دورة تكوينية تقييمية في أفق الانتخابات الجماعية والجهوية(تقرير)



عبد المجيد السخيري
2015 / 8 / 3

احتضنت القاعة الخاصة بالعروض والمحاضرات بفندق أثينا بمدينة تطوان/ شمال المغرب، يوم الأربعاء 29 يوليوز 2015 الدورة الأخيرة من سلسلة الدورات التكوينية الأربع التي استهدفت مجموعة من النساء الفاعلات في الحقل الجمعوي والمستشارات الجماعيات والراغبات في الترشح للانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة لشهر شتنبر من السنة الجارية 2015، في إطار برنامج "دعم مشاركة النساء في الحياة السياسية و تقوية حضورهن الفعلي في الاستحقاقات المقبلة" المدعم من طرف صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء، والذي تشرف عليه جمعية رابطة نساء المغرب للتنمية و التكوين بتطوان، وهو البرنامج الذي يطمح إلى الرفع من مستوى ونوعية المشاركة السياسية للنساء ودعم تمثيليتهن بالمؤسسات المنتخبة. انصبت أشغال هذه الدورة، التي أطرها الأستاذ الباحث والكاتب عبد المجيد السخيري، على تقييم حصيلة الدورات الثلاث السابقة التي تناولت على التوالي، الحقوق السياسية للنساء من خلال القانون الدولي لحقوق الانسان والقوانين الوطنية، القيادة والاتصال والتواصل السياسيين، وتخطيط المشاريع ومقاربة النوع الاجتماعي.
وقد افتتح الأستاذ المؤطر الدورة بتذكير المشاركات بمحاور الدورات السابقة وأهم الاشكالات والقضايا التي تناولتها، ورهان الدورة التقييمية الرابعة فيما يرجع لتقويم المكتسبات المحصلة وتعزيزها من خلال المناقشة المفتوحة وتعبئة التمريرات العشرة التي تم إعدادها لهذه الغاية، ثم أعطى بعد ذلك الكلمة لجميع المشاركات لتقديم البروفايل السياسي والانتخابي الخاص بكل واحدة منهن، مع التأكيد على إبراز انتظاراتهن وتطلعاتهن بخصوص المشاركة الفاعلة والوازنة في الانتخابات المقبلة، في ضوء المستجدات القانونية والمكاسب السياسية المنتزعة حتى الآن من قبل الحركة النسائية والحقوقية المغربية، وأيضا في ضوء المطالب النسائية المتجددة بشأن الارتقاء بتمثيلية المرأة في الهيئات المنتخبة والمؤسسات القيادية إلى ، ووهي مناسبة أيضا للوقوف عند استعدادات الراغبات منهن في الترشح على مستوى الاختيارات الحزبية ومناطق الترشح وإعداد تصورات وخطط الحملات الانتخابية وغيرها.
واستكمل المؤطر التقديم التفاعلي لبروفايل المشاركات بالوقوف عند أهم المفاهيم السياسية الرائجة في الخطاب السياسي المؤساتي، مركزا منها على خمس أساسية وهي: الأغلبية، المعارضة، المعارضة البناءة، المساندة النقدية والتحالف السياسي، حيث طلب من المشاركات تقديم قراءاتهن واستدعاء تمثلاتهن الخاصة لهذه المفاهيم، ثم القيام بتمرين سريع لإعادة بناء الحقل الدلالي المشترك لهذه المفاهيم وتحديد طبيعة اشتغال وتوظيف الخطاب السياسي المؤسساتي لها في السياق المغربي، والقواعد والقوانين التي تتحكم في هذا الاشتغال والرهانات التي ينطوي عليها.
وارتباطا بخلاصات النشاط الأول، اقترح المؤطر على المشاركات القيام بعملية مسح سريعة للخريطة الحزبية في المغرب واستعراض أسماء أكبر عدد ممكن من الأحزاب المعترف بها قانونيا ليتم تسجيل ما يقارب ثلاثين حزبا على السبورة، ثم طلب منهن مواصلة العمل على مستوى الورشات بتصنيف الأحزاب المسجلة على أسس أو معايير ثلاثة وهي: المعيار الإيدولوجي(المذهبي أو العقائدي)، والمعيار السياسي(البرامج السياسية والخط السياسي أو التاكتيك) ثم أخيرا المعيار المؤسساتي الانتخابي (التحالفات والاصطفافات بالمؤسسات المنتخبة أو الحكومية). وقد حدد المؤطر لهذه الغاية مدة 15 دقيقة ليتم بعد ذلك وتقديم خلاصات الورشات للمناقشة التركيبية. وبعد استراحة شاي، استأنفت الأشغال بعرض التقارير المنجزة للورشات ومناقشتها وتقويم ما تم إنجازه، بحيث نجح المؤطر في دفع المشاركات لإبراز مكتسباتهن في هذا المجال وطرح هواجسهن ومختلف الأسئلة التي تؤرق بالهن بخصوص التعددية الحزبية المفرطة وقواعد اللعبة السياسية وعلاقات القوة التي تنتظمها وغيرها من الأسئلة، ما أسهم أيضا في إثارة نقاش غني، خاصة مع اعتماد المؤطر لمنهجية محكمة تستثمر تقنيات التنشيط التوليدي والتفاعلي، الشيء الذي أوقع ارتياحا كبيرا لدى المشاركات وعزز ثقتهن بأنفسهن وقوى من الرغبة لديهن في المزيد من الاهتمام بالتاريخ السياسي للمغرب وبيئته الحزبية وتاريخ الوقائع والأفكار السياسية. ولعل ذلك بالذات ما سعى المؤطر إلى بلوغ جزء صغير منه من خلال النشاط الموالي والمتمثل في اقتراح عشر تمريرات قصد تعبئتها بشكل فردي في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة ثم تقويمها جماعيا ورصد مؤشرات التمكن الثقافي والسياسي لدى المشاركات، وهي التمريرات التي غطت عشر محاور كبرى، بمعدل عشر أسئلة (بأجوبة متعددة) لكل تمرير مع سؤال إضافي بما مجموعه 110 سؤال. ومن هذه المحاور نذكر : القانون الدولي لحقوق الانسان، الانتخابات المغربية، تاريخ الوقائع السياسية بالمغرب، الأحزاب السياسية، الدستورانية المغربية، الشخصيات القيادية، تاريخ الصراعات السياسية بالمغرب، النوع، القوانين التنظيمية، ثم أخيرا المصطلحات القانونية.
