صورة المرأة في الخطاب الديني



يامنة كريمي
2015 / 4 / 23

قبل الدخول في صلب موضوع "صورة المرأة في الخطاب الديني" كان من الضروري الوقوف على بعض النقاط وهي:
* المرأة موضوع المداخلة هي المرأة الشعبية لأن وضعية المرأة تختلف باختلاف الزمان والمكان والطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها. (فحياة الجدات تختلف عن حياة الحفيدات على جميع المستويات. وعلى مستوى الفئات الاجتماعية فواقع المرأة في أعلى الهرم الاجتماعي يختلف عن واقع المرأة في قاعدة أو أسفل الهرم واقصد بالواقع كل ما يرتبط بالحقوق والواجبات.
* ضمان حقوق المرأة وكرامتها لا يضر الرجل ولا يمس بكرامته لأن مجال الحق والعدل يتسع للجميع وكرامة المرأة وعزتها وقوة شخصيتها ينعكس إيجابيا على الرجل والأسرة والمجتمع والعكس بالعكس. والمرأة المتخلفة المعزولة الجاهلة الضعيفة لا يمكن أن تنجب سوى شعبا بالمواصفات المذكورة.
- طلب مساواة المرأة بالرجل منذ الأزل وبالنسبة للتاريخ الإسلامي حصل منذ العهد النبوي وبالتالي لا هو غربي ولا هو شرقي وإنما هو حاجة فطرية
* من العبث في عصر حقوق الإنسان وزمن تكنولوجيا الإعلام والتواصل أن نرفع شعار المرأة مكرمة في الإسلام باليد اليسرى ونشهر سيف الردة باليمنى، وذلك لأمرين أساسيين على الأقل، أولا لأن معايير مفهوم الكرامة حاليا قد اختلفت عن معايير الكرامة في تلك الفترة بقوة التاريخ وتغيير حاجيات ومصالح الناس. ومن جهة أخرى لأن طمس الحقائق، لم يصبح لها مكان في ظل تكنولوجيات الإعلام والتواصل. لذلك وإن كنا لا ننكر بأن الإسلام قد حسن من وضعية المرأة الشعبية فكذلك لا بد وأن نقف على بعض النصوص التي يعتبر ظاهرها مسا بكرامة المرأة ونحاول طرحها للحوار وقراءتها من جديد في إطار مقاصد الإسلام مما سيفضي حتما إلى تحقيق مصالح الفئات المتضررة ويضمن للدين الإسلامي الاستمرارية والقبول التي جلعها الله له في الاجتهاد واليسر والعدل.
- الوقوف على مسألة الفقه في هذه المداخلة راجع لكونه له أثر كبير على تشكيل الفكر والثقافة الاجتماعية الشعبية بالمجتمعات الإسلامية، مع إنكار قدسية الفقه والفقهاء التي وصلت لمستوى الشرك. فالفقه اجتهاد بشري يحتمل الصواب والخطأ ويعكس ذاتية صاحبه أو رأيه إن صح التعبير،والدليل هو أن الفقهاء يختلفون أكثر ما يتفقون حول أمر ما سواء على مستوى الإسناد أو التفسير أو الاجتهاد وبالتالي لا يصح أن يعتبر الفقه في مستوى المراجع المقدسة ولا يمكن أن يعتبر علما بالمفهوم الحالي للعلم كما لا يحق له أن يتولى الوصاية على دين الناس لمشيئة ربانية تكمن في كون الله يحمل لكل إنسان مسؤولية دينه سواء من خطابه الموجه مباشرة للناس وكذلك من كونه سيحاسب كل فرد على ما أتى به من افعال لوحده ودون وصي.
أما عن المداخلة -وإن كانت مجرد أرضية للنقاش لأن الموضوع أوسع وأعقد لا يتسع الوقت للإحاطة بكل جوانبه- فقد أجملتها في ثلاث محاور هي:
1) صورة المرأة في النص الإسلامي، آيات قرآنية وسنة نبوية.
2) صورة المرأة في الفقه الإسلامي كإنتاج بشري.
3) واقع المرأة الشعبية وخاصة المغربية.
