ًعنها فقط و لأجلها...



فاطمة الزهراء فكار
2015 / 6 / 26


عنها فقط أتكلم، و عن الذين أنكروها أحمل في وجوههم قلما بفتيلة نار مشتعلة بوقود الظلم و القمع...
عنها فقط أتكلم ولأجلها سأتكلم، عن الجنينة، الرضيعة، الطفلة، الفتاة، المراهقة، الشابة، الراشدة و العجوز... عن المرأة أتكلم يا سادة، عن الأنثى أتحدث يا قوم...
ما ذنبها يا ترى ليتم وأدها ؟
بأي قلب تم إغتصابها و قتلها؟
بأي سبب تم تطليقها و سلب حقها؟
بأي منطق تم حرمانها و لازال يتم قمعها؟
أ نسيتم فضلها ؟ إسألوا التاريخ يجيبكم عن معنى المرأة الحقيقية ...
من أنتم يا رجال، ماذا تخالون أنفسكم يا أشباه الرجال، يا مدعي الرجولة ؟
كفاكم تفاخرا بفحولة ما هي إلا جملة إسمية دون فعل و لا فاعل...
قلبتم الآية رأسا على عقب و حرفتم محتوى القاع حين جعلتم من أنفسكم أسياد العالم و نحن الخادمات و نسيتم بأن أصل الملك العظيم طفل يبكي و بأن خادم الرجال سيدهم... فنحن الأسياد و أنتم الأطفال.
عنها فقط أتكلم و لأجلها أرفع صوتي مع تكرار الصدى لعل وسخ أذنكم يزول و تسمعون كلاما لطالما أعرضتم عنهم، فهذه وظيفتكم الهرب و التهرب من الحقيقة
أنا لا أكره الرجال ، بل أطالب بقيام ثورة نسائية تخرج من سجن الأنوثة مقتحمة قصر الرجولة الوهمي لتطالب بحقها كإنسان خلقه الله مكرما و ليس مقهورا...
لا أريد خلق الفتنة و قيام الحرب بين الجنسين، أريد شيئا مسلوبا يدعى"المساواة " ، أريد إعطاء كل ذي حق حقه، أريد تكافئ الفرص و العدل و العدالة.
لكن يظهر لي أن الرجال يخافون مما قاله سقراط : "يوم تصبح المرأة مساوية للرجل تمسي سيدته "
لقد قتلتم المعاني فينا حتى أصبحنا مجرد أجسام تشتهونها فتتهافتون عليها كأننا سلعة تعرضونها في المزاد العلني -من يدفع أكثر يأخد-
بأي حق تتاجرون بأرواحنا و أجسادنا؟
من منحكم رخصة
إمتلاكنا غصبا كقطعة أرض محفضة ؟
حقا، إنكم تبعدون عن الوعي و الضمير بمسافة آلاف السنين الضوئية ...
و ما يزيد الطينة بلة أن أغلب النساء يرضين بهذه المفارقة تحت شعار "الرجل ليس كالمرأة " ما هذا الهراء !!
أي عقل سيستوعب فكرة لا أساس لها من الصحة بتاتا ؟
فعلا، صدقت أحلام مستغانمي حين لقبتكم بالنساء الغبيات ، تطاردون الأرانب الفارة،
إنه أرنب، أرنب يا غبية ، سيستبدلك بقطعة جزر حالما يجوع ، فلماذا كل هذه الطاعة حد العبودية؟
يقولون عن أحلام أنها أكثر من ظلم الرجال، و أنا أقول أنها أكثر من أنصفت النساء.
أنت إنسان مثلك مثله و ربما أحسن منه بكثير ... كفاكن غباء أنتن أيضا ، كفاكن تربعا على الأرض جنب قدميه و هو مستلق على الأريكة بإسترخاء.
إستيقظن من سباتكن فلا شيء يعلو على الكرامة و النخوة ، تستحقن ما يستحقون بالتمام و الكمال.
