المشاركة السياسية للنساء والسلوك الانتخابي بالمغرب في ظل المستجدات الدستورية والسياسية



عبد المجيد السخيري
2015 / 6 / 4

احتضن فضاء المشاركة المواطنة بلدية المنظري بمدينة تطوان/شمال المغرب، أشغال الدورة التكوينية الأولى من سلسلة الدورات التكوينية المدعمة من قبل "صندوق دعم تشجيع تمثيلية النساء" والذي تشرف عليه جميعة العهد الجديد لتنوير الأسرة بالمدينة، وذلك يومي 23 و24 ماي 2015، أطرها الأستاذ عبد المجيد السخيري. وقد انطلقت أشغال اليوم الأول بمجموعة من الأنشطة التمهيدية سعى من خلالها المؤطر إلى تحضير المستفديات لولوج موضوع الورشة بعد تقديم المشاركات لأنفسهن وتقديم تجاربهن في الميدان السياسي والعمل الجماعي والتوقف عند أهم المشاكل والقضايا التي واجهتهن في مضمار التسيير الجماعي والمشاركة في المجالس المنتخبة المحلية. بعد ذلك اقترح المؤطر على المشاركات تحليل نص شعري لأحمد فؤاد نجم مرفق بأداء غنائي لرامي عصام قد الوقوف عند أهم سمات وخصائص النظام السياسي الذي تلمح له القصيدة الزجلية والانطلاق منها لاقتراح النشاط الوالي، كما اقترح أيضا إنجاز اختبار تقويمي للتثبت من معلوماتهن ومعارفهن (أسئلة بأجوبة متعددة) في القانون الدستوري والتاريخ السياسي للمغرب، والذي مرَ في أجواء مسلية بحيث جعله الأستاذ المؤطر مدخلا للورشة التدريبية التي اقترح على المشاركات الاشتغال على دراسة وتحليل مقارن للفصل 8 من الدساتير السابقة والفصل 19 من الدستور الجديد لسنة 2011، مع التركيز على مسألة سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية، ثم اقتراح التعديلات الواجب إدراجها في ضوء النتائج على الفصل 19 وما يستتبعه من تعديلات على بقية فصول الدستور وديباجته لصياغة أفضل لمبدأ المساواة بين الجنسين ومبدأ المناصفة. ورغم الصعوبات التي واجهتها المشاركات للقيام بدور الفقيه الدستوري وما يتطلبه مثل هذا العمل من حنكة وخبرة قانونية وسعة اطلاع ومعرفة بخصوصية الخطاب الدستوري، إلا أن منتوج عمل المجموعات كان مادة خصبة لنقاش ساخن وغني بل ولم يخل من متعة اكتشاف خبايا الصنعة الدستورية وما تنطوي عليه فصول الدساتير من تضمينات وتلبيسات أحيانا تفسح المجال لحرب القراءات والتأويلات القانونية والاسقاطات السياسية. وفي الختام تم تركيب أهم خلاصات وتوصيات الورشة، لتتواصل أشغال اليوم بتقديم عرض شامل حول المشاركة السياسية للنساء في ضوء الوضع الدستوري والسياسي الجديد لما بعد 2011، توقف خلاله الأستاذ عند أبرز المستجدات السياسية والدستورية التي بدأت في التصاعد بداية من تسعينيات القرن الماضي، وسلسلة الإصلاحات والالتزامات الدولية الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان، وأهم الاجراءات التشريعات والإصلاحات المؤسساتية والقانونية والسياسية التي جاءت تتوج إعلان الدولة الرسمي بتصفية ماضي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان. وأشار في السياق نفسه إلى الإصلاحات التي همت النساء بداية من التأصيل الدستوري لمبدأ المساواة بين المواطنين، وخلق آليات مؤسساتية جديدة لضمان حماية حقوق الإنسان وعامة وحقوق النوع الاجتماعي بشكل خاص..