المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....8



محمد الحنفي
2015 / 4 / 15

إلـــى:

§ ــ المرأة في عيدها الأممي الذي يبقى محتفى به حتى تحقيق كافة الحقوق الإنسانية للمرأة.
§ ــ جميع الحاضرين في أول ندوة تقيمها جمعية التنوير للثقافة والفكر، بعد الانتهاء مباشرة من عملية إنجاز ملفها القانوني.

§ــ كل من وجهنا إليهم الدعوة، ولم يحضروا إما لغياب الاهتمام، أو استخفافا بالجمعية.

§ــ الأعضاء المؤسسين لجمعية التنوير للثقافة والفكر.

§ ــ أعضاء المكتب الذين أخذوا على عاتقهم السير بالجمعية، في اتجاه تحقيق أهدافها النبيلة.

§ ــ من أجل ثقافة تنويرية متحررة.

§ ــ من أجل ترسيخ قيم نبيلة في واقعنا.

محمد الحنفي

الخلاصة:

وبعد تناولنا للشروط التي نعيشها عالميا، ومغربيا، وللتحولات القائمة، وانعكاساتها على الإنسان المغربي، رجلا كان، أو امرأة، ولمفهوم المرأة كنوع، وكإنسان، وللأمل فيها، وأثر تحولات التشكيلة الاقتصادية ـ الاجتماعية على المرأة، والنظرة الدونية للمرأة، ولتسييد هذه الدونية في المجتمعات البشرية، وللنضال من أجل انعتاق المرأة من دونيتها، ولواقع المرأة المغربية، ولآفاق المرأة على المستوى العام، وعلى المستوى المغربي، نصل إلى تسجيل الخلاصات الآتية:

الخلاصة الأولى: أن الأصل في العلاقة بين الرجل، والمرأة، هي المساواة بينهما: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بحكم طبيعة مرحلة المشاعة، التي فرضت تلك المساواة، التي لا ترتبط لا بالنضال، ولا بالإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة، وأن الناس في مرحلة المشاعة، أو المرحلة البدائية، كان كالحيوانات، لا يعرف لا القراءة، ولا الكتابة، ولا معنى التفكير، ولا معنى التدبير، وكل ما يعرفه: أن الطبيعة تنتج الخيرات، وهو يكتفي بحاجته من تلك الخيرات، ولمدة لا نعلم كم استغرقت من القرون. وكل ما يمكن قوله هنا، بعيدا عن القصص الدينية المتعلقة بخلق الإنسان، أن الرجل، والمرأة، معا، متساويان في العلاقة فيما بينهما، وفي الارتباط بالطبيعة.

الخلاصة الثانية: أن المرأة في المرحلة الموسومة بالأميسية، تمكنت من السيادة على جنس الرجال، تتحكم فيهم كما شاءت، وتنسب أبناءها، وبناتها لمن تشاء منهم، وتدخل إلى بيتها من تشاء، وتمنع من الدخول عليها من تريد، من منطلق أنها هي المعنية بالاستقرار، باعتبارها ولودا، وباعتبارها مربية. ولا نستطيع وصف هذه المرحلة الأميسية بالعبودية، أو الإقطاعية، نظرا لكون الملكية لم تظهر فيها، حتى نستطيع تحديد طبيعة تشكيلتها الاقتصادية ـ الاجتماعية، مما يجعلها مرحلة سيادة المرأة بامتياز، حتى وإن كانت ذات امتداد مشاعي.

الخلاصة الثالثة: أنه بعد المرحلة الأميسية، عاشت المرأة عصورا من العبودية، ابتدأت بمرحلة التشكيلة العبودية، ومرورا بالتشكيلة الإقطاعية، وانتهاء بالتشكيلة الرأسمالية. وهذه التشكيلات جميعا، هي تشكيلات استغلالية، يمارس فيها الاستغلال على الرجل، والمرأة على حد سواء، بالإضافة إلى استغلال الرجل العبد، أو القن، أو العامل، والأجير للمرأة في البيت، مما يجعل المرأة عانت، وتعاني من الويلات، التي لا حدود لها. وقد يقول قائل: إن المرأة كانت سيدة، تملك العبيد، والإماء، أو إقطاعية، تملك الأرض بأقنانها، وقناتها، أو رأسمالية، تملك وسائل الإنتاج التي تستغل بواسطتها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فنرد عليه بأن امرأة من هذا النوع، تنتمي إلى طبقة الأسياد التي تستغل العبيد، أو إلى طبقة الإقطاعيين التي تستغل الأقنان، والقنات، أو الطبقة البورجوازية، التي تستغل العمال، والعاملات، والأجراء، والأجيرات، والكادحين، والكادحات، وبدون حقوق إنسانية، في معظم الأحيان. وكون بعض النساء من الطبقة المستغلة، في كل تشكيلة اقتصادية ـ اجتماعية، لا يغير من الأمر شيئا، لأن ذلك ليس لصالح تحرير النساء، بقدر ما يساهم في استعبادهن.

