الفصلية ... احد ممارسات الاتجار بالبشر



شمخي جبر
2015 / 6 / 19



في مطلع السبعينات التي تعد لحظة تطور اجتماعي مهم انتشرت اغنية المطرب الشعبي عبادي العماري التي كان يدين فيها ظاهرة الفصلية:
جابوها دفع للدار ..
لا ديرم ولا حنه ولاصفگه ..
ولا دف النعر بالسلف ..
لا هلهوله لا ملكه ..
نشدت الناس عن قصه هالبنيه ..
شعجب جارو عليها بغير حنيه ..
ورديت بگلب حزنان ..
من كالولي .. فصليه ..
لعنت ظلم التقاليد بألف حرگه ..
ظاهرة الفصلية كتقاليد اجتماعية عشائرية بالية لا تختلف عن سبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة من قبل داعش، هذه الممارسة حولت المرأة الى سلعة يمكن ان تقدم بديلا عن الاموال (الفصل العشائري المتفق عليه )......
وهو من اشد انتهاكات حقوق الانسان
وقد برزت على السطح الاجتماعي وتناولتها وسائل الاعلام خلال الايام المنصرمة ظاهرة الفصلية التي غادرتها القيم العشائرية منذ سنوات طويلة بوصفها قيمة لا انسانية تشكل ضررا على القيم العربية والاسلامية، فضلا عن كونها انتهاكا لحقوق الانسان..

في الممارسة العشائلرية الفصلية هي امرأة تدفع كدية او جزء منها من اهل القاتل لعشيرة المقتول. وتفرض بعض العشائر العراقية هذا النوع لاذلال العشيرة المعتدية .
قد يعقد قران هذه المرأة على احد افراد العشيرة من دون اخذ رأيها وتمارس ضدها اساليب شتى من التنكيل وانتهاك الحقوق نكاية بعشيرتها واهلها ، لانها وفي الاغلب تكون من اقارب القاتل .
ولا تقام لها مراسيم الزفاف وطقوس الزواج، بل لاتعامل كزوجة، كحال بقية الزوجات في عائلة الزوج، بل يمارس ضدها التمييز باشكاله جميعها. ويبقى توصيف الفصلية يلاحقها الى آخر حياتها ( شنو عمي أنتي كلج فصلية ) فهي تتعرض للاهانة من جميع افراد عائلة زوجها دون ان يحق لها الرد، وتنسحب الاهانات على ابنائها . وقد لايسمح لها بزيارة اهلها الا في الحالات النادرة (مرة أو مرتان في العام)،وتعيش الفصلية اجواء التوتر والضغط النفسي الذي يصل احيانا الى انتحارها.
وقد استنكرت المرجعية الدينية هذه الظاهرة بالقول (لجوء بعض العشائر الى أخذ النساء من عشيرة اخرى لفض النزاعات العشائرية وهو ما يعرف بـ(الفصلية) أمر مستنكر اخلاقاً وشرعاً”، لافتاً إلى أنه “لا يجوز بأي حال من الاحوال أن تجبر الفتاة على الزواج مما لا تريد)
كما ان هذه الظاهرة تتعارض وعدد من مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان والشرائع الدولية الاخرى ، وتعد انتهاكا للدستور الذي اكد في مواده صيانة حقوق الانسان وكرامته.
من وجهة نظر قانونية تعد جريمة يحاسب عليها القانون"، ولايعد زواجا شرعيا لانه يفتقد لأهم ركن من أركان عقد الزواج المتمثل بتوافق الإيجاب والقبول من كلا الطرفين والذي بدونه يصبح عقد الزواج باطلاً . كما انه يعارض قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 في (مادة 9) التي تنص (1 ــ لايحق لاي من الاقارب او الاغيار اكراه اي شخص، ذكرا كان ام انثى على الزواج دون رضاه، ويعتبر عقد الزواج بالاكراه باطلا، اذا لم يتم الدخول، كما لايحق لاي من الاقارب والاغيار، منع من كان اهلا للزواج،بموجب احكام هذا القانون من الزواج.
2 ــ يعاقب من يخالف احكام الفقرة (1) من هذه المادة،بالحبس مدة لاتزيد على ثلاث سنوات، وبالغرامة او بأحدى هاتين العقوبتين، اذا كان قريبا من الدرجة الاولى، اما اذا كان المخالف من غير هؤلاء، فتكون العقوبة السجن مدة لاتزيد على عشر سنوات او الحبس مدة لاتقل عن ثلاث سنوات).
بروز هذه الظاهرة يبين مدى ضعف الدولة ومؤسساتها وضعف القانون وادواته التنفيذية ،كذلك يوضح مدى صلابة وصلادة بعض القيم العشائرية بحيث لم تستطع ان تقضي عليها وتزيلها جميع هذه التطورات والتقدم والتغيرات التي جرت في المشهد المجتمعي .
في ظل شيوع هذه الظاهرة وغيرها فاننا بحاجة الى جهد اعلامي ثقافي توعوي لاشاعة قيم حقوق الانسان وتفعيل القوانين الرادعة لها، لاسيما قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 .