إلخ. وقد توقف في هذا الباب عند وجود خلاف واضح بشكل تقييم المنجز، إذ من جهة هناك إشادة بما تحقق حتى الآن وأهمية الاصلاحات المنجزة وقيمتها السياسية، وإصرار من قبل الدولة على توطيد سيادة القانون والديمقراطية والحكم الرشيد والتنمية البشرية المستدامة وتحديث التشريع....إلخ ؛ ومن جهة أخرى هناك استمرار الانتهاكات والتجاوزات في مجال حقوق الانسان والتراجعات في مجال الحريات والتردد في حسم القضايا العالقة خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة...إلخ. بعدها انتقل العرض إلى رصد السمات العامة للتحول السياسي في المغرب والتي لخص أهمها في البطئ والتردد؛ والتحول المراقب، والذي يجري قبل كل شيء داخل النسق ولا يطال طبيعة النظام وجوهره؛ ثم توقف مليا عند سيروارته الكبرى والأطروحات التي تتجاذب تقييمه، والتي منها ما يؤكد أن النظام السياسي الحالي لا يعرف تغييرا حقيقيا، وأن ما شهده من سياسات إصلاحية لا يعدو أدوات لتكريس الاستبداد في ظل النظام التقليدي ومؤسساته وبنياته وثقافته؛ فيما توجد أطروحات أخرى تعتقد بوجود تغيير فعلي يشهد عليه تأقلم الملكية مع التحولات الداخلية والخارجية والاستراتيجيات المتبعة على المستوى الاجتماعي والسياسي في عهد الملك الحالي، وسلسلة الاصلاحات والمبادرات المختلفة وإعلان الخيار الحداثي وغيرها من المزاعم. وبخصوص مخرجات التحول المشار إليه، توقف المؤطر عند اثنين منها: المخرج الذي يتوقع حدوث أو يراهن بالأحرى على أزمة سياسية عميقة لن تجد لها من داخل المؤسسات السياسية القائمة منفذا ومتنفسا، فيما المخرج الثاني يتغذى من نزعة تفاؤلية تؤمن بمستقبل الاصلاحات المنحزة وتسلم بفكرة واقعية عن الديمقراطية ومسايرة التطور التدريجي الذي يشهده المغرب.
وبخصوص الاصلاح الدستوري فقد ركز الأستاذ على مفهومه وتصوراته وغايته، كما عرج على محاوره الكبرى والدعائم التي ارتكز عليها، ومراحله الأساسية من الارهاصات الأولى لبروز الوعي بالمسألة الدستورية إلى آخر المذكرات الإصلاحية التي اختمرت في فكر أحزاب الكتلة السياسي. وجدير بالاشارة أن المؤطر اعتمد طريقة العرض التفاعلي لتفادي الملل والعياء وهو ما جعل المستفديات يشاركن فعليا في بناء أهم إشكالاته وقضاياه وأسئلته الكبرى. وقد ختم المؤطر العرض بتقويم نهائي لقياس مكتسبات المشاركات مما راج في العرض ومناقشات الورشة التدريبية.
