عرض لكتاب نوال السعداوي ( الوجه الآخر لحواء ) - ماجدة سلمان



مازن كم الماز
2015 / 4 / 23

عرض لكتاب نوال السعداوي ( الوجه الآخر لحواء ) - ماجدة سلمان
نشر لأول مرة في المجلة اليسارية الراديكالية الإسرائيلية العربية خماسين - العدد الثامن , عام 1981

كتب نوال السعداوي , التي بدأت بالظهور في بيروت اعتبارا من عام 1974 , كانت كشفا بالنسبة للكثير من المثقفين العرب , رجالا و نساءا , الذين لم يكونوا مطلعين على الأدب النسوي ما بعد عام 1968 . في كتب مثل المرأة و الجنس , الأنثى هي الأصل , المرأة و السيرة النفسية , طرحت نوال السعداوي بشجاعة المشاكل المحرمة التي عرفتها بشكل وثيق من خلال تجربتها كطبيبة و ممارسة نفسية في الريف و المدن المصرية . صورت السعداوي بؤس المرأة العربية بصراحة و دون زخرفة . ليس فقط عدد غير قليل من النساء , بل من الرجال أيضا , تأثروا بأفكارها و تحليلاتها عن العذرية , البرود الجنسي , استئصال البظر ( أو ختان الإناث - المترجم ) , و قضايا الرجولة و المشاكل التي يفرض على الرجال تحملها .
حاولت السعداوي في كتاباتها العربية بقدر المستطاع أن تتجنب أية مواجهة مع الإسلام و الدين . و عندما كانت تذكر هذا الموضوع , فقط لكي تشير إلى أن الرجال فسروا الدين دائما لصالحهم , أو أنه لا يجب السماح للدين بالتدخل في العلم .
و مع ظهور أول كتاب لها باللغة الانكليزية , كتبت السعداوي مقدمة للقراء الذين يتحدثون الانكليزية . إن نتائج محاولتها هذه لمخاطبة جمهور جديد لا تنعكس فقط في المواقف التي أخذتها الكاتبة , فهي تقدم لنا نوال سعداوي جديدة بالفعل : ناشطة نسوية عربية سقطت في فخ التبرير القومي و ردود الفعل الدفاعية المصممة لتجميل الواقع أمام "أجانب" انتقاديين .
تعتبر السعداوي نفسها اشتراكية , و مصطلحاتها الطبقية تعكس ذلك . لكن مضمون تحليلها يستسلم بسهولة لردود الفعل أو الارتكاسات القومية , و نتيجة لذلك يصبح خلطا ملفقا من الحداثة و الإخلاص للمثل العربية الإسلامية . تزعم السعداوي أن الإسلام قد استخدمته أحيانا الإمبريالية و المخابرات المركزية ( الأمريكية )
اقتباس
"أي غموض في تعاليم الدين الإسلامي , أي خطأ يرتكبه زعيم إسلامي , أي سوء في تفسير المبادئ الإسلامية , أي إجراء أو سياسة رجعية من قبل الحكام المسلمين , يمكن أن تصبح مادة للمؤامرة الإمبريالية , التي توججها استفزازات وكالة المخابرات المركزية , و يمكن أن تثيرها و تؤكد عليها الدعاية الغربية" . ( المقدمة , ص 6 ) .
و هي تجادل من جهة أخرى بأنه يمكن للإسلام أن يخدم مصالح الجماهير المستغلة :
اقتباس
"شهد العقدان الأخيران عودة قوية في الحركات الاجتماعية و السياسية ذات الملمح الإسلامي ... تهدف هذه الحركات إلى الانعتاق الثقافي , و الاستقلال , حيث تسير الهوية على التوازي مع النضالات السياسية و الاقتصادية التي تخوضها شعوب البلدان المتخلفة و تتشابك معها" ( نفس المصدر , ص 7 ) .
