المرأة في السعودية العمل والنقاب والهيئة



عبدالله مطلق القحطاني
2015 / 5 / 13

من الإنصاف أن أبدأ كلامي بالإشارة إلى أن وضع المرأة السعودية أفضل بقليل في الوقت الراهن عما كان عليه في العقدين الماضيين ، وأعتقد أنه تحسن طفيف مؤقت !! ، ولعل أسوأ عهد بالنسبة للمرأة في السعودية واقع حال وسوء نظرة واحتقار ، وتسلط رجال الدين عليها من مشائخ وعناصر وأعضاء ما يسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بالمناسبة يا سادة رسول الإسلام الكريم محمد وفي سياق حديث له عن آخر الزمان وعلاماته قال بالنص ورجال بأيديهم سياط يضربون الناس ، وقبل عقدين من الزمن عندما كنت أدرس بكلية الشريعة في الرياض في مقرها القديم في الديرة - أي وسط الرياض - قريبا من البطحاء وأسواق وسط البلد كما يقال ، في تلك الفترة كنت أرى بأم عيني كيف كان بعض رجال الهيئة الدينية والتي تعرف في الإعلام الغربي بالشرطة الدينية يضربون بالعصي العمالة الأسيوية في أثناء مرورهم في الأسواق لمراقبة غلقها وأمرهم بالصلاة ! ولطالما شهدت وحضرت وقائع لا تحصى من اعتداءات بعضهم على النساء بحجة السفور والاختلاط والخلوة ونحو ذلك ، وكم إمرأة طلقت بسببهم ، وتشرد أطفال ، والمضحك في تلك الفترة كثرة خطباء الجوامع والجمع والذين كان همهم الأول كثرة الحديث عما كانوا يسمونه السفور والخلوة والاختلاط وعمل المرأة ونحو ذلك ، وحتى لا أطيل في هذه الجزئية أقول نظرا لاهتمامي الشديد بحقوق المرأة بشكل عام وحقوق المرأة العاملة بشكل خاص وأنا بالأصل ابن إمرأة رحمها الله كانت تعمل بالسوق بيعا وشراءا وبهمة وصبر يعجز عنه كثير من الرجال ، وفي بيئة من أسوأ الأماكن في العالم كله في نظرته الدونية تجاه المرأة وعلى وجه الخصوص المرأة العاملة ، أقول نظرا لاهتمامي ونشاطي في مجال حقوق المرأة وعموم حقوق الإنسان ، فإني قمت ببحث قبل بضع سنوات ، وخلصت لنتيجة مرة !! وهي أن أسوأ سنوات مرت بالمرأة في مجتمعي هي العقدين الآخرين من القرن الماضي ، وتحديدا من عام 1983 حتى عام 2001 ، فتلك السنوات العجاف من أسوأ سني المرأة في مجتمعي ، سواء المرأة العاملة أو غيرها ، وكانت العجائز والأرامل والمطلقات في تلك السنوات معاناتهن مضاعفة ومؤسف ذلك ، فرغم دخل النفط أنذاك إلا أن الأرملة والطاعنة في السن والتي ليس لها سكن أو عائل شرعي مسؤولا عن احتياجات معيشتها ، كانت تحصل وبعد معاناة شديد وروتين لعين على مبلغ خمسة آلاف ريال فقط في العام كله ! وليت الأمر اقتصر على ذلك ! كانت الهيئة الدينية تنظر للمرأة العاملة في السوق وإن كانت أرملة وطاعنة في السنة نظرة شك وريبة ! ودائما هي متهمة !!وتتعمد مضايقاتها والتضييق عليها ! وشهدت وقائع حصلت لأمي رحمها الله عندما كانت تبيع في سوق حجاب الشعبي بحي النسيم في الرياض ، لتوفر لي مصاريف الجامعة وقيمة إيجار سكننا معا !! ، ولم يشفع لي في بعض تلك الوقائع المؤسفة من الهيئة كوني طالبا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية !!! ، وهذا كان في التسعينات من القرن الماضي ، ولكن مع بداية الألفية الجديدة وأحداث سبتمبر أيلول الأسود شهدنا تغيرا ملموسا في حقوق المرأة وتخفيف وطئة قبضة رجال الدين ، والتضييق على النساء فترة امتدت حتى قبل مدة !! وما أشبه اليوم بالبارحة ! وكأني أرى معاناة أمي العاملة رحمها الله في واقع عمل المرأة المر اليوم !! وأنا في جدة !! فكيف حالها في بيئة مثل بيئة نجد ؟! أو القصيم !! على سبيل المثال ؟! ، واقع اليوم المر بالنسبة للمرأة وخاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة ينبئ عن انتكاسة ورجوع للوراء ، وبدأ عصرا الثمانينات والتسعينات بكل ما فيه من مرارة واحتقار وتخلف وظلامية ودونية للمرأة كشخص أو عاملة تعود من جديد رويدا رويدا ، وبدأنا نلاحظ عودة للتخلف والتضييق عليها وفي طريق حريتها وعملها ، وبدأت نغمة السفور والاختلاط والخطب إياها تظهر بتأني وبحذر من جديد !! فالواقع المرير المعاش مخالف لما نسمعه في الإعلام ومن تصريحات كبار المسؤولين عن المرأة وعمل المرأة !! بل ونغمة النقاب ووجوب العودة إليه بشكل كامل بدأنا نسمعها في الخطب ونحوها ، وكم من الجرائم الإرهابية ارتكبت باسم النقاب !! وبعدما كنا نسمع عن حجاب المرأة والأقوال المشهورة للأئمة الأربعة الكبار من الفقهاء في حكم تغطية الوجه ! تقهقرنا وانتكسنا مجددا لنسمع نغمة النقاب !! وحكم عمل المرأة ! وحكم خروجها من بيتها وإن كان للجامع أو المسجد !! ناهيك عن العمل ، وإنه من المضحك ! فشر البلية ما يضحك أن المجتمع يزداد شبابه تعلقا بالرياضة ومشاهدة مباريات كرة القدم وهدر جل وقته بما لا فائدة وطائل منه ! ، وبذات الوقت الفتيات والشابات بمختلف خبراتهن ومؤهلاتهن العلمية والعملية أكثر جدية وحماسة ورغبة ونشاطا وتعلقا وحبا للعمل والعمل !! ومع هذا هيئة الأمر بالمعروف أي الشرطة الدينية لهن بالمرصاد وبمزاعم شتى للتضييق عليهن ! وكأننا في مجتمع تحكمه منظمة طالبان !! أو مجتمع الخليفة البغدادي ومملكته الداعشية !! ولسنا في مجتمع تقول الحكومة الطيبة !! أنها متجهة وبعزم وهمة لتحقيق مساواة المرأة بالرجل في كثير من المجالات ! وأنها ستعزز مكانة وتعدد فرص عمل المرأة !!!

فهل ستصدق الحكومة ؟!
أم أن ما أشاهده أنا شخصيا على أرض الواقع يجعلني أجزم بكذب الحكومة ؟!
وأن المجتمع متجه من عصر زواج المسيار لعصور الإماء وملكات اليمين على طريقة مملكة داعش وخليفة الدواعش ؟!!!.