سوالف حريم -التجربة الأولى-



حلوة زحايكة
2015 / 6 / 9

حلوة زحايكة
سوالف حريم

"التجربة الأولى" 26/8/1997
شعرت بالقلق لا استطيع ان أنام، الفجر على وشك ان يبزغ، وانا اتقلب بالفراش، واشعر بالتوتر، ففي الصباح سيكون اليوم الأول لطفلي البكر، الذي سيغادر حضني للمرة الأولى، وسيبقى بعيدا عني لساعات، لم اتعود ان افارقه يوما، ما عدا الفترة التي بقيت بعيدا عنه عندما وضعت أخاه الثاني، وكانت ليست بارادتي، انه بداية العام الدراسي، وعليه ان يلتحق بالمدرسة للتعلم، انه ابن الخامسة، ذو البشرة الشقراء والوجه المستدير كوجه القمر الصافي عندما يكون بدرا، والعيون العسلية والشعر المتوج بالخصل الذهبية، تلمع على رأسه كخيوط الشمس المتوهجة، تتلألأ على رأسه، غافلني التعب والارهاق فغفوت قليلا واستفقت على المنبه يعلن الساعة الخامسة فجرا، نهضت مفزوعة مرعوبة، لا اريد ان يحل الصباح، ولا اريد ان افارق فلذة كبدي، لكن لكل شيء أوان سواء رضيت أم لم أرض، كعادتي اليومية خرجت من البيت وبدأت بري مزروعاتي على استعجال، غير آبهة هذه المرة بطريقة الري او الانتباه الى المزروعات وهذه ليست من عادتي، حتى النباتات شعرت انها هي الأخرى تشكو مني ومن طريقة ريها وهي تتحدث مع بعضها البعض، وقد شعرت هي الأخرى من توتري المتزايد مع اقتراب الوقت للفراق للمرة الأولى، وأحسست ان نباتاتي تشعر معي هي الأخرى ووجدت العذر لي، وتحس بما أحس لذلك لم تؤنبني بطريقة ريها، انهيت بسرعة وعدت الى الداخل، نظرت الى الساعة فكانت السادسة، فقلت بيني وبين نفسي ما زال الوقت باكرا على إيقاظه، او هذا ما اريده انا، توجهت الى المطبخ وحضرت له عصرونة مكونة من اللبنة، ووضعت عليها قليلا من الزيت، وشرحت قطعة خيار وشرحة بندورة ووضعتها بداخل السندويش، وحضرت زجاجة ماء، ووضعت بسكوتة أيضا، وحضرت كوب حليب لكي يتناوله، نظرت مرة أخرى الى الساعة فكانت السادسة والنصف، توجهت إلى سريره وأيقظته، وقمت بتحميمه وتلبيسه طقم جينز فاتح وتحته بلوزة بيضاء، لم يكن هناك زي رسمي للمدرسة للصف التمهيدي، ثم ارتديت ملابسي انا الأخرى لكي ارافقه الى المدرسة، حملت حقيبته وتوجهت الى السيارة، كان زوجي بانتظارنا، اجلسته في المقعد الخلفي، وربطت الحزام وجلست بجواره، وصلنا المدرسة الكلية الابراهيمية بالقدس، كان الدوام فقط للأطفال الصغار في ذلك اليوم أمسكت بيده وتوجهت به الى قسم الأطفال، وصلت الى صفه... تناولته المعلمة، وطلبت مني ان اغادر فورا، وأقفلت الباب.
كان هناك شباك من الزجاج في الممر على ارتفاع متر ونصف، نظرت خلسة من الشباك، فوجدته يجلس والدموع تترقرق في عينيه وهو يحاول أن يمنع سقوطها، شعرت بأن قلبي يتمزق عندما شاهدت الدموع في عينيه، وودت ان اقتحم الصف واخذه واعود الى البيت، لمحتني المديرة وقالت: يجب ان لا انظر من الشباك، جلست على المقعد الموجود تحت الشباك بالممر، في كل لحظة انظر الى الساعة متى سيمر الوقت، وينتهي اليوم، اتصل زوجي يلح علي بالعودة الى السيارة، لأنه يريد ان يذهب الى العمل بعد ايصالي الى البيت، وصلت البيت لا أقوى على عمل أي شيء متوترة لا اجيد عمل شيء، طهوت وانا لا اعرف كيف اطهو كأنها المرة الأولى في حياتي ، وفي كل لحظة انظر الى الساعة، وما ان صارت الساعة واحدة، حتى خرجت من البيت اقف بالشارع انتظر عودته وعيوني تراقب كل من يمر بالشارع وبتوتر شديد، متى سيحضر ؟ لماذا تأخر كل هذا الوقت؟ اتصلت بزوجي اخبره بأن طارق لم يعد، الساعة الواحدة والنصف ولم يصل، لكنه ابلغني انه على وشك الوصول، ربما هناك ازمة سير، بسبب اليوم الدراسي الأول، كان يوما صعبا وشاقا علي، وما ان وصلت السيارة ونزل منها حتى شعرت بأن روحي ردت الي.