سوالف حريم - نول ستّي



حلوة زحايكة
2015 / 5 / 9


نول ستّي
رحم الله جدّتي لأمّي"حلوة" التي سمّوني على اسمها، وأطال الله عمر والدتي وشافاها وعافاها كي أنعم برضاها، فجدّتي وأمّي ومجايلاتهما من النساء كنّ عامود البيت الاقتصادي، ولم ينحصر دورهنّ في الحمل والميلاد وارضاع وتربية الأطفال فحسب، بل تعدّى ذلك بكثير، فكنّ يرعين الغنم ويحلبنها، ويعملن الحليب جبنا ولبنا رائبا وزبدة وسمنا بلديّا، وكنّ يحصدن ويدرسن البيادر، وفي الصّيف حيث لا حليب ولا حصاد كنّ يعملن صوف الأغنام وشعور الماعز أنوالا –جمع نول- بلديّة، فيغزلن الصّوف والشَّعَر وقد يخلطنه ببعضه البعض، ويعملن النّول البلدي الذي هو السّجادة الشعبية الأكثر متانة من أيّ سجاد عالمي، وكنّ يغزلن شعور الماعز وحده ويعملن منه نولا خاصا ليكون بيت الشّعر الذي تسكنه العائلات في حلّها وترحالها، وحتى بعد أن سكن الأهالي في البيوت الحجرية، كان الكلّ يفاخر ببناء بيت الشّعر أمام بيته الحجريّ ليستقبل فيه الضّيوف المهمّين، أو لتقام حفلات الأعراس فيه وينصب السّامر والدبكات الشعبية التي يصاحبها "الشّبّابة" و"المجوز" أمامه.
والنّول البلديّ عدا أنّه من أساسيات أثاث البيوت، إلا أنه كان يشكل دخلا محترما للأسرة عندما يباع لسكّان المدن، وكثير من الأبناء تعلموا في الجامعات من ثمن "الأنوال" التي كانت تنسجها أمّهاتهم وأخواتهم، وهو من الصّناعات الشعبية التي تكاد تنقرض لأكثر من سبب. وفي الوقت الذي كانت المرأة تعمل فيه طيلة اليوم وأطراف الليل، كان الرّجال يمضون يومهم يلعبون"السّيجة" ويشربون القهوة والشاي. ولا يشكرون النساء.