دهاء المرأة



صلاح شعير
2015 / 9 / 16

هل يستطيع أحد أن يدعي إنه قادر علي فك ألغاز المرأة ؟ فبالرغم ما تبديه من رضا أو غضب تجاه أي موقف تستطيع أن تخفي مكنون ذاتها ببراعة ، تارة بالتلون الحميد وتارة متحصنة بفراء الأفاعي ، هذه المخلوقة العبقرية وهبت من الدهاء ما يؤهله لجبر الضعف بداخله ، فقد أنضج القدر أسلحة الأنثى بمراجل الحيلة والمكر ، لتصبح قادرة علي مقارعة اعتي الرجال ودك قلاع رجولتها التي يتصورن وهما أنها مستعصية علي حواء.

يحلو لبعض المغيبين من الرجال أن يتوهموا امتلاك قدرات هائلة تمكنهم من غزو الأغوار السحيقة بأعماق حواء ، بيد أنها حين تبتسم أو ترفع الراية أو تسلم نفسها أو قلبها لرجل تكون هي التي قد قررت ذلك من البداية ، وبمحض إرادتها من الوهلة الأولي ، فإذا وقع الصيد في الفخ ووجدته كما توقعت أخفت حيلتها خجلا ودلالاً ، وإذا وجدته عربيداً أو دون المستوي المطلوب هرولت لتدعي أنه خدعها بمعسول الكلام .

ومن أجل أن تشعر أنها مرغوبة تشتاق إلي كلمات الغزل كما تحن الزهور إلي الماء ، ثم تتعمد أن تذيع الخبر فيما بعد متصنعة التأفف لتفتخر بذلك بين أقرانها من النساء ، وتسعي لتحفيز رجالاً آخرين لاستدراجهم ثم قهرهم بالرفض ، فغايات متعتها أن تجذب بعض الفراش حول رحيق أنوثتها ثم تردهم فارغي الوفاض ، لتحصل علي نشوة النصر بالتسامي تصنعاً ، وهذا يحقق لها قدراً هائلا من المتعة ، فشعورها أنها مرغوبة يرضي غرورها وربما يجعلها تشعر بقوة تستر بها الضعف الكامن بين جوارها.

وعلي عكس الشائع فأن تجاهل الرجل لها يقتلها كمدا وحصره ، فتصب جما غضبها عليه وتقذفه بأشنع الأوصاف طالما لم يأتي متذللا علي أعتابها لتستمتع برده خائبا أو تنال ما تريد منه . ورغم تلك المتناقضات فأن المرأة أذا أحبت بقلبها ؛ وهبت نفسها وكيانها لمن تحب بكل كرم وسخاء ، فتتدفق منها ينابيع الحب أنهاراً تفيض بأودية العشق بشهد الرحيق المختوم ، وعندما يحدث ذلك سوف يمسك أدام بيديه قبساً من نعيم الجنة فوق الأرض.