراتها الفكريه ، فهى فى كل الأحوال مجرد شئ تابع مملوك فاقد للسلطه والأهليه والقدره على الفعل وأتخاد القرار المستقل الناتج عن أختيار حر و قناعه ذاتيه بصحته وصوابه، وايضاً سلب الفتاة وحرمانها من حقها فى أن تختار من تراه مناسباً ليكون شريكاً لحياتها فى الأطار الذى يرونه صالحاً لهما ، أو أن تتزوج بأرادتها المنفرده .
أو أن تختار ما تتعلمه لترتقى بمكانتها الوظيفيه والأجتماعيه وتدعم قوتها الأقتصاديه،وأن تتعلم من الأساس،أو أن تعمل من الأساس!
وتضحك مجتمعاتنا الكاذبه الأستغلاليه على المرأه بكثير من الأقوال المأثوره العفنه النتنه والأمثولات الساذجه البلهاء المكرسه للعبوديه مثل ( طاعة الزوج من طاعة الله ) و ( أن وراء كل رجل عظيم امرأه ) لأقناعها بحتمية أن تكون المرأة دائما وراء الرجل، مجرد خادم وليس نداً مساوياً فى الحقوق والواجبات ، وأعطاء الزوج حق أجبار زوجته على معاشرته فى أى وقت يريده ، كأنها مجرد وعاء للمتعه وإناء لتفريغ الشهوه .
و أيضاً تأويل المؤسسات الدينية للعديد من النصوص لخدمه هذه الأفكار الاستغلالية التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب و التي تتمركز أهدافها حول حرمان المرأة من القوة النفسية والفكرية والاقتصادية التي تمكنها من الاستقلالية والقدرة على صنع القرار، والندية مع الرجل، وحرمانه من مركزيته كسيد مطاع، وإله يمشى على الأرض يملك حق تقرير مصيرها ، وبالطبع مع الوقت ومع كثرة الترديد لتلك المقولات والأفكار وتحالف جميع مؤسسات المجتمع لتأكيد صحتها، خاصة مؤسسة الأسرة تحولت هذه الخدعة المجتمعية كالعادة إلى مبدأ مقدس لا يجوز نقده بل وصارت النساء أكثر من يدافع عن صحته!!
إن المرأه كثيراً جداً ما تتزوج لا لسبب إلا لأن مجتمعاتنا قد روجت لفكره خزعبليه شديدة الضرر وهى حتمية الزواج وقدريته، وخلقت أرتباط شرطى حتمى بين أرتباطها برجل وحصول كيانها على القيمه،فالمرأه قيمتها مكتسبه وليست ذاتيه، وتعلوا قيمتها بأنجابها فهى مجرد رحم تختلف قيمته بأختلاف درجه الخصوبه ونوع المنتج،فالمنجبه للذكور أفضل من التى تنجب الأناث. ولكى تنطلى هذة الخدعه تم ربط الزواج والأنجاب بالعديد من الطقوس المبهجه كأطلاق الزغاريد وتلقى التهانى،والكرنفال الهزلى المدعوا "السبوع"، وتخصيص يوم كعيد للأم، والتأكيد المكثف على المكافأه التى ستحصل عليها بعد وفاتها، وتحقير من لم تتزوج ونعتها بالعانس، وتأويل المؤسسات الدينيه للعديد من النصوص لخدمه هذة الفكرة التى ظاهرها الرحمه وباطنها العذاب، والتى تهدف لأختزال المرأه لكائن قد وجد لخدمة الرجل وأمتاعه، ووعاء لأفراغ شهوته وأستثمار منيه، وتقزيمها وحرمانها من القوه الفكريه والنفسيه والأقتصاديه التى تمكنها من أدارة حياتها والأستقلال وأقتناص المساواه والنديه مع الرجل، وحرمانه من مركزيته كسيد وأله يملك أمكانية تقرير مصيرها.وأيضاً تتزوج لتأكيد وتفعيل أنوثتها ولترضى وتشبع غريزة الأمومه لديها، ولتمتلك أطفالها وتقذف عليهم كل ما تم قذفه عليها من تسلط وغبن وتشيئ وتحقير ونقائص وعورات فكريه ونفسيه، وتسيطر عليهم بأسم الرعايه والتفانى، والحمايه والخوف على المصلحه ولتلبية أحتياجاتها الجنسيه المكبوته والمقموعه فى أطار أعطاه المجتمع التفرد بالصواب والشرعيه والقدسيه، يحميها من التشهير والقتل فى حالة خروجها عن الأطار (الهزلى ) المعترف به وعدم أمتلاكها لختم الجوده الأخلاقيه الموجود بين فخذيها كما يدعوا قطيع الأبقار الثقافيه المقدسه، ويعتقد الجهلاء والمتنطعين من مراقبى وحراس النصف السفلى للبشريه، وأصحاب العقول الخربه الصدئه من معتنقى التوجهات الثقافيه والأيدلوجيات الأخلاقيه الفاشله المدمره .