4) تداعيات التناقض ما بين قصور المرأة في تمثلات الفقهاء والذكورين وفعاليتها وكفاحها في الواقع
5) اقتراح بعض التوصيات

1) صورة المرأة في النص الإسلامي، آيات قرآنية وسنة نبوية.
بالرغم من وجود ما لا يحصى من الآيات التي تحث على المساواة بين الذكر والأنثى لأن المساواة هي الأصل فهناك من النصوص القرآنية التي يرمز ظاهرها للتمييز الجنسي وتبخيس المرأة ومنها:
-(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ...) النساء 34
- (...ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف وللرّجال عليهنّ درجة، واللّه عزيز حكيم) الآية 228 من سورة البقرة
- (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) البقرة الآية 282
- (يوصكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين...) سورة النساء الآية 11
- (وَٱ-;-لَّٰ-;-تِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱ-;-هْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) النساء 34
- (وَإِنِ ٱ-;-مْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱ-;-لصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱ-;-لأنْفُسُ ٱ-;-لشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱ-;-للَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا)النساء 128
- (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ، ﴾-;-
الآية 3 سورة النساء
- (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل الموسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) الآية 14 سورة آل عمران
- (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ-;- شِئْتُمْ...) الآية 223 سورة البقرة
- (...فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ-;- وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) سورة النساء الآية 24 وابن عباس يقول: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى...)
فيما يتعلق بالسنة النبوية كما تشهد على ذلك كتب التاريخ والسير هو أنه لم يقم يوما بتعنيف المرأة كزوجة أو بنت ...وما قيل عنه في هذا الباب أشك في مصداقيته كيفما كان مرجعه وسنده عملا بقوله صلوات الله عليه: (ما اتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فهو مني وإن لم يوافقه فاضربوه عرض الحائط). ولنعد للآيات القرآنية.
هذه الآيات في ظاهرها وبمعزل عن سياقها أي ظروف وأسباب نزولها وتحديد مفاهيمها ولغتها ترمز للتمييز وتحقير المرأة لكن عندما نعتمد النهج السياقي نجد على أن الآيات التي تشير للتفضيل في زمانها كانت عادلة ومنصفة لكون مفهوم العدل في زماننا ليس كمفهوم العدل في ذلك الوقت وكذلك لكون المرأة الشعبية في تلك الفترة كانت وضعيتها أكثر تأزما من اليوم وأن الإسلام قد منحها بعض الحقوق حسب ما سمحت به الظروف لأن الفكر الذكوري في عهد البطولات الإسلامية أي الغزوات وحيث كانت حاجة الإسلام ماسة للذكور الذين عارضوا حتى ما متعها به الإسلام من حقوق على قلته ( ثلث الإرث والحصول على الرضخ في الحرب والخروج للمسجد ...بحجة أنها لا تركب الفرس ولا تأتي بالغنيمة. لكن حاليا الأوضاع قد تغيرت وبتغير لأوضاع تتغير الأحكام بما فيها أحكام المرأة وبمرجعيات إسلامية مثل وجود الناسخ والمنسوخ سواء عهد النبي أو عمر...وكذلك القاعدة الفقهية التي تقول: (الحكم الشرعي المبني على علة يدور مع علته وجودا وعدما) وهذا يصدق خاصة على آية المواريث فيما يتعلق بالزوجة والبنت حيث كانت علة التفضيل هي النفقة وحاليا كلا الزوجين ينفق وهناك في المغرب ما يفوق 25 في المائة من الأسر تعيلها نساء لغياب الرجل أو عجزه أو عدم تحمله للمسؤولية.... أي ان العلة قد انعدمت ويجب أن يزول معها التفضيل. أما في آيات النشوز إذا اعتمدنا ظاهر الآيتين، نلاحظ أن هناك ظلم وحيف في حق المرأة حيث نجد في حالة نشوز المرأة الحل هو الضرب وفي حالة نشوزالرجل الحل هو الصلح . وهذا ليس من صفات الله وبالتي فالمشكل يرجع لخطإ في التدوين أو إهمال في اللغة حيث توصل بعض الباحثين إلى أن معنى الضرب أنذاك غير معناه اليوم. فالضرب في الأرض هو السفر والخروج. وحضوره هنا يعني مطالبة الرجل بالابتعاد عن المرأة حتى تهدأ وتصفى الأجواء وهذا حل معقول ومنطقي لا زال الناس يتعاملون به في حالة الخلاف. اما عن جعل المرأة متاع الدنيا كالفرس أو الذهب...ونعتها بالحرث...وأداة لمتعة الرجل الذي يؤدي لها أجرها فإذا وقفنا عند ظاهر الآية وبمناهج وآليات العصر سيعتبر دلك تشيئ للمرأة ومس بكرامتها والمتاجرة فيها...لكن إن كنا نؤمن بأن المفاهيم واللغة والقيم تختلف من زمان لزمان ومن مكان لمكان ومن سياق لسياق سوف لن نختلف في اعتبار المسألة عادية وما نحتاجه هو الاجتهاد في آيات الأحكام والمعاملات وإعادة قراءتها وتأويلها لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين وسنتأكد من أن النصوص القطعية والمحكمة هي نصوص الاعتقاد والعبادات.
