المرأة العراقية والفصل العشائري



راهبة الخميسي
2015 / 6 / 3




لقد طفح الكيل ، وبلغ السيل الزبى يا حكومة العراق، ويا رجال الدين المنصفون، ويا أيها المثقفون العراقيون.
ياشيوخ العشائر الشرفاء، يارجال القانون، ويا أيها الآباء الأصلاء .
أنتم جميعاً تستنكرون ماتقوم به العصابات الإرهابية، ولاتقرون ماتمارسه داعش بحق النساء والبنات الشابات والقاصرات من ممارسات مخالفة للأعراف وللإنسانية.
فماذا تسمون ماقامت به عشائر البصرة في جنوب العراق، من إنتهاك وإمتهان للمرأة وتقديمها كجارية، ثمناً مقابلاً للنزاعات بين العشائر، وحلاً لتناحر تلك العشائر وثأر كل منها ضد الاخرى؟
قدمت تلك العشائر خمسين شابة ومنهن الفتيات القاصرات على طريقة الفصل العشائري الذي لاتزال تمارسه بعض العشائر حتى زمننا هذا، غير مبالية بقيمة وإنسانية المرأة، وغير أبهة بتحريم هذه السلوكيات حتى في كل الشرائع والأعراف، لتعود بالمرأة العراقية الى عهود التخلف والجاهلية.
هذا هو السبي بعينه لكنه يرتدي قناعاً ممزقاً مهلهلاً يتستر به عن عورات التخلف وعدم القدرة على حل نزاعات الثار والقتل المتبادل بين العشائر بسبب خلافات ليس للمرأة فيها دور أو منفعة.
ولو عدنا الى زمن تأسيس الدولة العراقية، حيث كان هنالك قانون العشائر، وحيث كانت تحل من خلاله النزاعات العشائرية، وبعد قيام ثورة 14 تموز 1958 ألغي ذلك القانون العشائري، وأصبح كل العراق يخضع لسلطة القضاء العراقي ، بفرض هيبة الدولة ومؤسساتها.
بعد ذلك عانت المرأة العراقية من إنتكاسات عديدة في عهد النظام البعثي المقبور، وكان من أهمها صدور تعديل قانون العقوبات العراقي عام 1991، حيث أصدر النظام المقبور قرار مجلس قيادة الثورة قانون غسل العار ضد مايسمى بجرائم الشرف، والذي أباح لثلاثة عشر فرداً من ذويها حق قتلها( الاب ، الاخ، الابن ، العم، إبن العم، والخال، إبن الخال ..وبقية الافراد من الأقارب)، بحجة إرتكاب الزنى، دون عقوبة جنائية، بل جاء مخففاً، وتسبب في قتل الكثير من النساء البريئات لمجرد الشكوك أو الأكاذيب التي لفقت بحق البعض منهن.
وكانت قبلها قد تلقت المرأة العراقية صفعة قوية تسببت في تفكك العديد من الاسر العراقية بسبب صدور القرار 474 عام 1981 والذي قضى بمنح مكافئات مالية مختلفة للعسكري والمدني الذي يطلق زوجته التي هي من أصول تبعية إيرانية، مما فرق العوائل وكانت ضربة لاتنسى موجهة للنساء العراقيات.
وتوالت تراكمات الاضطهاد والقمع وإزدادت معاناة المرأة حين أحنى ظهرها ثقل الحروب والقيت على كاهلها مسؤوليات وهموم لاتحتمل حيث الاب أو الأخ او الزوج غائب في جبهات القتال أو شهيد أو معاق.
وإستمر مسلسل إضطهاد و إخضاع المرأة العراقية الى الأبشع والأمر، بعد سقوط النظام السابق، فكان الخطف والقتل والإغتصاب والتهميش ،ومختلف أشكال العنف والانتهاكات والتجاوزات اللاإنسانية، والاستبداد ضدها مرة بإسم الدين ومرة بإسم القومية، والطائفية التي رفعتها وترفعها القوى الظالمة لتخويف المرأة وإخضاعها، والغاء دورها في المجتمع، ناهيك عن موضوع النهوة والإكراه بالزواج، وزواج القاصرات، والزواج بالوكالة دون علم الفتاة أو الأخذ برأيها، وتطول قائمة المظالم التي تعرضت وتتعرض لها المرأة العراقية في حقوقها كافة، كموضوع النشوز، وموضوع حضانة أطفالها، ونفقتها،
ثم كانت الحصة الأكبر في سحق كرامة المرأة وإمتهانها على يد داعش التي فاق عنفها وقسوتها ضد المرأة حد الخيال، فكان السبي والبيع في أسواق النخاسة والإغتصاب وكافة أنواع الجرائم قد أرتكبت بحقها وبحق إنسانيتها ووجودها.
وها نحن نشهد سيناريو الفصل العشائري، بأسوأ صوره، وهو يمارس في محافظات ومدن عديدة من وطننا العراق منذ قرون، وحتى يومنا هذا.
هذه دعوة للمرجعية الدينية ، وللأحزاب الوطنية، والمنظمات الديموقراطية، والتنظيمات النسوية، وجمعيات حقوق الإنسان.
وكل شخصيات المجتمع العراقي المعتدلين الواعين، للوقوف ضد هذه الممارسات اللاإنسانية، وشجبها وإستنكار مايحصل بحق المرأة العراقية التي باتت ضحية، وقرباناً مجانياً للجهل والتخلف .

ودعوة للبرلمان والحكومة العراقية لتطبيق ما يكفل حق المرأة بالعيش الكريم ويحفظ كرامتها وفق مواد الدستور العراقي .

‏وبالتالي هي دعوة لكل الشرفاء في المجتمع العراقي.

راهبة الخميسي_ناشطة مدنية
السويد