حقوق المرأة ...منوأد البنات ..الى وأد الحريات..!!



هرمز كوهاري
2005 / 10 / 21

وأد البنات في الجاهلية وفي الجزيرة العربية ، كانت عادة سيئة بل كانت
جريمة بشعة ، بشعة ليس فقط بالنسبة الى إنسان ، بل حتى لو كانت تتبع تجاه
الحيوان !ولم يعد يمارسها أحد ، على ما أعتقد، منذ خمسة عشرة قرنا ، حتى رجع
اليها أخيرا في القرن العشرين ، قرن إعلان حقوق الانسان ، قرن تحطيم النازية الالمانية والفاشية الايطلية والعسكرية اليابانية ، عاد اليها طاغية العصر " وقائد الضرورة التاريخية " صدام حسين بل هدام حسين ليس فقد بوأد البنات أو النساء ،بل بوأد ، أي إنسان يطالب بحقوقه تلك الحقوق التي يعتبرها الطاغية ملكا له ولوحده . فكم دفن من الاحرار أحياءاً!!
ونعود الى حقوق المرأة التي تحررت من جريمة وأد البنات ، إلا أنها لم تتحرر
من وأد حريتها وحقوقها وإنسانيتها ، وهي أي المرأة أساس المجتمع والمدرسة الاولى
للشعوب ، حيث تخرجَ من مدرسة أحضانها القادة والجبابرة والعلماء والفلاسفة وكل إنسان يمشي على الارض.
ولكن من المسؤول عن حرمان المرأة من حقوقها التي تكفلها إنسانيتها ، ويؤكدها " الإعلان العالمي لحقوق الانسان " ذلك الاعلان الذي وقعته أكثر الدول بضمنها الدول
التي لا تعترف بحقوق المرأة ، لاسباب لاتمت الى المنطق والعقل بصلة .
ولو رجعنا الى صاحبة القضية ، ندخل في متاهات ، لا نخرج إلا بنتيجة واحدة
وهي أن المسؤول الاول عن هذا الحرمان هو : التخلف والتخلف ثم التخلف !!
فمنذ أن تعلمت المرأة القراة والكتابة والاستماع الى الراديو ثم الى التلفزيون وغيرها من و سائل النشر والاعلان ، بدأت تطالب بحقوقها بصورة خجولة وأحيانا بأعلى صوتها وإستنكارها لوضعها المزري .
دون أن تعرف مدى تلك الحقوق ، أين تبدأ وأين تنتهي، فالكادحة العاملة والطالبة
والموظفة وربة البيت ، الغنية أو الفقيرة ، الكل تشعر بأن حقوقها مغتصبة أو ناقصة
ولكن إذا سئلتْ عن تلك الحقوق ، كل فئة تطالب بنوع من الحقوق تختلف عن حقوق
الاخرى ، وأن حقوقها مغتصبة من جهة غير الجهة التي تشكي منها الفئة الاخرى .
فهذه تشكي من معاملة أخوها لها وتلك تشكي من الزوج المتعجرف وأخرى
تشكي من ظلم العمة – والدة زوجها –وغيرها تشكي تصرف المراهقين أو الكبار
المتصابين من التعرض لها أو حتى التحرش بها وهكذا .وبعضهن تشكين من عدم
التفات الشباب اليهن بسبب التعالي والاهمال !!
أما الجمعيات النسائية التي تشكلت منذ الخمسينات ، كرابطة المرأة العراقية ،
تقول بأن القوانين السائدة لا تنصف المرأة .والسبب في طمس حقوقها .
إن القصص التي تكتب أو التي نسمعها ، أن المراة تغبن بنت جنسها المرأة
أكثر من الرجل ، فكم من العم أحن وألطف مع كنته من العمّة حتى قيل
" إذا إتفقت العمّة مع الجنّة جان راح الابليس للجنة!!" والاب يكون أحن وأرحم
في معاملة بنته من معاملة أمها ، والخلاف بل المشاجرات بين أخت الزوج والزوجة
مستمرة وأحيانا حادة ، في الوقت تلقى تلك الزوجة من أخ زوجها كل المودّة والاحترام .