والخلاصة هي أن الاجتهاد والقراءة السياقية والتاريخية لنصوص الأحكام والمعاملات أصبحت حاجة ملحة أما الإرادة الإلهية فبريئة من ظلم المرأة لأن الله لا يمكن أن يسويها بالرجل في العبادات والمسؤوليات وينص على دونيتها في الحقوق وحيث كان العدل فهناك شرع الله.

2) صورة المرأة في الفقه الإسلامي
يقول"حجّة الإسلام الغزالي" في النّكاح والزّوجة "والقول الشّافي فيه أنّ النّكاح نوع رقّ، فهي رقيقة له، فعليها طاعة الزّوج مطلقا في كلّ ما طلب منها.في نفسها ممّا لا معصية فيه…" (إحياء علوم الدّين، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1986، 2/ 62-64.
أما ابن تيمية فقال فقد وضع للمرأة صورة قاتمة حيث جعلها محصورة في كل ما هو سيئ ورذيء- فالمرأة في رأيه ضعيفة كاللحم على وضم, وهي أحوج إلى الرعاية والملاحظة من الصبي !وأنها عورة وهي أسيرة للزوج, وهي كالمملوك له, وعلى المملوك والعبد الخدمة :وأنها لا تنال ما ينال الرجل في رؤية ربه يوم القيامة. ....

باستنثاء فئة قليلة من الفقهاء،(ابن عرضون) فالفقه من خلال التأويل والاجتهاد وإصدار الفتاوي والدعوة والإرشاد وتنظيم أنشطة ولقاءات بشكل مكثف ... يعطي صورة سلبية عن المرأة قديما وحديثا مما جذر لثقافة تبخيس المرأة وتحقيرها في المجتمع الإسلامي. فالمرأة في نظر الفقه قاصر وغير راشدة تحتاج لقوامة ووصاية الذكر ( الزواج الطلاق السفر التعلم الخروج الدخول الكلام...) وحتى و إن كان ذلك الذكر ابنها الصغير أو أحد المحارم وإن كان أحمقا او منحرفا. كما يعتبرونها مصدرا للفساد يجب حجبها وعزلها إما عن طريق الإقرار في المنزل وخدمة وطاعة الذكر سواء كان أبا أو أخا أو عما...أو زوجا أو عن طريق اللباس ... كما أنها في نظرهم ناقصة عقل مما جعلهم يحرمونها من الدراسة لقرون طويلة ويعتبرونها إلى يومنا هذا تعجز عن تحمل المسؤوليات الكبرى وأنها نجاسة تفسد الوضوء مما جعل ظاهرة عدم مصافحة تنتشر في أماكن العمل وبعض المرافق العمومية أو حتى الخاصة.