العلاقة الجنسية بين الاحتياج الطبيعي وبين البطولة الذكورية



سعاد الحياني
2015 / 7 / 27

تشكل العلاقات الجنسية بين المرأة والرجل في المجتمع العربي الإسلامي مجالا شائكا.ولعل من بين الأمورالمثيرة للإستغراب أن ينظر الرجل الشرقي الى العلاقات الجنسية التي تربطه بنساء خارج مؤسسة الزواج بمنطق البطولة فكلما كان عدد النساء اللائي عاشرهن كبيرا وكلما كان وصوله الى الانثى صعبا كلما أحس أن بطولته أكبر .ولهذا يتباهى الذكور بعلاقاتهم الجنسية ولا يجدوا حرجا في الجهر بها عكس الإناث .في رأيي أن هذا الأمر لا يرتبط فقط بالكبت المستشري في مجتمعنا أو بسيادة الفكر الذكوري فقط .بل يمكن أيضا أن تكون له جدور سوسيولوجية ترجع إلى زمن الغزوات حيث كان الرجل الأقوى في الحرب هو الذي يحصل على أكثر النساء و اجملهن و أرفعهن مكانة اجتماعية بين أقوامهن .فكلما ازداد عدد الرجال الذين أطاح برؤوسهم كلما ازداد عدد النساء اللائي سيحولهن إلى سبايا ويدخلهن إلى حظيرته.وبالمقابل فالرجل الشرقي يرى في كل علاقة جنسية لإحدى قريباته انهزام شخصي له وهذا مرده أيضا لكون النساء معرضات للسبي والتحول إلى جوار ينتهكن جنسيا في حالة الهزيمة في زمن الغزوات .كما نلاحظ أيضا ذلك الإحتقار الذي يحسه الذكر تجاه شريكته بالجنس خارج الزواج . على اعتبار أنها امراة مستباحة بحكم القوة فهي فاقدة لكل وجاهة وشرف . ففعل الجنس مرتبط بالتفوق وبالإنتصار على العدو .فربط جسد المرأة بالشرف والكرامة واعتبار كل علاقة جنسية للمرأة خارج الزواج بمثابة إهانة تتلقاها العائلة ككل هو ترسب من ترسبات المجتمع قبل التمدين حيث كان الجميع معرض للغزو المفاجئ وحيث الصراع كان أشبه بالبدائي حول موارد العيش وحول النساء ا أيضا كوسيلة للمتعة و للإنجاب . فما يتباهى به أفراد مجتمعنا الآن ويعتبرونه قيمة وخلقا رفيعا يميزهم عن المجتمعات الأخرى ليس في واقعه سوى ترسب بقي في المخيال الشعبي كتعبير عن خوف دفين من الهزيمة التي يمكن في أحيان عديدة أن تتحول إلى إبادة للمجموعة البشرية المنهزمة بقتل الرجال وتحويل النساء و الأطفال إلى عبيد يتم بيعهم ليبدِؤوا حياة مهينة مختلفة تماما عما كانوا يعيشونه سابقا. وقد استمر هذا الوضع لزمن طويل بعد الغزو الإسلامي للبلدان التي تحولت فيما بعد إلى بلدان مسلمة . حيث شهدت تلك البلدان هذه الهزيمة التي ترجمت إلى استباحة لأجساد النساء الجميلات .لقد انتهى زمن الغزوات وبنيت مجتمعات تعتمد -على علات منظوماتها -على أطر قانونية تحكم بين الأفراد والجماعات لكن المخيال الجماعي لهذه الشعوب لم يتخل عن رواسبه القديمة وأورثها للأبناء والأحفاد على شكل قيم وأخلاق مقدسة .بقيت متداولة بين أفراده لا تقبل مجالا للتساؤل أو للتغيير بحيث ربطت بهوية و مصير هذه الأمة المهترئة واعتبرجسد النساء مسؤولا عن كل الهزائم التي نتخبط فيها كمجتمعات ولازالت صيحات الاسلاميين على تلاوينهم تتفق حول هذه النقطة بالذات وتعتبر كل ما يمت بصلة بجسد النساء وعلاقاتهن الجنسية أمرا خارج حدود النقاش أو الإختلاف . وخارج أي مساومة أو تمطيل بحيث يعتبر من أولى الأولويات التي لن يتحقق أي نماء على المستويات الإقتصادية أو السياسية أو الإجتماعية وغيرها ما دامت تلك الأجساد مستباحة بالإستهلاك الجنسي أو حتى بالنظر من طرف الغريب .وتتسع وتضيق دائرة هذا المعتبر غريبا حسب المكان ونمط العلاقات الإجتماعية . ولأن التغير الطبيعي للمجتمعات يفرض تطوره فقد اصبح الآن هذا التحديد لملكية جسد النساء للجماعة التي ينتمين لها والتي قد تضيق الى مستوى الأسرة النووية في المدن بينما تتسع الى حدود القبيلة في البوادي. اصبح في تخبط واضح فنمط ووتيرة سير الحياة المعاصرة الآن أصبح يفرض خروج النساء ومشاركتهن بالحياة العامة .كما أن النساء لم تعدن راضيات بالبقاء في البيت بل اقتحمن فضاءات الخارج للمتعة والتسوق وقضاء مختلف المصالح.فأصبح من الصعب السيطرة على النساء داخل مربع البيت المحصن .فنرى أن المجتمع يتسسامح كلية وبالتدريج مع هذا المعطى الجديد حتى اصبح أمرا لا نقاش فيه بل لا يثير أدنى جدل ماعدى بالنسبة لاكثر الجماعات تشددا.كما فرض نمط الحياة ايضا نشوء علاقات جنسية بين الجنسين يتراوح المجتمع بين القبول بها سرا ونبدها علنا .واعتبارها أحيانا كحل مؤقت قد يتم إصلاحه لاحقا بالزواج .لكن رؤية هذه العلاقات لازالت مستهجنة بعيدة عن اطارها الواقعي والصحيح كاحتياج طبيعي للجنسين ولا زال جسد النساء ويرتبط بذلك الخلق المقدس الذي تتمحور حوله جميع القيم المجتمعية لهذه الشعوب التي تعشش الخوف في مخيالها الجماعي مشكلا رهابا جماعيا يزيد وينقص حسب تنامي الإحساس بالغبن وعقدة النقص وفتكون غالبا ضحيتها اجساد النساء بمسائئلتها وتحميلها مسؤولية تخلف تراكم عبر قرون من الجهل والركود. .