وفعلا سمعت قصصا من والدتي وجدتي عن معاملة العمة للجنة من أيام
"سفربلّك" وقبلها تبلغ من القسوة والاستهتار الى درجة لا تصّدق !! .
أما الام فتسخّر بنتها لخدمة أخوها لايهم إذا كان أكبر منها أو أصغر ، وكم من
أم تصرخ على بنتها لاسكاتها عندما تعترض على تجاوز يقع عليها من قبل أخيها
وتقول : " خلّي يضربج شيصير ببيج قابل تموتين " !!.
وفي العشائر تكون هدية سهلة ورخيصة يهديها الاب لابن صديق له وهما
جالسان في المقهى دون علم البنت ، أو يتعاملون عليها كفدّية لحل مشكلة
أو جريمة قتلْ حدثت بين عشيرتين أو عائلتين وتسمى " فصليّة " دون
أن تكون البنت المسكينة طرفا في الموضوع من بعيد أو قريب ، ودون أن
تعرف الى من ستُهدى !، هل الشخص الذي ستهدى ! له كبير السن أو له
زوجة أو زوجات ، أو قبيح الشكل أو معوق !! بل تعينه الجهة المعتدى عليها
ويقولون إنها حكمة !! لان العملية تؤول الى إعادة الالفة والصداقة بين العائلتين
أو العشيرتين ، أما البنت المسكينة ، ليست ذات أهمية ! لانها الاول والاخير هي
للزواج ، وهناك مثل يقول ما معناه " المراة إما للرجل أو للقبر !!
ويقول الشاعر محمد صالح بحر العلوم بهذا :

وفتاة لم تجد غير غبار الريح سترا
تخدم الحي ولا تملك من دنياه شبرا !
وتود الموت كي تملك بعد الموت قبرا
وإذا الحفار فوق القبر يدعو أين حقي !!

أما مشكلة الدين أو الشريعة اقصد رجال الدين ومفسري الشريعة على
هواهم ،فهي لا تخضع للحوار والنقاش لانها من الثوابت! وما يزيد في الطين بلة
أو في الطنبور نغمة!! أن قسما من النساء تتبناها ، ونقع في مشكلة التي تقول :
" القاضي راضي !!" فلمَ تدخلكم ؟ ويتظاهرون بالتدين وبانهم من أشراف القوم
محملين نساءهم عبئ شرفهم وحسب تفسيرهم للشرف !! ،كأن يقولوا العائلة
الفلانية من أشراف القوم حيث نسائهم لا تخرج ولم يراهن أحد ! ، وهذامعناه انهم يسجنون نساءهم في البيوت خلف الابواب المغلقة ، وهذا مقياس الشرف عندهم !!
( في بداية الستينات ، قال لي شخص مثقف بل طالب حقوق كان من منتمي احد الاحزاب الديمقراطية قال لي بالحرف الواحد " نسكن في النجف ، لدي أخت تبلغ من العمر [22] سنة ،لم تتعدى عتبة الدار !! لاتعرف لا الشارع ولا الزقاق "!! وحجة
أهله أو أهلها أنه ليس هناك ما يستدعي خروجها من البيت ، وأن ليس هناك حاجة تقضيها المسكينة خارج البيت ! إذا لماذا تخرج أوليس هذا وأد في المسكن !بدل الوأد في القبر ؟ .)
كماهناك حرمان البنت من الزواج بسبب طلب أهلها مهرا عاليا مبالغا فيه، بحيث
يتراجع الشاب ولا يجرأ من مفاتحتها ثانية أو أمثالها ، وهذه المشكلة تشبه مشكلة الدين
حيث أن البنت نفسها تطلب ذهباً وطلبات يعجز الشاب عن توفيرها ، معتقدة أن قيمتها
في نظر صديقاتها والجيران هي بمقدار المهر ، المعجل والمؤجل من المهر
كصفقة البيع والشراء في سوق الزواج والطلاق !!.
كان الدكتور داود الجلبي من وجهاء وأثرياء الموصل ، جاءوا يخطبون بنته ،
خائفين من ضخامة مبلغ المهر الذي توقعوا أن يطلبه بالرغم من أنهم كانوا أثرياء
قال لهم بالحرف الواحد " مهر بنتي المعجل درهم واحد !! فغضبوا وإعتبروها إهانة أو إستخفاف بهم أو رفضه لهم بطريقة غير مباشرة ! وعندما أبدوا إستعدادهم لدفع ما
يطلبه ، قال " عندي بنت للزواج ، وليس عندي للبيع !! لان بنتي لا تقيّم بمال !!
