المرأة العربية5 وأخير: حركة تحرير المرأة العربية



أفنان القاسم
2015 / 8 / 24

أولاً
نحن النساء العربيات من المحيط إلى الخليج، على شاكلة كل حركات تحرير المرأة في العالم، لا نريد للرجل أن يتدخل في حركتنا، لا نريد للنظام أن يكون وصيًا على حركتنا، لا نريد للقانون أن يتعارض مع حركتنا، لأننا نريد أن نكون نِدًا من أنداد الرجل، وركنًا من أركان النظام، وقوة من قوى القانون، وبالتالي لأننا كنساء نريد أن نكون مواطنات على أكمل وجه، لنا كافة الحقوق، وعلينا كافة الواجبات، ضامننا مجلس التعاون المشرقي كأعلى سلطة للسلطات الديمقراطية.

ثانيًا
كل اتحادات نساء العالم العربي نريد إلقاءها في صندوق القمامة، لأنها تنظيمات ذكورية تحت نعل النظام الذي يمولها، وبالتالي يسيطر عليها. على حريتنا إذن كحركة أن تكون مستقلة استقلالاً كاملاً في المال وفي الفعل، في المال بالتعاون مع رؤوس الأموال المستقلة، وفي الفعل بالعمل مع التنظيمات السياسية الديمقراطية، دون أن نتدخل بشؤونها ولا أن تتدخل بشؤوننا، يجمعنا الخط السياسي أو لا يجمعنا، لكن ما يقودنا القيم المشتركة، وكافة الحريات التي هي الأهداف الأساسية لمجلس التعاون المشرقي.

ثالثًا
نرفض دعوة الواحدة منا "امرأة" كمرادف للقمع، ونؤكد على "امرأة" كمرادف للحرية، أن أكون امرأة لا يعني العار، لا يعني نصف الرجل، لا يعني فردة الحذاء، أن أكون امرأة لا يعني الغبن، لا يعني نصف الراتب، لا يعني خادمة بالمجان، أن أكون امرأة لا يعني النكاح، لا يعني نصف الدين، لا يعني هن متاع لكم، أن أكون امرأة لا يعني الحجاب، لا يعني نصف العين، لا يعني واحدة من أربع، أن أكون امرأة لا يعني الضرب الإهانة البصاق، لا يعني كل الموبقات، لا يعني قومي يا كلبة اقعدي يا ثقب. على الرجل أن يشطف ويجلي ويطبخ، على الرجل أن يُرْضِع (بالرضاعة وإلا كان الحال أكثر من عال العال) ويُلْقِم ويُشَخِّخ، على الرجل أن يضاعف من خدمته للمرأة وقت العادة، على الرجل أن يحمل عنها كل الأعباء عندما يصيبها صداع نصف الرأس، على الرجل أن يذعن لأمر عدم رغبتها في المضاجعة، فعلاقاتنا كبشر ما بيننا وبين الوسط الذي نعيش فيه أهمها العلاقة العادلة بين الجنسين. لن تسعى المرأة إلى تدمير نظام الإنتاج البطريركي، لكنها ستعمل من خلاله ليكون أكثر نسائية، وبالتالي أكثر إنسانية، بفضل إصلاحات مجلس التعاون المشرقي.

رابعًا
مقابل اللامعرفة هناك اللاشعور، عن طريق العوامل النفسية والفيزيولوجية غير المحسوسة سنقاوم جهل المرأة العربية، فنقتدي بهذه العوامل لرفع وضع المرأة، وتحويلها من مفعول به (ومفعول فيه) في التاريخ إلى فاعل في التاريخ، هكذا يمكننا خلق طاقة حيوية شبقية جديدة للمرأة، على كل مستويات ذكائها، في الحقل وفي المصنع وفي الإدارة، كأم وكابنة وكحفيدة، كزوجة للملاك وللشيطان، كسيدة للمرأة وللرجل، كربة للبرق وللرعد، باختصار أن يمشي قول نجيب محفوظ عليها: عاهرة شريفة خير من شيخ دجال، تحت كل المعاني والدلالات التي أهمها ألا تكون خاضعة وألا تكون عاهرة. لهذا نلح على العمل بين ذراعي مجلس التعاون المشرقي في مؤسسات ثلاث: وزارة الذكاء، ووزارة التنوير، ووزارة المرأة.

خامسًا
حركتنا متأخرة، متأخرة جدًا، بالنسبة لباقي الحركات في العالم، هذا لا يمنعنا من الاستفادة من تجارب ومكاسب كل النساء في الكون، فالنساء في الكون كلهن شقيقات. في السبعينات من القرن الماضي، كانت المرأة الفرنسية لا تجرؤ على ارتداء الجينز، لا تجرؤ على تدخين سيجارة في الطريق، لا تجرؤ على التحدث في الشارع مع زميل، اليوم تجرؤ على التحدث في الشارع مع زميل، تجرؤ على تدخين سيجارة في الطريق، تجرؤ على ارتداء الجينز، بل وأكثر، ويمضي كل هذا بشكل عادي، عادي جدًا: المرأة السعودية أُوُلَى النساء العربيات الأَوْلَى بكل هذا، ما عليها سوى أن تبدأ. بدأت حركة تحرير المرأة الفرنسية بعشر نساء اجتمعن لا ليحكين عن مشاكلهن مع أزواجهن أو آبائهن أو إخوانهن، لا ليحكين عما هو أفضل الحجاب فوق فستان شانيل أم فستان شانيل فوق الحجاب، لا ليحكين عن الدجاج في الفرن أطيب من الدجاج في طنجرة البخار، اجتمعن ليحكين عما يجمعهن من آمالٍ وأمانٍ كنساء، كنساء أمانيهن وآمالهن التي هي أماني وآمال الكون، نعم آمال وأماني الكون هي آمال وأماني النساء، فكانت الانطلاقة التي أعطت للمرأة كل حقوقها، حق الانتخاب أول الحقوق السياسية، وحق الإجهاض ومنع الحبل أول الحقوق النسائية، اليوم كل هذا ذكرى من الذكريات، كل هذا جزء من الماضي، الماضي الذي أصبح بعيدًا، ونحن لم نبدأ بعد، يكفي أن تبدأ بعضنا، فالرجل ليس هذا البعبع الذي أوهمونا به. في الواقع، الرجل مِلك للمرأة، وليس العكس، قوتها عليه هائلة، تستطيع أن تفعل به ما تشاء، أن تستعبده، لكننا نحن كحركة لا نريد استعباد أحد، نريد تحريرنا من استرقاق الرجل لنا، وتحرير الرجل من استرقاق الرجل له، تحرير المجتمع، تحرير العقل، تحرير القيم، في بداية القرن الحادي والعشرين، على نسق مجلس التعاون المشرقي.