اليوم الثاني خصص لموضوع "السلوك الانتخابي ومقاربة النوع الاجتماعي"، وقد استهله المؤطر بأنشطة العصف الذهني ومسح تمثلات المشاركات لمفهوم السلوك الانتخابي وتحليل نص شعري وتشخيص المكتسبات عبر آلية التقويم الاختباري لأسئلة متعددة الأجوبة، ليقترح بعدها على المشاركات تكوين مجموعتين للاشتغال على تحليل فتوى دينية تحرم مشاركة النساء في الحياة العامة، باستخراج مصادرات ومنطلقات الخطاب الذي تستند إليه والحجج التي تعتمدها ثم الرد عليها بتنفيذ الحجج وبيان تهاتف المنطقات والمغالطات التي تنطوي عليها، وصياغة خطاب مضاد يراعي السياق الانتخابي. وقد تمكنت المشاركات من إنجاز عملهن داخل المجموعتين بحماس رغم اعترافهن بالصعوبات البالغة التي واجهتهن عند صياغة الخطاب المضاد بسبب حساسية الحجج الدينية التي ترتكز عليها الخطابات المعادية لحقوق المرأة ولمشاركتها السياسية، إلا أن مساعدة المؤطر أفادت كثيرا في التغلب على بعض الصعوبات، خصوصا على المستوى المنهجي والإحالات المعرفية الكثيفة التي وضعها رهن إشارتهن مراعيا بشكل كبير سياق إنتاج الخطاب الانتخابي وآليات الحجاج في هذا الباب. وقد أعقب تقديم خلاصات عمل المجموعتين نقاش واسع حول عدد من القضايا المتصلة بالخطاب الانتخابي والتواصل السياسي وفن إدارة الحملة الانتخابية في سياق تواصلي وبيئة اجتماعية يلعب فيها العامل الديني دورا مهما في تشكيل اختيارات الفرد واتجاهات وعيه.
في الختام قدم الأستاذ عرضا سريعا ومركزا تناول السلوك الانتخابي في المغرب من حيث مفهومه ومحدداته وخصائصه وأهم الإشكالات التي يثيرها، معرجا على أهم مقومات السلوك الانتخابي في النظام الديمقراطي، وقدم في نفس الوقت لمحة تاريخية عن الانتخابات في المغرب وما ميزها من غياب الرهان السياسي الحقيقي والتأثير في طبيعة النظام السياسي وجوهره، وما شكلته في ظل الأوضاع السياسية القائمة في الغالب كآلية إما لتوزيع المكاسب على الهيئات الحزبية المندمجة في اللعبة السياسية، أو آلية لأقصاء تلك التي ترفض قواعد اللعبة بقصد تحجيمها وتهميشها، فيما تمثل الرهان الأساسي في تثبيت وتكريس هيمنة المؤسسة الملكية على النظام السياسية. كما توقف العرض عند لحظات مفصلية في تاريخ الانتخابات المغربية وما حملته من علامات على خصوصية السلوك الانتخابي في ظل رهانات واختيارات ميزت سلوك النظام السياسي وعلاقاته مع زبنائه وخصومه والخارج، وما ارتبط بكل ذلك من أسئلة بخصوص مصداقية السلوك الانتخابي وديمقراطية النسق السياسي.
وفي الأخير ختم الأستاذ المؤطر عرضه بالرد على استفسارات وأسئلة المشاركات، بموازاة تمرير تقويم سريع لأهم ما راج أثناءه وفي مناقشات أشغال الورشة التدريبية، ليتم بعد ذلك صياغة الخلاصات التركيبية العام ووضع أهم التوصيات الخاصة بالدورة التكوينية.

ورقة الورشة الأولى: المشاركة السياسية للنساء في ظل المستجدات الدستورية والسياسية
تستهدف الورشة الأولى تنمية كفايات وقدرات فئة المستشارات الجماعيات وفاعلات جمعويات وعينة من الناخبات بولاية مدينة تطوان في مجال التواصل السياسي وإقدراهن على تقنيات واسترتيجيات خوض الحملات الانتخابية بالنسبة للمترشحات، أو التخطيط للحملات التحسيسية الناجعة لتشجيع النساء الناخبات على المشاركة الفعالية والكثيفة في العملية الانتخابية المحلية والتشريعية، والإحاطة بالتطورات السياسية للبلاد ومستجداتها الدستورية والتشريعية؛ كما تروم بأهدافها النوعية مواكبة التحولات السياسية والقانونية التي يشهدها المغرب للرفع من مستوى التمثيلية السياسية للنساء وكسب رهان التقدم الحقوقي المنجز حتى الآن، ودعم المنجزات التشريعية والقانونية التي تم تحقيقها لفائدة النساء، وفي نفس الوقت مواكبة مختلف الاستعدادت الجارية على مستوى الأحزاب السياسية والهيئات النسائية والفعاليات المجتمعية لكسب رهان المشاركة السياسية والانخراط في العملية الديمقراطية في شقها السياسي والتمثيلي المؤسساتي.
