المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....5



محمد الحنفي
2015 / 3 / 23

إلـــى:

§ ــ المرأة في عيدها الأممي الذي يبقى محتفى به حتى تحقيق كافة الحقوق الإنسانية للمرأة.
§ ــ جميع الحاضرين في أول ندوة تقيمها جمعية التنوير للثقافة والفكر، بعد الانتهاء مباشرة من عملية إنجاز ملفها القانوني.

§ــ كل من وجهنا إليهم الدعوة، ولم يحضروا إما لغياب الاهتمام، أو استخفافا بالجمعية.

§ــ الأعضاء المؤسسين لجمعية التنوير للثقافة والفكر.

§ ــ أعضاء المكتب الذين أخذوا على عاتقهم السير بالجمعية، في اتجاه تحقيق أهدافها النبيلة.

§ ــ من أجل ثقافة تنويرية متحررة.

§ ــ من أجل ترسيخ قيم نبيلة في واقعنا.

محمد الحنفي

5) المغالاة في تدين المجتمعات، في مختلف الدول الرأسمالية التابعة، والمتخلفة، إلى درجة انكباب المغالين في التدين، على تتبع سلوك جميع أفراد المجتمع، والبحث عن المرجعية الدينية لسلوك كل فرد، حتى يصير مشروعا. فإذا كان بدون مرجعية، يفقد مشروعيته. وهو ما يعني أن العمل على استئصال دونية المرأة، يصير من المستحيلات، في أي مجتمع متدين، همه البحث عن مرجعية السلوكات المختلفة، في الدين الذي يسود داخل حدود دولته.

6) شيوع أدلجة الدين في هذه الدول الرأسمالية التابعة، والتي حلت محل الدين، أي دين، خاصة وأن تحريف الدين، أي دين، لا يخدم إلا مصلحة التوجهات المحافظة، في المجتمعات البشرية المتخلفة، والتي لا تطمئن أبدا على ما يحدث في المجتمعات من تقدم، أو تطور، مما يجعلها تلجأ إلى الدين المحرف، حتى تفرض ما تريد في واقعها. وهو ما يصير له أثر سلبي على واقع المرأة، التي تصير عاجزة عن التخلي عن دونيتها.

7) قيام جمعيات، ونقابات، وأحزابا، على أساس ديني محرف، مما يجعلها تقوم بدور أساسي، في اعتبار دونية المرأة ذات بعد ديني، لا يمكن التخلص منها أبدا. وكل النساء اللواتي يسعين إلى التخلص من دونيتهن، يعتبرن خارجات عن الدين، مما يستدعي العمل على تطبيق (الشريعة) في حقهن، وكما يفهم مؤدلجو الدين ا،سلامي تلك (الشريعة).

كون الدول الرأسمالية التابعة مؤدلجة للدين، مما يجعلها في تشريعاتها، لا تجرؤ على استئصال دونية المرأة من المجتمع.

وهذه العوائق التي تحول دون استئصال دونية المرأة، من مجتمعات الدول التابعة، تعتبر وسيلة لمضاعفة تعميق تلك الدونية في هذه المجتمعات. وهو ما يقتضي من المرأة نضالا مضاعفا، عن طريق الانخراط في الجمعيات الحقوقية، والنسائية، وفي النقابات، وفي الأحزاب السياسية المناضلة، ضد الحيف الذي تعاني منه المرأة، من أجل تغيير الشروط القائمة، في واقع هذه الدول التابعة، حتى يمكن العمل من استئصال دونية المرأة من الواقع القائم فيها.

فما هو مفهوم المرأة التي نسعى إلى رفع الحيف عنها، وإلى جعلها تستأصل دونيتها؟

مفهوم المرأة:

إننا عندما ننطلق مما رأيناه في الفقرات السابقة، وعندما نطرح مفهوم المرأة للنقاش، يمكن القول بأننا لا نكاد نستثني أحدا من النظرة الدونية للمرأة، مهما كانت المكانة التي تحتلها، ومهما قدمت من تضحيات لا حدود لها، من أجل المجتمع، مع أنها هي التي ولدت:

1) لتضحي من أجل أسرتها.

2) لتضع نفسها رهن إشارة زوجها.

3) لتهتم بإعداد أبنائها إعدادا جيدا.

4) لتضاعف المجهود في عملها وفي كل ميادين الاشتغال.

5) لتكشف عن قدرات فائقة في مجالات الإبداع الفني والأدبي.

6) لتفصح عن قدرات فائقة في المجالات الفكرية والعلمية.

7) لتبرز كفاءتها، وقدرتها الفائقة في الساحة النضالية الجماهيرية، والسياسية.

8) لتناضل من أجل ضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

9) لتبرهن عن حرصها على التمتع بحقوقها الخاصة، كما هي في اتفاقية إلغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة.

10) لتحرص على مساواتها للرجل في جميع المجالات.

إلا أن هذه التضحيات، جميعا، من أجل المجتمع ككل، ومن أجل النساء، والرجال على حد سواء، لا تكاد تبرز على السطح، للاعتبارات الآتية:

الاعتبار الأول: كون الحكم، في أي بلد، يعتبر أن التحكم في المرأة، واستعبادها، وتدجينها، وسيلة للتحكم في المجتمع ككل.

