حقوق الأنسان ... والحجاب



جاسم هداد
2005 / 9 / 23

تشترك جميع الأحزاب والقوى السياسية التي كانت في المعارضة ، اسلامية وعلمانية ، بإدانتها لظلم النظام السابق ، وتكاد لا تخلو وثيقة واحدة من وثائق هذه الأحزاب الصادرة آنذاك من المطالبة بحقوق الشعب العراقي المهدورة وبالنضال من اجل تحقيقها ، وتدرك هذه الأحزاب دور المرأة العراقية في النضال ضد الأنظمة الرجعية والدكتاتورية المتعاقبة ، وبشكل خاص النظام البعثي الدكتاتوري الفاشي ، ولقد اثمرت نضالات المرأة العراقية في تشريع قانون منصف لها بعد ثورة تموز 1958 المرقم 188 ، وتحملت المرأة العراقية اما واختا وزوجة وابنة الكثير ، وبعد سقوط الصنم استبشرت المرأة خيرا بالعراق الجديد .

ولكن مع الأسف الشديد حاولت ، لا بل قاتلت احزاب الأسلام السياسي الشيعي من اجل سلب ما حققته المرأة من حقوق لها ، فبذلت جهدا في سبيل إلغاء القانون 188 ، واصدرت القانون المرقم 137 سئ الصيت ، والذي اوقف الحاكم بريمر العمل به ، وكان هذا الأيقاف انتصارا للمرأة العراقية وتخليصا لها من ظلم واجحاف يتربص بها .

وكثيرا ما تشدق السيد رئيس مجلس الوزراء ، في مسلسله التلفزيوني اليومي ، بأن " المرأة العراقية اصبحت نموذجا رائعا تقتدي به كل نساء العالم " ، واكد سيادته ان " العراق ارتقى بمستوى المرأة العراقية ، كما لم يرتق بها في أي بلد في العالم " .

ولا ندري هل السيد رئيس مجلس الوزراء على علم بالقرار الظالم المجحف الذي اصدره الأمين العام لمجلس الوزراء ، ونشرته إيلاف يوم 19/9/2005 ، والقاضي بطرد الموظفات غير المحجبات في المجلس ونقلهن الى دوائر اخرى ؟ ، وهل سيادته يتذكر ما قاله للجالية العراقية في مشيغان عند لقائه بها " ليس هناك قانون يلزم المواطنات بأرتداء الحجاب ، فلهن كامل الحرية في اختيار ذلك ، ونحن نحترم حقوقهن " وكان قوله جوابا لأستفسار الأخ فاروق كنا ، كما ذكر ذلك في مقاله المنشور في موقع الناس يوم 20/9/2005 ؟ .

طالما لا يوجد قانون يجبر المواطنات على ارتداء الحجاب ، فوفق أي قانون اصدر الأمين العام لمجلس الوزراء امره الأداري ؟ ، وما يجري في مدن الفرات الأوسط وجنوب العراق من اجبار النساء كل النساء مسلمات ومسيحيات وصابئيات على ارتداء الحجاب ، الم يكن ذلك مخالفا للقانون ؟
واية دولة قانون هذه التي يحصل فيها كل هذا الأكراه وعلى مسمع ومرأى من الحكومة ؟ .

ألم يوقع قادة احزاب الأسلام السياسي الشيعي ، ومن ضمنهم السيد رئيس مجلس الوزراء على قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الأنتقالية ؟ ، والذي تمتد مدة سريانه " حتى تشكيل حكومة عراقية منتخبة بموجب دستور دائم " كما تنص " المادة الثانية أ " منه ، أي انه ساري المفعول في الوقت الحاضر ، وهو يعد " القانون الأعلى في البلاد ويكون ملزما في انحاء العراق كافة وبدون استثناء " كما تنص "المادة الثالثة "منه ، أي بمثابة دستور مؤقت للبلاد .

ان قرار الأمين العام لمجلس الوزراء باطل ، ومخالف لقانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الأنتقالية ، كما سبق ذكره اعلاه ، لذا من الواجب ومن باب الأمانة لمراعاة دستور البلاد المؤقت ، ان يبادر السيد رئيس مجلس الوزراء بألغاء هذا الأمر الأداري المخالف للدستور المؤقت ، وسيادته الشخص الأول الذي يقتضى به تطبيق الدستور والقوانين .

وكذلك فأن ما قام به الأمين العام لمجلس الوزراء مخالف لما ورد في مسودة الدستور ، في المواد " 14" ، " 15" ، " 16" ، " 17" ، المادة 35 الفقرة اولا أ والفقرة ثانيا " ، " المادة 40" ، المادة 44 " والذي سيكون الدستور الدائم للبلاد بعد الأستفتاء عليه .