خصخصة قطاع المرأة



محمد حمزة راضي
2015 / 8 / 23


حسمت الحكومة العراقية امرها بشأن قضايا المراة العراقية التي تشكل نسبة ٤-;---;-----;---٩-;---;-----;---.٩-;---;-----;---٪-;---;-----;--- من سكان العراق. عبر إلغاء المؤسسة التنفيذية المتواضعة الوحيدة المعنية بها - وزارة الدولة لشؤون المرأة - وسط ترحيب خفي من قبل المنظمات النسوية المحلية الحالمة بفراغ حكومي تجاه قضايا المرأة ليتيح لها شرعية أقوى لوجودها وتحركها، ويرفع من فرص حصولها على اهتمام وتمويل مالي من قبل المنظمات الدولية.
الحكومة طرحت ملف المرأة الى القطاع غير الحكومي المتمثل بالمنظمات الأممية والدولية ومنظمات المجتمع المدني المحلية، هكذا هو الأمر يبدو حتى اللحظة والمرجح أن يبقى إذا دققنا في حزمة الإصلاح الثانية، إذ دمجت مهام بعض الوزارات الى وزارات أخرى، وألغت وزاراتٍ لها مؤسسات بديلة، سوى وزارة شؤون المرأة.
والتعويل - غير المؤكد حتى اللحظة - على تحويل الملفات التي تهتم بها وزارة المرأة الملغية الى مفوضية حقوق الإنسان تعويل غير موفق إذا ما لاحظنا واقع الحال في المفوضية التي لا تمتلك راسا ولا ذيلا منذ تأسيسها، تتسابق فيها سيدتان على حجز مقعد لهما في الصف الأول بالمحافل الخاصة بالمرأة لإثبات أن كل منهما هي المسؤولة عن ملف المرأة. فضلا عن ضعف تأثيرها على السياسة العامة للكابينة الوزارية، ويصبح تمرير قرار واحد لها في مجلس الوزراء بمثابة الحلم.
ان إلغاء الوزارة يكشف حقائق مرة أبرزها عدم اهتمام الدولة العراقية بالفجوة العميقة بين أوضاع النساء والرجال التي تتطلب اتخاذ تدابير جادة وفاعلة لتمكين المراة وتقوية المؤسسات المعنية بها، واكدت ذلك كل الوزيرات اللواتي تعاقبن على منصب الوزارة، وكانت أبرزهن نوال السامرائي التي قدمت استقالتها احتجاجا على ذلك في ٢-;---;-----;---٠-;---;-----;---٠-;---;-----;---٩-;---;-----;---. ويبدو أن الوزيرة والوزارة كانتا تواجهان عقبات حقيقية في تمرير القوانين والمقترحات بسبب عدم الاهتمام الحكومي وسط خذلان وعدم مناصرة كبيرتين من قبل وسائل الاعلام والمنظمات.
الحقيقة المرة الأخرى هو السكوت المطبق لمنظمات المجتمع المدني المحلية المهتمة بقضايا المرأة ولا تملك تفسيرا لذلك سوى أن الوزارة لم تقدم شيئا للمرأة العراقية وهذه الذريعة تقودنا الى الإعلان عن قاعدة جديدة بأن الوزارة التي لا تقدم شيئا تلغى، بمعنى إلغاء الصحة والتربية وغيرها من الوزارات لأن عليها ملاحظات أيضا.
المنظمات طوال اكثر من عقد بدت متخبطة في أدائها، لا تعرف هل هي ضاغطة من اجل الحقوق او منفذة لها، هل تريد ان تكون صانعة للقرار أو متخذة له، وانغمس معظمها في تقديم مساعدات إنسانية في غاية التواضع.
واكثر الحقائق مرارةً التي اختتم بها هو الموقف المتفرج للنساء اللواتي يشغلن مناصب عليا لاسيما البرلمانيات، وهو يكشف خللا خطيرا اتناوله في وقت لاحق.
إن الواجب الأخلاقي يفرض على الجميع أن يعزز من الآليات الوطنية المعنية بالمرأة العراقية التي تشكل النسبة الاكبر ضمن الامية والفقر والعنف الاجتماعي والتهميش، وهذا يستدعي على اقل تقدير، وفي ضوء الإصلاح، الاهتمام بوزارة المراة، وإعطاءها دورا أكبر وتأثيرا اقوى لتؤدي عملها بفاعليه وكفاءة تتناسب مع متطلبات وطموح المراة العراقية.