الاعتبار الثاني: أن تحكم العادات، والتقاليد، والأعراف، في واقع بلاد المسلمين، يعتبر سدا منيعا ضد انطلاق المرأة، في اتجاه تحطيم كافة القيود، التي تحول دون التمتع بكافة الحقوق الإنسانية، وبحقوقها الخاصة.

الاعتبار الثالث: تحول الأيديولوجية، المترتبة عن أدلجة الدين الإسلامي، إلى دين جديد، يستعيد إلى الواقع القيم المتخلفة، بما فيها قيم امتهان كرامة الإنسان، وهضم كافة حقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وقيم امتهان كرامة المرأة بشكل مكثف، حتى يصير اعتبار المرأة عارا، أو عورة في الوجدان الشعبي، وباسم الدين الإسلامي، الذي ليس إلا أدلجة للدين الإسلامي.

الاعتبار الرابع: اعتماد قوانين للتطبيق في الحياة العامة، وفي حياة المرأة، غير متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، بما فيها اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة. وهو ما يجعل حقوق الإنسان، وحقوق المرأة بالخصوص، محكومة بالنفي من الواقع، كما تسعى إلى ذلك الحكومة المغربية، المنفرزة عن انتخابات 2011 البرلمانية، بعد إقرار دستور فاتح يوليوز 2011.

وانطلاقا من هذه الاعتبارات، فإن المرأة، كائن بشري، يحتل درجة دون مستوى الرجل، ليحتل الرجل والمرأة معا، درجة دون مستوى الأسياد، أو الإقطاعيين، أو الرأسماليين، أو الحكام الذين يستعبدون، ويستبدون، ويستغلون كل شيء في مختلف الدول الرأسمالية التابعة.

وقد كان المفروض أن تصير المرأة كائنا إنسانيا، كالرجل في المجتمعات البشرية، لا يميزها عنه إلا طبيعتها البيولوجية، كما لا يميز الرجل عنها إلا طبيعته البيولوجية.

وهذا الاختلاف البيولوجي بين الرجل والمرأة، كان يجب أن لا يترتب عنه اعتبار المرأة دون مستوى الرجل، أو اعتبار الرجل دون مستوى المرأة؛ لأنهما معا متساويان في باقي مكونات كل منهما الأخرى، كما ثبت ذلك من خلال ما يجري في الواقع. وإذا كانت هناك خصوصية للمرأة، فإن هذه الخصوصية مرتبطة بالإنجاب، التي استوجبت وجود حقوق خاصة بالمرأة، كما هي مدونة في الاتفاقية الدولية المتعلقة بإلغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة.

وإذا رغبنا في جعل مفهوم المرأة يكتسب معنى المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، فإن علينا أن نعتبر أن المرأة إنسان، كما نعتبر الرجل إنسانا لها نفس الحقوق التي للرجل، وعلى جميع المستويات، كما عليها نفس الواجبات التي على الرجل، ودون زيادة، أو نقصان، مع مراعاة ضرورة احترام أجرأة الحقوق الخاصة بالمرأة.

وللوصول إلى اعتبار المرأة إنسانا، لها نفس الحقوق الإنسانية العامة، والخاصة، لا بد من:

1) إزالة كل الأسباب التي تؤدي إلى تكريس دونية المرأة.

2) الاحتكام إلى القوانين المتلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى وإن كانت بعض بنودها بمرجعية دينية، لأن الأصل في المرأة، أن تكون مساوية للرجل.

3) إزالة كل ما يؤدي إلى اعتبار المرأة دون مستوى الرجل، من جميع البرامج الدراسية، في كل الدول التي تعتبر نفسها دولا دينية، حتى تصير البرامج الدراسية، وسيلة لإعداد النشء على احترام كرامة المرأة، في جميع المراحل الدراسية.

4) الحرص على ترويج كل القيم، والمبادئ، التي تجعل المجتمع يتمرس على التعامل مع المرأة، على أنها مساوية للرجل في الحقوق، والواجبات.

5) جعل الإعلام الرسمي، وغير الرسمي، ملتزما باحترام كرامة المرأة، وأن لا يروج إلا ما يخدم مصلحة مساواتها للرجل.

وبذلك نعمل على تكريس المفهوم الحقيقي للمرأة الإنسان، فكرا، وممارسة، سعيا إلى انعتاقها من الدونية، التي تأبدت في حقها، على مدى عصور بأكملها، والتي ساهمت مختلف الأديان في شرعنتها، حتى ننتقل بالمرأة من عصر الاستلاب، وتكريس الدونية، إلى عصر الإدراك العميق لأهمية تحقيق المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، لتصير الحياة المشتركة بينهما قائمة على الإشراك الفعلي للمرأة، في كل شؤون الحياة، إلى جانب الرجل، في إطار تسييد الاحترام بينهما.

وبعد وقوفنا على واقع المرأة بصفة عامة، سواء في الدول الرأسمالية المركزية، أو في الدول الرأسمالية التابعة، نتساءل:

ما هو واقع المرأة المغربية؟