وبعد الانتهاء من عملية التعبئة، اقترح المؤطر على المشاركات تمرينا للذاكرة قبل إنجاز التقويم النهائي للنشاط ما قبل الأخير، وذلك بعرض صور لتسعة من القادة الرجال وتسع من القياديات النساء في مختلف الميادين والمجالات ومن جنسيات متعددة، وطلب منهن التعريف بهم(ن) وتقديم أقصى ما يملكن من معلومات حول تلك الشخصيات وأدوارها القيادية، وقد نحجت المشاركات على العموم في التعريف المتمكن بشكل معقول على أزيد من نصف عددها، وهو ما اعتبره مؤشرا إيجابيا للتأهيل السياسي، وبالتالي تنمية الحس القيادي لدى المشاركات الفاعلات. وبقدر ما أنعش هذا التمرين الذاكرة الشخصية لكل واحدة منهن، بقدر ما لم يخل أيضا من التسلية والمتعة البصرية واستعادة ذكريات ووقائع من التاريخ الانساني الحديث.
وقامت المشاركات بعدها بعملية تبادل تصحيح التمريرات المنجزة بمساعدة المؤطر ليتم خلالها رصد مؤشرات التمكن والتي حددها المؤطر في حدود ترواحت ما بين 40 و60 في المائة، وهو ما اعتبره مؤشرا إيجابيا يعكس نجاح الدورات التكوينية في تمكين المستفيدات من أهم المعارف والكفايات الضرورية في المجالات ذات الصلة بحاجياتهن الأساسية في التكوين السياسي والقانوني.
وتتويجا لحصيلة الدورات التكوينية السابقة، واستجابة لحاجيات ورغبة المشاركات في التعرف على المستجدات القانونية استعرض المؤطر أهم ما جاء في القوانين التنظيمية الجديدة ذات الصلة بتنظيم العملية الانتخابية والتثميلية السائية، مجيبا في الوقت نفسه عن مختلف الأسئلة التي طرحتها المشاركات بهذا الخصوص، ومن بين ما أثير في هذا السياق:
• -ارتفاع التمثيلية النسائية إلى نسبة 27%؛ واعتماد الورقة الفريدة يوم الاقتراع لانتخاب مجالس الجماعات والجهات، وهي ورقة واحدة بخانتين: واحدة مخصصة للتصويت على المجلس الجماعي وأخرى مخصصة للتصويت على المجلس الجهوي؛
• -إلغاء اللوائح الاضافية الخاصة بالنساء وذلك باعتماد لوائح بجزأين بالنسبة للجهات والجماعات ذات نمط الاقتراع اللائحي(أكثر من 35 ألف نسمة): الجزء الأول من اللائحة مفتوح للرجال والنساء، والثاني مخصص حصريا للنساء بنسبة 27 في المائة؛
-رفع نسبة تمثيلية النساء: الجزء الثاني من اللائحة سيفرز تمثيلية النساء وفق القاسم الانتخابي الذي تفرضه نسبة التمثيلية، بحيث أن كل عدد من المقاعد في الجزء الأول ستمر معه امرأة من الجزء الثاني وهكذا، حسب عدد الاصوات المحصل عليها، وبالنسبة للاقتراع الفردي ستترشح أربع نساء في الأربع دوائر الأكبر من حيث عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، بحيث أن كل رجل أو (امرأة) مرشح(ة) في الدوائر الأربع ي(ت)فوز بمقعد الدائرة إلا و يمر معه(ا) بطريقة آلية المقعد الملحق المخصص للمرأة، أي أن الحزب الفائز بالدوائر الأربع يحصل آليا على ثمانية مقاعد. ووفق هذه المعطيات سترتفع نسبة التمثيلية النسائية حتما إلى ما تقتضيه الكوطا( أي 27 في المائة)، ويمكن أن تتجاوزها بقليل أو كثير إذا كا قررت الأحزاب ذلك باعتماد ترشيحات نسائية في الجزء الأول في اللائحة ووضع النساء وميلات لوائحها الانتخابية.
أما بخصوص الجهوية، فإن التصويت سيتم على لوائح اقليمية، وعدد أعضاء المجالس الجهوية محسوم في القانون 59.11 حسب عدد السكان المعلن عنه في إحصاء 2014 . أما اللوائح فستكون من جزأين: الأول مفتوح والثاني محصور للنساء بنسبة الثلث.
وفي ختام الدورة أشرفت عضوات المكتب المسير للجمعية المنظمة على توزيع شواهد المشاركة على المستفيدات من البرنامج التكويني، وكلمة بالمناسبة أثنت على جهود التأطير والمواكبة الفعالة للمستفيدات للدورات التكوينية، ثم أخذ صور جماعية تذكارية.