الإنتخابات الإسرائيلية بعيون الحركة النسوية



جعفر هادي حسن
2015 / 5 / 19

الإنتخابات الإسرائيلية بعيون الحركة النسوية

نقصد بالحركة النسوية هنا الحركة النسوية في إسرائيل، التي أصبحت معروفة بين الإسرائيليين ليس فقط لنشاطها خلال العقود الماضية ولكن أيضا بسبب حرب المتدينين والقوميين المتطرفين عليها.إذ تعتبرها الأولى خطرا على الديانة اليهودية،بينما ترى فيها الثانية خطرا على الأمن القومي لإسرائيل.وعلى الرغم من كل هذا النقد بل، والهجوم المستمر فإن الحركة نمت وتطورت وستكون في المستقبل ذات تاثير بعيد المدى والنتائج على المجتمع والدين والسياسة في إسرائل، حيث نشهد اليوم بعض مظاهر هذا التأثير.
ورأي الحركة في الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة رأى سلبي فهي انتقدت الخطاب الذي وظفه نتنياهو والآخرون ورأت أن النتائج التي أفرزتها هذه الإنتخابات هي نتائج سيئة لمستقبل إسرائيل
ليس فقط لأن نتنياهو فاز في الإنتخابات بل الطريقة والوسائل التي فاز بها. فخطاب نتنياهو كان خطاب تخويف وكره، فعنما كان الناس يطالبون بالإصلاح الإجتماعي والإقتصادي وإيجاد مخرج لأزمة السكن ،كان يرد عليهم بالقول وماذا عن الخطر الإيراني ،وعندما قام الموظفون في المستشفيات بالإضراب بسبب تقليص الإنفاق،حتى اضطر المرضى للنوم في الممرات،قال لهم وماذا عن الخطر الإيراني وعندما ينتقده رئيس الولايات المتحدة الأمريكية على سياسته نحو الفلسطينيين ،يرد عليه أيضا وماذا عن الخطر الإيراني. واسوأ من هذا كما تقول الحركة أن الكثير من الإسرائليين قد تأثروا بهذا الخطاب وصدقوه. بل إن بعض أعضاء الكنيست من النساء عزفن على وتر التخويف هذا الذي يعزف عليه نتنياهو، ولا يهتممن بالحركة النسوية .إن خطاب التخويف هذا كان قد أسكت كل حديث ذي فائدة ومعنى مما له علاقة بما يحدث في المجتمع الإسرائيلي من مشاكل.وكان من اسباب فوز نتنياهو أنه أثار الإسرائيليين في حديثه السلبي عن الفلسطينيين في إسرائيل حيث قال في خطاب تلفزيوني في يوم الإنتخابات إن العرب يتسابقون للتصويت(وكانت الأحزاب الفلسطينية من 48 قد ائتلفت في قائمة موحدة ،وقد شجع هذا الفلسطينيين على الإنتخاب بأعداد أكبر من الأعوام الماضية).ومن يسمعه يتحدث عنهم بلغة نحن وهم، لايشك في عنصريته ونظرته الدونية نحوهم.وكان ممن أهان النساء أثناء الإنتخابات، إيلي يشاي الذي كان رئيسا لحزب شاس الحريدي لسنين قبل انقسامه،عندما وزع قطع حلوى على النساء من أجل الحصول على أصواتهن،وهذا مثل إقناع طفل بإعطائه قطعة حلوى للذهاب إلى الكنيس.وقد أثار هذا العمل غضب الحركة النسوية وانزعاجها الشديد،ولكن مما خفف من كل هذا كما تقول الحركة، أن الرجل سقط في الإنتخابات سقوطا مدويا إذ لم يحصل لاهو ولا أحد من حزبه(يحد) على مقعد في الكنيست،وهو خبر أسعد الحركة النسوية.فيشاي وأعضاء حزبه عندما كانوا في الكنيست قد أساءوا للنساء كما لم يسئ حزب آخر، إذ كانوا دائما يعارضون أي قانون يهدف إلى صالح تقدم المرأة في إسرائيل.
ومما اعتبرته الحركة انتكاسة في الإنتخابات،الهجوم القاسي على تسبي ليفني التي عبرت عن رغبتها في أن تكون رئيسة وزراء لفترة، لو فازت هي وشريكها في الإتحاد الصهيوني هرتزوك،ولكن بسب الهجوم على مايبدو غيرت رأيها وتخلت عن رغبتها هذه.
ولكن الحركة مازالت متفائلة ولديها فسحة من الأمل كما تقول. فقد أصبح عدد النساء في الكنيست 29 إمرأة بعد أن كان 27 .وكذلك ظهور منظمة جديدة باسم نساء يعملن للسلام، وهي منظمة ظهرت بعد الحرب على غزة مباشرة،وأصبح أعداد المنتميات إليها
بالآلاف من مختلف شرائح المجتمع من اليهوديات، العلمانيات والمتدينات ومن الفلسطينيات ومن شمال البلد وجنوبه.وقد نظمت هؤلاء النساء وقفة من بضعة آلاف منهن أمام الكنيست، وطالبن بتحقيق السلام وبأن تكون نساء أكثر في مركز صنع القرار. وأكدن على رفضهن لثقافة التخويف والكره التي يعمل نتنياهو وأمثاله على نشرها بين الناس.وأكثر من هذا فإن ما لم يكن متوقعا قبل سنوات قليلة، قد حدث وتحقق حيث أنشأت النساء الحريديات (المتشددات في تدينهن) حزبا خاصا بالنساء قبل بضعة أشهر، باسم "بيزوتانط بل وشاركن في الإنتخابات،وطرحن بعض المطالب لتحسين أوضاعهن.
وتقول الحركة على الرغم من التقدم الذي حصل في السنين الماضية وهذا التفاؤل ،فإننا مازلنا نكافح ضد الأفكار المتخلفة والثقافة الرجعية، وأمامنا طريق طويل من النضال.