وكما تعتبر المرأة موضوع تطير مثل البومة أو الكلب الأسود ... وهي في مستوى العبد ومجرد متاع الدنيا واللعنة تصاحبها لأنها تخالف أوامر الرجل ولا تلبي حاجياته وتوفر راحته دون قيد او شرط مما يجعل أغلب النساء في جهنم... ويكفي المرء أن يمر على بعض المكتبات ليقف على ما لا يحصى من الكتب في هذا المجال مثل كبائر النساء والمرأة والزينة والمرأة والجنس المرأة والشيطان ... مثلا ناهيك عن الأشرطة المسجلة التي تباع وتشغل بصوت مذوي في أبواب المساجد وفي وسط الشوارع الرئيسية بحيث أصبحت وظيفة لبعض العاطلين عن العمل الذين توظفهم بعض الجهات لعرض تلك الاشرطة كما تشحنهم لممارسة العنف ضد النساء على الطرقات وفي بعض الأحياء وحتى وسط العائلة.وقد وصل الأمر إلى استغلال المؤسسات العمومية مثل المدارس ودور الشباب وخاصة المساجد لهذا الغرض. دون أن ننسى دور اكتساح الخطاب المهين والعنيف للمرأة في وسائل الإعلام مثل (الأنترنيت) ويتجاوز العنف الإعلامي السب والقذف والتهديد إلى المس بالأعراض على الرغم من أن الإسلام ينكر ذلك ويعاقب صاحبه. ودون أن ننسى ما تلعبه المقررات المدرسية وفئة من المدرسين والمدرسات من دور في إقصاء وتحقير المرأة سواء عن وعي أو عن غير وعي إن كانت هناك محاولات للحد من ذلك في السنوات الأخيرة بفعل الضغوط التي تمارسها الجمعيات الحقوقية التقدمية.

3) واقع المرأة الشعبية وخاصة المغربية:
تتحمل المرأة المغربية الشعبية مسؤوليات وتكاليف وإن كانت تختلف نسبيا من جهة لأخرى وما بين المدن والبوادي ففي الغالب يصعب حصرها لأنها متعددة ومتنوعة. فالمرأة المغربية تقوم بكل الأعمال والأشغال من الإنجاب وتربية الأبناء والسهر على صحتهم ودراستهم وعلاقاتهم إلى أشغال البيت وترميمه وإصلاحه وتزيينه...إلى السهر على الزوج والشيوخ والقيام بالواجب اتجاه الأسرة الكبيرة في حالات عدة (المرض- الخصام- العزاء...) إضافة للعمل المذر للمال الذي يمكن أن يكون داخل البيت لكن ما هو شائع هو العمل خارجه سواء في النظافة والبيوت او المعامل والشركات أو الوظائف العمومية من أدنى السلم إلى أعلاه وفي الجيش والأمن دون أن ننسى الأعمال الحرة...أي أن المرأة تعمل في كل القطاعات مما يحملها عناء كبيرا لا يقدره الطرف الآخر. فالمرأة المغربية قد تعلمت وحازت على مراتب عليا في الدولة عن جدارة واستحقاق وتساهم بشكل فعال في تنمية البلد على جميع المستويات. وقد أثبتت قدرتها وكفاءتها على خوض غمار المجال العام وإنجاحه على عكس ما كان يروج له. لكن نظرة المجتمع لها بما فيها نظرتها لنفسها في معظم الأحيان تكون نظرة تحقير وشيطنة كما أشرنا لذلك أعلاه.