وسينصب اهتمام الورشة الأولى على استعراض أهم المستجدات التي حملها دستور 2011، والتطور السياسي الذي جاء في سياقه أو الذي أعقبه، وما يمثله ذلك بالنسبة للارتقاء بوضعية المرأة في الحقل السياسي والرفع من مستوى مشاركتها وتمثيليتها.
الهدف العام:
تمكين المستفيدات من تعبئة واستثمار وتجنيد الموارد المعرفية في المجال الدستوري والسياسي من أجل تحسين الأداء السياسي والرفع من المؤهلات القيادية وتجويد الخطاب التواصلي مع الناخبين والناخبات.
الأهداف النوعية:
-تمكين المستفيدات من التطور الذي عرفته الحياة الدستورية في المغرب؛
-تعبئة الموارد المعرفية المتحصلة في المجالين الدستوري والسياسي عامة؛
-تحيين المعارف المكتسبة في المجال والتعريف بأهم المستجدات الدستورية؛
-تجنيد المعارف والكفايات الثقافية والتواصلية والاستراتيجية في المجال لتحسين خطاب التواصل والتفاعل مع المحيط والناخبين(ات)وغيرهم..؛

ورقة الورشة الثانية: السلوك الانتخابي ومقاربة النوع الاجتماعي
السياق:
تستهدف الورشة الثانية تنمية القدرات والمهارات والكفايات في مجال التواصل السياسي وتعميق المعرفة القانونية وتقويم الخبرات السياسية والتقنية المكتسبة لفئة المستشارات الجماعيات وفاعلات المجتمع المدني بولاية مدينة تطوان. ومن حيث أهدافها النوعية، فإن الورشة ستعمل على تسليط الأضواء على السلوك الانتخابي من حيث محدداته والخصائص التي يتميز بها في المغرب، ومن ثم بسط مختلف المكتسبات التشريعية والقانونية التي تحققت حتى الآن فيما يتصل بتنظيم العمليات الانتخابية، وتوفير ضمانات النزاهة والشفافية في تدبير السلوك الانتخابي عامة، ودور مختلف العوامل المتدخلة في تحديده وفي الارتقاء بالرهان الانتخابي إلى المستوى المنشود بالنسبة للمغرب في ظل المكتسبات الدستورية والسياسية الجديدة لما بعد سنة 2011، كما ستولي الورشة أهمية خاصة لتناول مسألة النوع الاجتماعي في مقاربة السلوك الانتخابي في مجتمع لا يزال يرزح تحت نير السلطة الذكورية والنظام الأبوي.
الهدف العام:
تمكين المستفيدات من تعبئة واستثمار وتجنيد الموارد المعرفية في مجالات التشريع والقوانين الوطنية ذات الصلة بالانتخابات ونظمها والقوانين المؤطرة للسلوك الانتخابي من أجل التمكين المعرفي والكفائي وتجويد الخطاب التواصلي مع الناخبين والناخبات.
الأهداف النوعية:
- بسط التطور الحاصل في مجالات التشريع الوطني والدستوري والتنظيمي المرتبط بالانتخابات ومقاربة النوع الاجتماعي؛
-تحيين المكتسبات المعرفية في المجالات المتصلة بالتشريع الانتخابي والميثاق الجماعي وتطور النظام الانتخابي في المغرب؛
-تعبئة الموارد المعرفية المُتحصَلة في مجال القوانين التنظيمية المؤطرة للسلوك الانتخابي في المغرب؛
-تجنيد المعارف والكفايات الثقافية والتواصلية والاستراتيجية في المجال لتحسين خطاب التواصل والتفاعل مع المحيط والناخبين(ات) وغيرهم..؛
-تمكين المستفيدات من التخطيط الناجع للحملات الانتخابية والإعداد الجيد لأهداف ووسائل خوضها.