قضية المرأة بين رجعية الصادق النيهوم وحداثة يوسف القويري 2



أحمد البخاري
2015 / 9 / 11

طبيعة المرأة وطبيعة الرجل ..

يصر الصادق النيهوم في كل كتاباته على التمييز الجندري بين كل من الرجل والمرأة، وهو لا يترك أي فرصة دون أن يخبرنا بأن طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة الأنثى ( صفحة 85 نقاش ) ، ولذلك فهي بحاجة ضرورية لمناهج خاصة بها (فصل في التعليم)، وأعمال خاصة بها (فصل في العمل)، والصادق يقترح قطاع التعليم كمثال، "نعمل على تشجيع المرأة لكي تتولى ميدان التعليم بأسره" (نقاش 83)، وهذا المنطق اللذي ينادي به النيهوم هو تكريس متعمد للتفاوت الإجتماعي، ومنطق وفكرة سلفية بإمتياز، تنادي بها جميع التيارات الرجعية، وتجعل من هذه الفكرة حجر أساس، لكل عمليات الفصل الجندري، وتحجيم دور المرأة ، وتحديد ما يناسبها وما لا يناسبها .

لكن يوسف القويري، يبدو أكثر عمقاً في تناول هذه القضية، فهو في البداية، وبسؤال جريء في مقالته ( هل أنت ذكر أم أنثى؟) يؤكد أن الفرق بين الذكورة والأنوثة هو فرق هرموني بحت "فالكائن الحي يشتمل بداخله على عناصر الأنوثة والذكورة" (صفحة 24)، ونشأة " الإختلاف بين الرجل والمرأة من أن الهرمونات المذكرة تكون بنسبة عالية عند الرجل وبنسبة أقل عند المرأة" (صفحة 25)، وهو ما يؤدي إلى الإختلاف البيولوجي لاحقاً عند النضوج.

ثم يكمل القويري : " بالبداهة نحن نقر بوجود إختلافات معينة بين المؤنث والمذكر، إلا أنها إختلافات يمليها التخصص الضروري لإتمام التناسل، أي أنها إختلافات لا تفسر نشوء التفاوت الإجتماعي وإمتياز طرف على الآخر " (صفحة 31).

ومن هنا ينطلق القويري في تفسير ظاهرة التفاوت بين الرجل والمرأة، فليس هناك أي تمايز أو إمتياز جنسي على الإطلاق، إنما هو تمييز إجتماعي وعادات بالية وقديمة نشأت في ظل تحولات إقتصادية مرت بها المجتمعات البشرية وأحدثت هذا الإنقلاب بعد أن كانت المجتمعات القديمة تبجّل وتعظم المرأة ، وتنعم فيها بالمساواة الكاملة بين الجنسين لإنعدام الإمتيازات الإقتصادية بينهما (صفحة 35).

لكن عصر تدجين المواشي، وتربية القطعان خلق مصدراً للثروة لم يكن يخطر بالبال، وبعد إنهيار نظام العشيرة وبروز الأسرة الأبوية المعروفة، ومعها نظام الميراث الأبوي، فقدت المرأة دورها الإنتاجي، وأنقلبت إلى آلة إستيلاد ومتعة، وأمتلك الرجل الحياة الإقتصادية، وتم إستعباد المرأة بهذه الأفضلية الإقتصادية. ( مقالة جذور الإضطهاد التاريخي - يوسف القويري ).

إذن، في الوقت اللذي يطالب فيه القويري بتمكين المرأة إقتصادياً، لإرجاع مساواتها الإجتماعية مع الرجل، ويدحض في كل مقالاته تهمة "الطبيعة الخاصة" للمرأة، نجد أن النيهوم يحاول تكريس هذا التمييز، ويقترح في كل مرة، تقدييم أعمال تناسب طبيعة المرأة الخاصة والهامشية، وليكن صنع الأدوات التقليدية وصناعة الحصير .


للحديث بقية في الجزء الثالث وعن وجهة نظر الكاتبين في العبودية والمرأة ..