4) تداعيات التناقض ما بين قصور المرأة في تمثلات الفقهاء والذكورين وفعاليتها وكفاحها في الواقع
أول نتيجة هي حرمان فئة واسعة من المجتمع من حقوقها دون وجه حق مما يخلق أزمة على جميع المستويات. ثانيها هي أننا في المجتمعات الإسلامية نعيش حالة الخلط والضبابية وعمى الألوان حيث نرى في النقيض نقيضا. فالمرأة المغربية الشعبية -في الحالات العادية- جادة ومكافحة، تضحي بكل شيء من أجل الحفاظ على أسرتها في حضور الرجل أو عدمه وفي تنمية مجتمعها...لكن الذكوريين والذكوريات يلصقون بها كل صفات الضعف والشر والسوء كذريعة للقوامة والوصاية عليها. وجعلها موضوع عنف وعزل وإقصاء. ذلك العزل والإقصاء الذي لم يترتب عنه سوى انتشار الجهل والخرافة والتخلف والخلط... في المجتمعات الإسلامية على مدى 15 قرنا تقريبا. وإلى يومنا هذا لم يستوعبوا ولم تستوعبن بأن امرأة قوية حرة مسؤولة وواعية بمبادئ الحق والواجب وقداسة القانون لا يمكن أن تخلف سوى رجالا ونساء أقوياء أحرارا ومسؤولين يدفعون بأوطانهم إلى التنمية والتطور والرقي وهذا هو جوهر التعاليم الدينة عامة و مقاصد الأديان بما فيها الإسلام التي يسعى المجددون لتفعيلها عن طريق الاجتهاد في قضايا المرأة وتحقيق مساواتها الكاملة بالرجل مقابل ما تقوم به من مسؤوليات وتكاليف مختلفة تفوق في غالب الأحيان ما يقوم به الرجل. ويستغرب أهل التجديد من كون السلفيين والمعاديين لمساواة المرأة بالرجل في بيت الزوجية بدعوى أن ذلك سيكون سببا في التسيب وخراب البيوت وكأن البيوت غير خربانة حاليا وإلا بما يمكن أن نسمي كل القضايا المعروضة على قضاء الأسرة. دون أن ننسى المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها المغرب في ظل المجتمع الذكوري. (جهل- تخلف – عنف –سرقة –اغتصاب - الرشوة- المحسوبي ). ومنه فإن قيام البيوت واستقرارها واستقرار المجتمعات ونموها وتطورها لا يمكن أن يتحقق عن طريق تهميش أهم ركائزه ودعائمه، وإنما السبيل لذلك هو المساواة بين دعامتيه الأساسيتين وهما المرأة والرجل.
-قتراحات:
-- تأزم أوضاع المرأة في المجتمعات الإسلامية أصله سيادة الثقافة والعقلية الذكورية وتسخيرها للمؤسسات العمومية خاصة مؤسسات التربية والتعليم والفضاء العام لتجدير ومأسسة تلك العقلية والثقافة ولذلك يجب أن تتكاثف عمليات التوعية والتحسيس بخطورة الأمر إلى جانب تفعيل القوانين التي تجرم المس بكرامة المرأة وملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية.
-تحقيق المساواة عن طريق الاجتهاد وفقا لمقاصد الإسلام أمر يطرحه الواقع المعيش بشكل ملح لا تحتمل التأجيل والمزايدات وذلك لضمان توازن المجتمع واستقراره والتجدير للمودة والرحمة اللذان لن يمكن أن يتواجدا إلا مع العدل والمساواة. مع حفظ حق التشبث بحرفية النص واجتهادات الماضي لمن اختار أو اختارت ذلك سواء في الوصاية أوالاختمار أو الإرث أو التعصيب أو التعدد...
- تربية المرأة والرجل على المساواة في الحقوق كما هو في الواجبات والتكاليف منذ الولادة هو الحل لبعض ما نتخبط فيه من مشاكل اقتصا دية لأن المرأة نصف المجتمع وإبطال عملها في بعض القطاعات هو تعطيل لنصف طاقات ومؤهلات هذا المجتمع. أما المشاكل الإجتماعية والأخلاقية فحلها لا يكمن في سجن المرأة وتحقيرها وإهانتها وإنما في تربيتها مثلها مثل الرجل على العفة واحترام الآخر لأن الفاحشة تتم بين الجنسين كما أن محاولة تحقيق طهارة القريبات وتدنيس البعيدات كما هو سائد في المجتمعات الإسلامية هو السبب فيما نحن عليه من انحلال خلقي.
- على المرأة أن تتصالح مع ذاتها وتسترجع الثقة في نفسها كإنسانة وكمواطنة كاملة غير ناقصة. وأن تناضل من أجل حقوقها وكرامتها وأن لا تقبل التنازل عنهما تحت أي ذريعة كانت بما فيها ذريعة الدين لأن الدين جاء من أجل العدل والحد من الظلم. كما يجب ان تعلم أن عليها فريضة البحث والاجتهاد في دينها. وأن تتحمل مسؤوليتها في ذلك لأنها وحدها من ستحاسب على ما أتته من أفعال كما ينص على ذلك النص القرآني.