الخلاصة الرابعة: أن المرأة ناضلت، ولا زالت تناضل، من أجل أن تتمتع بحقوقها كاملة، حتى تصير مساوية للرجل على جميع المستويات، غير أننا لا نستطيع أن نثبت، أو ننفي عنها النضال، من أجل حريتها، في التشكيلة العبودية، ومن أجل انعتاقها من عبودية الأرض، في التشكيلة الإقطاعية، لكن ما نحن متأكدون منه، أنها ساهمت كعاملة، أو كأجيرة، في النضال ضد الاستغلال في التشكيلة الراسمالية، التي لا زالت تمارس الاستغلال الهمجي على العمال، والعاملات، وباقي الأجراء، والأجيرات، وسائر الكادحين، والكادحات، وخاصة في مرحلة النيوليبرالية، التي استطاعت فيها الراسمالية إنهاك شعوب العالم، باستغلالها المادي، والمعنوي، نظرا لتطوير وسائل الإنتاج.

الخلاصة الخامسة: أن نضال المرأة أصبح مفتوحا على تحقيق المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، في الحقوق، وفي الواجبات، في أفق إيجاد مجتمع نوعي، لا وجود فيه لما يخدش كرامة المرأة، خاصة، وأن هذا النضال، في اتجاه تحقيق المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، لا بد أن يترتب عنه ملاءمة كافة القوانين، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير الملاءمة المذكورة، وسيلة لتفعيل المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن تتمكن المرأة من استرجاع مكانتها الضائعة. وهو ما يترتب عنه قيام علاقات التوافق بين النساء، والرجال، على مستوى تكوين الأسر، لينتفي بذلك، وإلى الأبد، التعامل مع المرأة على أنها شيء، وعلى تبضيعها، ولتنتفي دونيتها، واستعبادها، واستغلالها من قبل الطبقات المستغلة، ومن قبل من يمارس علي العمال الاستغلال، الذين يستغلون بدورهم المراة.

وهذه الخلاصات، وغيرها، مما لم نذكر، ستساهم بشكل كبير في عملية التحول النوعي، الذي تعرفه المرأة على المستوى العالمي، وعلى المستوى الوطني، نظرا للعلاقة الجدلية القائمة بين ما هو وطني، وما هو عالمي.

غير أن الخلاصة الأساسية، التي يجب الوقوف عندها، في سياق معالجة موضوعنا، هي أن قضية المرأة، باعتبارها قضية إنسانية، هي أيضا قضية طبقية، لا يمكن التخلص منها، وبصفة نهائية، إلا بتخلص البشر من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. وهو ما يعني التحرير الكامل للمرأة، والرجل معا، وتحقيق الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق القضاء على الاستغلال، وصيرورة ملكية وسائل الإنتاج بيد الشعب.

فهل تتغير الشروط التي نعيشها بشروط نقيضة، تساهم في تمهيد كل السبل المؤدية إلى تحقيق التمتع الكامل، بكافة الحقوق الإنسانية، للرجال، والنساء على السواء؟

وهل تصير التحولات القائمة في المغرب مستقبلا، لصالح تمكين المرأة المغربية من حفظ كرامتها؟

وهل نتجاوز وضعية المرأة، كنوع خاضع للاستغلال المزدوج، إلى تحقيق إنسانية المرأة؟

وهل تستعيد المرأة مكانتها التي كانت تتمتع بها قبل بروز التشكيلات الطبقية ـ الاستغلالية؟

وهل يزول أثر التشكيلات الطبقية ـ الاستغلالية التي عرفتها البشرية عن المرأة؟

وهل تعرف النظرة الدونية إلى المرأة طريقها إلى الزوال؟

وهل يمتد النضال في صفوف النساء من أجل رفض دونية المرأة؟

وهل تزول شروط التحكم في واقع المرأة المغربية؟

وهل تتمكن النضالات على المستوى العام، من تغيير شروط الواقع العام، لصالح المرأة؟

وهل تتمكن النضالات القائمة في المغرب، من تغيير شروط الواقع المغربي لصالح المرأة، التي تسعى إلى الانعتاق من دونيتها؟

إن هذه الأسئلة، وغيرها، عندما تطرح، إنما تستشرف الآفاق، وتحفزنا على العمل من أجل التغيير الشامل للواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة الكاملة بين النساء، والرجال، من أجل تخليص المجتمع من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ومن تكريس دونية المرأة، والشروع مباشرة في تحقيق التقدم، والتطور، بمساهمة النساء، والرجال على حد سواء.

ابن جرير في 8 مارس 2015

محمد الحنفي