في هذا فشلت السعداوي في أن تتجاوز القومية العربية الإسلامية للناصريين و البعثيين و أشباههم , الذين لم تتجاوز معاداتهم للإمبريالية الحدود الضيقة للصراع ضد الإخوان المسلمين من جهة و استخدام الإسلام و أيضا شعار الهوية القومية و الثقافية من جهة أخرى . "لا تنشروا الغسيل القذر على الملأ" . "أولا دعونا نتخلص من الإمبريالية" . هذا هو للأسف النتيجة النهائية لمواقف نوال السعداوي , التي ترى أن كل نضالات النساء يجب أن تخضع لمعركة التحرر الوطني .
كتبت تقول أن :"الحركات النسوية في الغرب التي تكرس جهودا كبيرة لقضية المرأة في كل مكان , قد بدأت بفهم الجوانب المحددة في وضع البلدان المتخلفة التي عليها أن تأخذها بالاعتبار حركات تحرر المرأة . لأنه على الرغم من وجود خصائص مشتركة بين هذه الحركات في كل مكان من العالم , فإن اختلافات أساسية هي أمر حتمي عندما نتعامل مع مراحل مختلفة من التطور الاقتصادي الاجتماعي و السياسي" .
قد يكون هذا صحيحا , لكن نوال السعداوي تستخلص من هذا أنه "في البلدان المختلفة , ما يزال التحرر من الهيمنة الأجنبية هو المهمة الأساسية في أغلب الأحيان و أن هذا يؤثر على مضمون و أشكال النضال في مجالات أخرى . بما في ذلك وضع المرأة و دورها في المجتمع . إن الفروق الثقافية بين المجتمعات الغربية الراسمالية و المجتمعات العربية الإسلامية هي أيضا ذات أهمية . إذا لم يؤخذ هذا كله بعين الاعتبار و يدرس بعناية , فإن الحماسة و روح التضامن بحد ذاتها قد تقود الحركات النسوية لأن تأخذ مواقفا ضد مصالح حركات التحرر في الشرق , و بالتالي تكون مضرة بالنضال من انعتاق النساء . قد يفسر هذا حقيقة أن الأوساط التقدمية بين النساء الإيرانيات تبنين موقفا محايدا إلى حد ما من بعض الشخصيات النسوية الأمريكية اللواتي هرعن إلى إيران للدفاع عن أخواتهن ضد النظام الرجعي الذكوري الشوفيني الذي كان يهدد بسجن النساء خلف الخرق السوداء للشادور" ( نفس المرجع , ص 9 ) .
من الممكن أن تكون نوال السعداوي قد فشلت في إدراك أن موقفها هذا لا يختلف البتة عن موقف أي قومي يقوم بأسطرة مسألة الإمبريالية لإفراغها من أي مضمون . كتبت تقول : "من الضروري أن نفهم أن الصرع الأكثر أهمية الذي يواجه النساء في البلدان العربية الإسلامية ليست "حرية الفكر" في مواجهة "الاعتقاد بالدين" , و لا "حقوق المرأة" ( كما تفهم أحيانا في الغرب ) في مواجهة "شوفينية الذكر" , و لا أنها تهدف إلى أية جوانب سطحية من الحداثة التي تميز العالم المتقدم والمجتمعات الغنية ... ففي جوهره إن النضال الذي يخاض الآن يهدف لضمان أن تخلص الشعوب العربية نفسها ... مرة واحدة و إلى الأبد من سيطرة و هيمنة المصالح الرأسمالية الأجنبية" .
