الكائن و الإيروتيك



هيثم بن محمد شطورو
2015 / 4 / 6

الجنس كممارسة ايروتيكية إلى متى يـبقى ممنوعا و محـرما و مقموعا على مستوى الذهن؟ أليس المنع و التحريم ذو دلالة قمعية رهيبة؟ و إذ يمارس الفرد قمعه لجنسانيته أليس نـفاقـا كبيرا بينما الشهوة الجنسية و الليـبـيدو و الرغبة في الموضوع الجنسي تكاد تغطي على كل رغباتـنا بـقـدر منعنا لها؟
و ابرز دلائـل القمع هو تحـويل الذهن إلى تابع للمقموع، و بالتالي فان عملية الاستبعاد و التحريم للجنس كممارسة و تـفكير فيه و تحـدث فيه يلف الفرد على نـفسه و يغـدو في بوتـقـته كأنه سر مقـدس، و يتحول إلى سلحفاة تغطي نفـسها بدرع لاصق فيها. فما نحن إلا مجتمع السلاحف ذكورا و إناثا، و ما الحـداثة التي تعني أساسا حرية الفرد و مسؤوليته عن نـفسه و مصيره إلا قـشرة بالية يفرضها العصر. فنحن لازلنا نعـيش تحت ضغط الضرورة، و تجد اشد دعاة الحرية من مثـقـفـينا يتـدحرجون إلى داخل قـبعة السلحـفاة ما أن يتعـلق الأمر بموضوع الجنسانية. مازال المثـقـف تحتكره صورة العـقـلاني رمز القمع للإرادة و الرغبة التي تكون الطبـيعة منبعها و سر تـوهجها و طغيانها على مجاميع النـفس..
الإسلامي يأمر بالحجاب العيني الملموس و العـلماني يأمر بالحجاب الرمزي من حيث اختـزاله للمرأة في كونها كائن عامل و مربي و مبدع.. المرأة جمال، و قـضية الجمال مرتبطة بتوهج النـفـس بحيث أن الروح العارية من الزيف تأبى إلا أن تـتعـرى في جسدها قـدر الإمكان لان الجمال يأبى إلا أن ينبلج كالشمس بما انه خير.
القمع الجنسي في الذهن يتـدحرج بالجنسانية إلى شهوة العضو التـناسلي فـقط، بينما هي في حقيقـتها اشمل من ذلك بكثير. فـتـلهف الذكر و الأنثى لبعـضهما و الهمسات و الملامسات التي تـشكل أهم رابط جنساني و المداعبات الكلامية و الحركية و التأنق في اللباس و نزوع الأنثى إلى تعـرية مفاتنها و إن كان برداء طويل لان مفاتن الأنـثى معطى جمالي و إن كانت شبه عارية أو شبه محجبة ، و مدى التطور الذهني لكليهما من حيث الـتـثـقف ، و مدى قبول الطرفين لحرية الآخر و مدى وعيه بحريته، و الشارع بما فيه من أماكن عامة تـشكل موطئا للتلاقي الحر لان الحرية لا معنى لها إلا بين الناس الأحرار..
و الأمر لا يستـثـني رغبة امتلاك الجسد و الروح فأي عبث مهول؟ فالإنسان حرية و لكن ليست الحـرية مجرد كلمة و إنما هي سر كل جمال و عـفوية و ارتباط صحي معافى من أدران رذيلة الرغبة في إخضاع كائن إنساني.. انظر إلى نسبة الطلاق في تونس و هي لا تخرج عن إطار مشكلة الحرية.
و هكذا يتم الشرود و الفوضى في معمعة عدم امتلاك الفرد لذاته بالوعي الحر.. و ما من وعي حر إلا بجسد حر في الذهن و الواقع... أليس غـريـبا أن تضم مفردة الجنس في اللغة العربية الكائن و الإيروتيك؟