أن اتهام المرأة بالنقصان أو الدونية عن الرجل هو اتهام لله بالعنصرية والفشل!
المرأة ليست جسد وشر مستطير، المرأة ليست إناء للشهوة أو مزرعة للإنجاب.
المرأة هي (الأم والأخت والابنة والحبيبة والصديقة والفنانة والطبيبة والأستاذة والفيلسوفة والكاتبة والقاضية والوزيرة).
المرأة هي ( جان دارك، سيمون دى بوفوار، ليليان تراشر، مدام كورى،......والقائمة طويلة ولن تنتهي).
إن المرأة حرة في أن تكون نفسها وتطور نفسها وتستخدم بصورة مبدعه عقلها ومواهبها وتؤمن بحقها في النجاح وقدرتها عليه.
إن المرأة حرة منذ أن تترك مرحلة المراهقة أن تحدد مسار حياتها وتستقل بها بصورة كاملة دون الارتباط بأي رجل إن أرادت ذلك، وأيضًا دون أي تدخل أو وصاية من أي إنسان. يجب على المرأة أن تثور وتكافح بكل قوة وصلابة من أجل أن تحصل على حقها في المساواة الكاملة مع الرجل وتسترد حقوقها الكثيرة المسلوبة، فالحقوق لا تمنح على طبق من ذهب بل تنتزع وبقوة، فكما قال الدكتور طارق حجى : إن تحرير المرأة من ربقه الثقافة الذكورية الرجعية والتي هي شكل من أشكال الرق وهزيمة الرجولة والمرؤة، تبقى أمرًا مستحيلاً ما لم تصبح المرأة نفسها في طليعة الساعين لتغيير هذه الثقافة الدونية بثقافة عصرية تكون فيها المرأة على قدم المساواة تمامًا وكليه في سائر المجالات وشتى المواضيع)
يجب علينا بصفة عامة أن نعيد النظر بعقلية علمية موضوعية متحررة وناقدة في الكثير من الأقوال والقيم والمعتقدات والأفكار التي تم تلقيننا إياها منذ الطفولة عن طريق أشخاص اعتقدنا لضعفنا وجهلنا وسذاجتنا بأنهم حتمًا على حق ولديهم الصواب المطلق لأنهم مقدسين معصومين، فهم أولي الأمر ورعاة القطيع،وكل ما صدر عنهم من أفعال ورؤى وأحكام ليست إلا صادقة ومقدسة وصالحة لكل البشر والأزمنة ولا تقبل الرفض أو النقد أو حتى التأويل. وأنا على يقين بأننا سوف نكتشف كم خدعنا وكم وثقنا في أشخاص لا يستحق أكثرهم إلا أن نحتقرهم، والأهم من ذلك إننا سوف نكتشف أن أفكارهم وأقوالهم الصائبة ليست سوى خرافات وخزعبلات وتفاهات وسخافات لا تصدر سوى عن عقول بدائية متحجرة متخلفة ونفسيات مشوهة مريضة بعقد النقص والتسلط، ولم تخلق سوى أجيال مريضة بمختلف الأمراض النفسية، أجيال تتوارث الجمود وروث الأفكار والخنوع لسلطة الجماعه والميل للقطعنه والببغاويه، أجيال تتلذذ بالعبوديه وتصنع الألهه لتعبدها، أجيال تكرس الجهل وتقدس الخرافة.