بهذا يرى التحرر الوطني كغاية في ذاته دون أي محتوى اجتماعي محدد - و يفهم من زاوية معادية للأممية . ترفض السعداوي بقوة تضامن الناشطات النسويات الغربيات , لدرجة التخلي عن النساء اللواتي يناضلن ضد الظلامية الإسلامية في إيران إلى مواجهة وحيدة مع القوى الأكبر للتعصب . هذا الموقف يقود السعداوي بعيدا جدا - إنه يجبرها بالفعل على تجاوز الحد بين القومية المتشددة و التبرير , على أقل تقدير , تبرير الفظائع التي ترتكب في مجتمعها , في كل مرة يستنكر "أجانب" هذه الأعمال . رغم أن الفصل الأول من الوجه المختفي لحواء يصف التعذيب الجسدي و الأثر النفسي الذي عانته الكاتبة نفسها عندما تعرضت للختان في سن السادسة , كحدث مؤلم سيترك آثاره لاحقا على حياتها الجنسية , تقول السعداوي في مقدمتها باللغة الانكليزية :
اقتباس
"تنوح ( النساء في أمريكا و أوروبا ) و يصرخن دفاعا عن الضحية , يكتبن المقالات المطولة و يلقين الخطابات في المؤتمرات . بالطبع , من الجيد أن يشجب ختان الإناث ... أنا ضد ختان الإناث و ضد الممارسات المتخلفة الوحشية المماثلة ... لكني لا أتفق مع النسوة من أمريكا و أوروبا الذين يركزن على قضايا كختان الإناث و يعتبرونها دليلا على الاضطهاد غير العادي و البربري الذي تتعرض له النساء فقط في البلدان الأفريقية و العربية"
هذا الموقف الدفاعي يوقع السعداوي في تناقضات تنتهي بها إلى الشلل . هي نفسها تلاحظ أنه "حتى هذا اليوم , أية امرأة مصرية , تملك عملا و وظيفة , حتى لو كانت وزيرة , ستبقى محكومة بقانون الطاعة الذي يكرسه قانون الزواج المصري ... حق الرجل المطلق في الطلاق في البلدان العربية الإسلامية , و الزواج بأكثر من زوجة , و الفجور المقنن , ينفي أي أمن حقيقي و استقرار بالنسبة للأطفال و يدمر أسس الحياة العائلية الحقيقية" ( نفس المصدر , ص 13 ) . لكنه القانون الإسلامي لحياة الأسرة , الذي وضعه و طبقه النبي محمد نفسه , هو نفسه الذي تستشهد السعداوي به دون أن تجرؤ على التشكيك في عقيدة هذا النبي و المؤسسات التي أنشأها .
ترى الدكتورة السعداوي عكس هذا . حيث تقول :
اقتباس
"لأن الإسلام في جوهره , في تعاليمه الأساسية , في نشوئه و تطوره تحت قيادة النبي محمد , كان دعوة لتحرير العبيد , دعوة للمساواة الاجتماعية و الملكية المشتركة للثروة في أشكالها البدائية ... لكن الاشتراكية البدائية في الإسلام لم تدم طويلا . سرعان ما دفنت تحت النمو المزدهر لطبقات جديدة ظهرت و قويت بعد وفاة محمد" ( نفس المصدر , ص 3 ) . من دفاعها عن النبي محمد و مؤسساته , تنتقل السعداوي إلى تمجيد الثورة الإسلامية الإيرانية : "لذلك فإن الثورة الإيرانية اليوم هي إرث طبيعي للنضالات التاريخية للعرب في سبيل الحرية , الذين استمروا بالنضال تحت راية الإسلام و استمدوا قوتهم من تعاليم القرآن و النبي محمد" ( نفس المصدر , ص 4 ) .
و تقول :
اقتباس
"لذلك فإن الثورة في إيران في جوهرها سياسية و "اقتصادية" . إنها انفجار شعبي يسعى لتحرير شعب إيران , رجالا و نساءا , لا لإرسال النساء من جديد إلى سجون الحجاب , و المطبخ و غرف النوم" ( نفس المصدر , ص 3 ) .
أقل ما يمكن أن يقوله المرء هو أن الوقائع تناقض السعداوي لسوء الحظ و تفسيراتها للإسلام .
تنتقد السعداوي الناشطات النسويات الغربيات اللواتي يعزلن مشكلات النساء عن الوضع السياسي و الاقتصادي . لكن السعداوي تسير نحو هاوية أخرى , من شأنها أن تلقي إلى الهاوية بالنسوة العربيات اللواتي علمتهن الكثير . إنها هاوية النزعة الدفاعية القومية التي تنزع إلى التقليل من المظالم الموجودة في المجتمع العربي و تنفي كل واقع حقيقي للنضال الذي تسعى الكاتبة نفسها لتكون بخدمته .
نقلا عن
https://libcom.org/library/nawal-saadawi%E2%80%99s-hidden-face-eve-book-review-%E2%80%93-magida-salman


من المترجم , بدلا من التعقيب :
إذا لا يمكنني أن أرقص , لا أريد أن أكون جزءا من ثورتكم - إيما غولدمان ............