المرأة في ظل النظام الذكوري..وانعدام التقدير الاجتماعي



جاسم الصغير
2005 / 9 / 26

تعد الاوضاع الحياتية التي يعيش فيها الإنسان من المحددات التي تهيئ للإنسان سواء كان رجلاً أم امرأة آفاقا رحبة أن كانت هذه الاوضاع الحياتية مستندة على اسس ديمقراطية وانسانية تكفل للإنسان انطلاق مواهبه ومكانته الذهنية، اما إذا كانت هذه الاوضاع على النقيض من ذلك حيث لا ديمقراطية ولا نزعة انسانية فطبيعي جدا ان تكون النتيجة عكس ذلك تماما حيث تسود القيم العنصرية والشوفينية التي تميز بين بني البشر رجلاً كان أو امرأة.
ومن هنا كانت وضعية المرأة في المجتمعات التي يسودها النظام الاجتماعي الذكوري ففي هذه المجتمعات والتي غالبا ما تكون في دول الشرق حيث المجتمعات الراكدة والتي تفقد القيم ذات المنحى الانساني والتي تعيش في ظل نظام اقطاعي يؤمن بالقيم التي تميز بين الرجل والمرأة.
ان وضع المرأة في ظل هذه الأنظمة هو مزيد من الألم والحيرة بسبب هذه القيم التي يؤبنها هذا النظام الاقطاعي، حيث نرى جميعا أن المرأة تكون في حالة أشبه بجمع النقيضين في كفة واحدة وهي حالة غريبة حيث يراد أن تكون ضرورة لقضاء حاجات المجتمع والاسرة من ناحية، وغير ضرورية من ناحية عدم منحها ما يترتب على هذا العطاء الذي تبذله والذي تمنحه للمجتمع والاسرة أو العائلة.
أن هذه المعادلة غير المتكافئة لا يمكن أن تنتج تركيباً سليماً من الناحية العلمية حسب الوصف باللغة الكيميائية..
ومن هنا من الطبيعي جدا أن يحصل خلل في التركيبة الاجتماعية وفي نظام القيم الاجتماعية السائدة حيث تسود قيم لا تمتلك الحد الأدنى من النزعة الإنسانية وتشكل قمة الجنوح في معايير القيم الإنسانية.
أن هذ ا الوضع الشاذ والموجود في حياتنا الواقعية هو في الحقيقة عائق كبير جدا في امكانية حصول أو بلوغ نظام ديمقراطي عصري لأن الأنظمة الديمقراطية تتطلب سيادة رؤية مدنية معاصرة في النظرة إلى صلة أو علاقة بين الرجل والمرأة قائمة على اسس صحيحة وان ينظر إلى كينونة الانتساب سواء كان رجلاً أم امرأة نظرة انسانية بحتة في الوجود أو الدور أو الحقوق والفرص الممنوحة لهم، لهذا فأن المجتمعات التي تبغي الدخول إلى العصر وتتمتع بمزاياه يجب أن تمارس نوعا من الانزياحات في الرؤية وفي النظرة إلى طبيعة الإنسان ومنها النظرة إلى المرأة بحيث ينظر لها على انها تكمل دور الرجل في تنشئة الأسرة لا واجب ملقى عليها بسبب طبيعة جنسها المنظور له من ناحية متدنية بل انها انسانة ولها الطموح والمزايا كالرجل وان احسنت استثمار هذا الدور وحسب الفرصة الممنوحة لها تأتي النتائج جيدة ومشجعة... وطبعا ذلك يتطلب من المرأة قدرا لا بأس به من ثقافة تكتسبها بتفاعلها مع قيم العصر وان تنظر إلى نفسها بثقة تامة على انها قادرة على هذا العطاء وان تقي ذاتها وكينونتها تماما كامرأة كاملة الشخصية وليست من (الحريم) وحسب ما كان سائدا في الأيام الغابرة وهكذا نرى المجتمع الذي يتميز بقيم ديمقراطية حقيقية تكون وضعية الإنسان فيه في مجتمع مفتوح وذي مسيرة هادئة ومنتجة ويمنح الفرصة لكل أبنائه... على عكس المجتمع الذكوري القطاعي حيث أن الإنسان فيه معدم ومن نظرة بسيطة إلى حال مجتمعات اوربية تتبع سلم الدول المتقدمة نرى فيه ان الإنسان رجلا كان ام امرأة يتميز بقيم الولاء والحب لمجتمعه الديمقراطي لأن مجتمعه منحه التجانس والتمتع بصفة الانتماء وبلا أي تمييز بين كونه رجلا ام امرأة.
ونرى هذه المجتمعات قبل قرنين أو ثلاثة كانت مجتمعات عديمة الإنتاج الحضاري بسبب هيمنة قيم الاقطاع والذكورية وبعد ما حددت سبب اخفاقاتها نقضت عنها القيم السائدة وقتها من تمييز أو استبداد سواء كان سياسياً أو اجتماعياً وتحررت من آثار المجتمع الذكوري وتبنت قيم الديمقراطية المعاصرة فأصبحت من الشعوب والمجتمعات التي يشار لها بالبنان والاحترام بفضل مسيرتها الديمقراطية لكل أبناء المجتمع وفي اطار من المساواة والرعاية بشكل عادل وانساني لأنه في ظل هذه القيم تنمو الشخصية الإنسانية رجلاً كان ام امرأة بشكل حر وفق نسق حضاري وعصري يكفل للجميع تنمية سجاياهم وملكاتهم الذهنية والسيكولوجية وتجعلهم اكثر انفتاحا وتفاعلا مع قيم العصر.