كان هذا قبل أكثر من خمسين سنة ! فهل نحن في تقدم أو تأخر ؟.
كان لي زميل في الكلية سنة 1954 – لا داعي ذكر إسمه – إتفق مع فتاة للزواج ،
الاّ أن العائق كان طلب أهلها بكمية من الذهب يعجز عنه ، إتفقا أن يستعير كمية كبيرة
من الذهب من أحد أصدقائه الصاغة لعدة أيام ، ليقدمه لها أمام أهلها ،نجحت الحيلة ،
وتم عقد القران وتزوجا ثم أعاد الذهب الى صديقه الصائغ ، ولم تفد معهما إعتراض
أهل الفتاة ، بل كان إعتراضهم بعد فوات الاوان أو "بعد خراب البصره " كما يقال
كان هذا قبل نصف قرن ! فهل نحن في تقدم أو تأخر !
قالت لي إحداهن " أبا فلان أقول صدك ؟ قلت ماذا ؟ قالت : نحن النساء لانعرف
مانريد!! وقالت إحداهن :" خليته زوجي على الحديده وبعده يحبني أي الى أن
أفلس !! ، لان بعضهن تعتبر الزوج مصدر تمويل أو تقيس حبه لها بمقدار ما
يلبي طلباتها ، وقرأنا في التاريخ أمثلة كثيرا عن أن زوجات الملوك أو الرؤساء
كن سبب إفلاس الدولة وثم إنهيارها ،- وماري إنطوانيت - خير مثال على ذلك .
أردتُ بهذا كمن يطرح كل الاوراق على الطاولة ، ثم فرزها ، ما لهن وما عليهن
للتعاون مع زميلكم الرجل لحل ما يمكن حله بروح التجرد والموضوعية ، وليس فقط توجيه نيران الغضب على هذه الجهة وتلك .وكلنا نعرف قول السيد المسيح عندما أرادوا رجم مخطئة ، قال" من لم يكن له خطيئة فاليرمها بحجر !!" فتراجعوا .
إن ما نعاني ، برأي هي عدم وجود الجرأة لدينا ، وكل واحد منا أو واحدة منهن، يقول أو تقول لماذا أنا أبدي ليبدأ غيري " قابل بقت عليّ" !!
أجد نفسي في موضع الاعتذار من الاطالة والاسترسال ، ولكن مهما أتيت بأمثلة
ومهما توسعت بنماذج التجاوزات ، لا أبلغ عشر معشار ، ما تعرفه كل إمراة أو بنت
لانها تعيش في هذه المعمعة ، وعليه سانتقل الى بيت القصيد ، أو الغرض من سرد
ما تقدم من الامثلة وهو : من هو مغتصب حقوق المرأة ، إذا لم يعرف فاقد الشيئ
من سرق حاجته ؟ إذا ضد من يقيم الدعوى؟! أضد مجهول أم ضد الكل أم ضد نفسه؟!
وبرأي المتواضع ، أحدد ثلاثة متهمين ، وهم رأس البلية وهم :
أولا التخلف .. وثانيا التخلف .. وثالثا التخلف ..
والتخلف ليس نتيجة الامية ، فكم من متعلم و متعلمة ومثقف و مثقفة ، تتبنّى كل
أو جزء من هذه التقاليد المار ذكرها ، وقشور الدين وطاعة وعّاظ السلاطين ، وتفسير العفّة والشرف بنفس ما يفسره المتخلفون ، وتقييم المرأة والبنت بمقدار ما يقدم لها
من الذهب والجواهر والملابس الغالية والثمينة والنادرة ، ثم الحفلات المكلفة
و الرقص والطرب في الحفلة!! لتتباه بها عند الاقران والجيران!!وتتغنّى بها في كل مكان وزمان !!.
وكم أتمنى ردود ومداخلات الزميلات والزملاء سلبا أو إيجابا ، وسأكون شاكرا
لكل رد أو أعتراض ، حتى إذا كان ...!!