ضمن اي مفهوم ياتي سلوك داعش وكيف يمكن تحجيمه



سوزان ئاميدي
2015 / 10 / 1

ياتي تصرف اي فرد من تنشئته ومن خلال تأثير دور العائلة والمدرسة والمؤسسات الخدمية المختلفة والمجتمع عليه . بمعنى ان البيئة مع الوراثة والشخصية مجتمعة تلعب دوراً أساسياً فى تحديد سلوك الفرد وهنا سؤال يطرح نفسه : ضمن هذا المفهوم : هل افراد المجتمع الواحد متشابهون في التصرف ؟ في الواقع وضمن المجتمع الواحد يكون التصرف العام للأفراد متقاربا إلا انه غير متشابه , كما يتم تحديد مستوى الفرق في التصرف بين الافراد من خلال تحديد الفرق في المستوى المعيشي الاقتصادي , وهنالك تحديدات اخرى ايضاً إلا ان العامل الاقتصادي هو أكثرها تأثيراً , وبالتالي فان الوضع المعيشي للفرد يحدد نوعية التصرف .
ولا يكون الرفاه الاقتصادي المعيشي دائما عاملا ايجابيا للتصرف. بمعنى آخر المستوى الاقتصادي مؤثر ولكن ليس بالضرورة ان يكون تاثيره ايجابي في سلوك الفرد .
ففي حالة الرفاهية المعيشية للفرد هنالك عوامل أخرى مهمة تساهم في توظيف العامل الاقتصادي لجعل تصرف الفرد يكون بالمستوى يرتقي الى المثالية والايجابية او السلبية . بمعنى آخر ان العوامل المساهمة قد تفشل في التوظيف الإيجابي , ولكن هذا لايلغي اهمية رفاهية الفرد في تحقيق الرقي في مستوى سلوكه .
وهذا لايعني ان الافراد ذوي المستوى المتدني في المعيشة يتخلفون عن التصرف المثالي او الإيجابي , وهنا نعني بالإيجابية او المثالية التصرف الذي يقع ضمن الحفاظ على حقوق الانسان وتطبيق القانون المدني داخل كل المؤسسات ومنها العائلة والمجتمع . وعليه تبحث كل الانظمة عن تحسين المستوى المعيشي للفرد لتحقيق التطور في سلوكه .
وهنا سؤال آخر يفرض نفسه : ما مدى تأثير تحسين المستوى المعيشي امام تأثير إحدى اهم موروثات الفرد كالعقيدة الدينية ؟ فاختلاف المستوى المعيشي كمقياس لسلوك الفرد يفقد اهميته طالما هنالك التأثير العقائدي الديني عليه خاصةً عند المتدينين الراديكاليين , ويصبح المفهوم لسلوك الفرد هو : مدى أو مستوى التأثير العقائدي الديني عليه . فالعقيدة الدينية ملزمة بالفرد في الحياة وبعدها , خلافاً لمستوى المعيشي حيث ينتهي بإنتهاء الحياة , ولهذا يجتهد ويجاهد الفرد الملتزم دينياً للحصول على المكافئة في الأخرة وهي الجنة , وبمعنى آخر فان الفرد الملتزم دينياً يعتبر ان الحياة هو من اجل السباق لنيل رضى الرَب ( وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين . آل عمران 133 ) وآيات أخرى تتحدث عن التقوى وتربطها بالجنة وذلك العمل بالأحكام التي يُصدق بها الفرد وحسب قناعاته والتي توجه مفاهيمه لتحدد له تصور الامور التي يصدق بها تصديقا جازما , فيسير الى ما امر به ربه , فيكون تأثير العقيدة واضحا في سلوكه وبكل السبل الحياتية حتى في مزاجه وذوقه . و هنا سؤال آخر يفرض نفسه : تحت اي إطار يحسب سلوك داعش بشكل عام وسلوكه اتجاه المسيحيين بشكل خاص ؟ .
كلنا يعلم ان تنظيم داعش يحمل رايه الاسلام بمعنى ان سلوكها ضمن التعاليم الاسلامية , والمغالات في الاعتقاد يكون تأثيره سلبيا دائماً ، لأن الانسان يعرف خالقه بالفطرة ، ويعلم أن القرآن قد وضَح حقوق وواجبات الأفراد تجاه الله وأوجب عليه إتباعه . ولكن عندما تختلف كتب التفاسير والفقه ومن ثم تدخل البدع والانحرافات والتعصب القومي والمصالح السياسية كل ذلك يؤثر سلباً على سلوك ونفسية المسلم وبالتالي التنافر والتناحر وحتى القتل وإباحة دماء الأبرياء , وبعض الجماعات يبحثون من وراء العقيدة الدينية مكاسب اقتصادية فضلاً عما سبق مما يحول الامر الى صراع على مصادر القوة وبذلك يستبيحون حقوق الانسان واعراضهم ومنهم المسيحييون من باب ان الله قد امرهم بذلك وياتون ببعض الأيات لتعزيز مآربهم الاجرامية ومنها : ( وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا )(الأحزاب 26 و 27 ) و( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )(التوبة 29) , وبهذا تصل قناعاتهم الى يقين بالامر مما يعتبر الجهاد بالنفس سيجزيه الرب الجنة , (يا أيها الذين آمنواهل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم . وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين). الصف آية 10-13, وآيات واحاديث كثيرة أخرى .
وطالما لايمكن انهاء او تغيير العقائد الدينية للمجتمعات المليونية المؤمنة رغم وجود قول لله تعالى (ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وطالما لا يتكيفون مع الإختلاف الموجود بين المذاهب علما انها رحمة وجمال , فيجب العمل بما هو ممكن ومعقول على ان لا يسبب الفعل العكسي المضاد غير المحمود وذلك لتحجيم الفكر الارهابي والسلوك الداعشي والذين يصطادون بالماء العكر , وذلك من خلال بعض الإجراءات قد تبدو صعبة جدا ولكن مسافة الأف ميل تبدأ بخطوة :- 1- عمل تجديد للفكر الديني 2- قيام المؤسسات المسؤولة بالعمل من اجل ايجاد حلول ومسندة بقوانين واجب تنفيذه لمنع التطرف والغلو في الدين واستغلاله سياسياً واقتصادياً واجتماعياً 3- البدأ بوضع اسس لتنشئة جديدة للمجتمع 4- قيام علماء الدين المصلحين في الجمع بين كل المذاهب واخراج فكر اسلامي جامع يكون رحمة ومنهجا للجميع 5- منع العمل بالدين في كل المؤسسات المدنية العامة 6- منع استهلاك الوقت والجهد والاموال وذلك الاقتداء بتجربة الغرب "إذ يكتفون بساعات من يوم الاحد فقط " . إن هذا العمل يتطلب جرأة وجهد وتعاون بين كل المذاهب .