لا يحز في قلبي سوى سذاجة نساء العرب،
فالمرأة الشامية تلقب الزوج ب"تاج رأسي"
و المصرية تنعته ب"سيد الناس"
و المغربية تناديه ب"مول الدار"
بينما الذكر من هؤلاء لا يكلف نفسه أن يناديها حتى بإسمها...
أ رأيتن الفرق الآن ؟
أ لا تعلمن أن طاعة الزوج في حسن المعاملة من كلا الطرفين و ليس في إستعباد أحد الأطراف، و لعلك أنت الطرف المستعبد...
من أنت يا رجل لتتفنن في رسم رجولتك على وجها ببقع زرقاء و حمراء و تنفخ صدرك و تتمختر في مشيتك كأنك ضربت إسرائيليا إحتل أرضك و الحال أنك لا تشعر بالرجولة إلا بعد تخطيك لعتبة منزلك فقط ؟
من أنت يا هذا الذي تغضب عند ولادة الفتاة و تطير فرحا إن رزقت بولد، فما علاقة العار بالفتاة ؟
هل الولد معصوم عنه مثلا و نحن لا نعلم ؟
عنها فقط أتكلم و لأجلها ، قولي لي يا إمرأة ، يا من تخضعين لسلطة الرجل و أنت مبتسمة ، يا من تخطئين عن غير قصد و تعاقبين لتنسي الأسى بعدها ، قولي لي :
أ ليس هذا الرجل الذي يذبح أخته المخطئة هو نفسه الرجل الذي يخطئ مع أخوات الرجال؟؟
أ ليس هذا الذئب الذي يخدع الطفلة البريئة هو نفسه الذي يحبس إبنته و يقيدها ؟؟
أ ليس هذا الرجل الذي يخون زوجته هو الرجل الذي يذبحها دفاعا عن شرفه؟؟
قولي لي يا من تخافين من المجتمع و تنساقين وراء آراءه ، قولي لي :
أ ليس هذا هو المجتمع الذي ينبثق منه الحرام هو المجتمع نفسه الذي ينصب المشنقة لكل من إرتكب الحرام؟؟
أ ليس هذا هو المجتمع الذي يرجم بالحجارة العاهرات هو نفسه المجتمع الذي نصف إقتصاده من سياحة الدعارة؟؟
ترين في نفسك الضحية و يتهمونك بالجانية و الحال أننا كلنا جناة و ضحايا فكر يريد نسف العقل الذي يفكر.
لا تعتقدي و لو لبرهة أن ما يفعله الرجل لك و بك هو غيرة و خوف عليك -غبية- إنه يخاف على نفسه أن تلحقي أرنبا غيره.
هناك رجال لا تجوز فيهم المحبة و لو لوجه الله و هناك نساء يلزمهن سطل مياه مثلجة ليستيقظن من غيبوبة إتباع قوانين أكل عليها الدهر و شرب .
فلتعلمي أنك أكثر من إبنة و زوجة و ربة بيت و أم ، أنت كيان و وجود، أنت سيدة مجتمع تحتاج للصقل و نفض الغبار من على فكرك .
و لتعلمي أيضا أنك أخير من الرجال قلبا و قالبا ، و لا تظني أن الرجل يخاف عليك فعلا، بل إن أشد ما يذعر له المجتمع الذكوري هو أن تثبت المرأة تفوقها في التعليم و العمل و المجالات العلمية و الفكرية، و سبب الذعر هو خوفهم من أن تتذوق النساء سعادة العمل الفكري و لذته و ينجرفن في ذاك الطريق و لا يجد الرجال من يخدمهم في البيت و يطبخ لهم و يغسل سراويل الأطفال كما قالت نوال السعداوي.
أذن لا تكوني مجرد جسد خادم كوني ثائرة أنت أيضا بصوتك ،بأنوثتك ، بقلمك، بكتاباتك، بأمومتك، بعقلك، بشرفك ، بعلمك و تعلمك، بجهلك و ثقافتك. كوني ثائرة.
عنها فقط و لأجلها :
أيتها المرأة... ثوري على الغرب على الشرق... على الشمال على الجنوب... ثوري على حضارة الجسد و كوني عقل هذا العالم...