الحرکة النسوية الاهوازية



دلال الاهوازي
2005 / 10 / 24

ان وضع المرأة في اي مجتمع يرتبط كثيرا بالوضع السياسي و الثقافي العام لذلك المجتمع . ففي البلدان المتقدمة و المتطورة وضع المرأة افضل بكثير من وضع مثيلاتها في البلدان النامية، لا سيما من حيث الحقوق و نظرة الدستور و المجتمع عنها. لان المرأة في الغرب، تتمتع بحريةتامه لبناء شخصيتها و السير نحو ما تريد و ما تطمح اليه.

لکن ماذا نعرف عن الحركة النسوية؟هل ترتبط هذه الحركة و مدي تحركها و نشاطها بالوضع السياسي او الثقافي لاي البلد؟ هل تحرك و تخطط الحركات النسوية حسب ما تملي عليها الانظمة الحاكمة ام لا؟

قبل الاجابة عن هذه الاسئلة نسئل اسئلة اخری و هی :ماذا تعني و ما المقصود من الحركة النسوية؟هل الحركة النسوية تعني حزب نسائي للدفاع عن حقوق المرأة؟ هل هو تنظيم نسائي او ماذا؟

كثير من الافراد يرون ، معني الحزب او التنظيم النسائي فحسب في عبارة الحركة النسوية ، و حسب هذه المعرفة و الاساس، يتحدثون عن النساء و نشاطاتهن. و احيانا ينتقدون النساء بسبب عدم وجود شي باسم الحزب النسائي او التنظيم النسائي علي ارض الواقع.لکن برايي، هذا التعريف ليس صحيحا،بل الحرکة النسوية و اهداف و طموحات هذه الحرکة فی ای مجتمع، اوسع و اعمق من هذه المعانی,انها حركة ثورية تهدف الي تحطيم كل القوانين الظالمة بحق المرأة.و فی الواقع الحركة النسوية قبل ان تكون حزب او منظمة،و قبل ان يكون لها وجود مادي، و تعمل و تحرك تحت اسم محدد، قد تكون فكرة و عقيدة يسعون دعاتها لتحقيقها علي ارض الواقع بسبل عدة. و شي باسم الحزب مجرد آلة لتحقيق هذه النظرات و البرامج النابعة من تلك العقيدة،الالة التي نستطيع ان نستبدلها مع اي شي آخر حسب الظروف الموجودة.لان السبل و الوسائل التي تختارها اي حركة للتعبير عنها ترتبط كثيرا بالظروف و الجو التي تعيشها هذه الحركة و المجتمع باجمعه . وطبعا کلما کان النظام، نظام ديمقراطي و حر تكون دائرة العمل و النشاط، اوسع و انزه، لكن اذ كان هناك نظام الذي يبحث عن السلطة و التحكم بالناس فبالتاكيد هذا النطام يسعي الي استغلال هذه الحركات و الاحزاب و التحكم بها. وهنا يمكن الانسان ان يعرف و يميز بين الحركات النزيهة و الحقيقية و الحركات السياسية التابعة.

اذن فالمقصود من الحركة النسوية هو الفكر و الخطاب المسلح، ام الغير مسلح بادوات التعبير كالاحزاب و الموسسات، يبحث عن تحقيق المساواة و العدالة بين المرأة و الرجل فی المجتمع حسب نوع معاييره.

بعد هذا التعريف حول الحركة النسوية ندخل صلب الموضوع و نبدأ بهذا السؤال, فما هو موقف الحركة النسوية من وضع المرأة الاهوازية في الماضي و الحاضر و الي اين تسير هذه الحركة؟

وضع هذه الحركة و نظرة هذه الحركة علي وضع المراة و اسباب هذا الوضع يرتبط كثيرا بالاوضاع الثقافية و السياسية العامة في المجتمع الاهوازي.ففي امس القريب كثير من النساء اللواتي كن واعيات باضطهادن و تضييع حقوقهن الانسانية، كن يعتقدن ان سبب هذا الوضع يكمن في هويتنا القومية و لاننا عرب نفكر هكذا و نتعامل هكذا مع المراة و حقوقها.و لهذه الروية الغير صحيحة نساء عدة و لاسيما الدارسات منهن لجأن الي الزواج مع غير العربي لتخلص من هذه النظرة الدونية عن المراة و حتي الان ايضا مازالت هناك فئة غير قليلة من الفتيات الاهوازيات يفكرن هكذا، في حين ان المشكلة ليست في عروبتنا او قبليتنا بل المشكلة في عقليتنا. المشكلة هي ان مجتمع باجمعه نساءه و رجاله كان غارق في التخلف و الجمود و هذا التخلف كان مفروض علينا و نحن مع الاسف لم نتمتع بالوعي و الامكانات اللازمة لمحاربة هذا الفرض.

اما الان و بعد ما حصل مجتمعنا علي ثمة وعي و روية عن الاوضاع و الامور، و ادركنا ان المشكلة ما كانت فينا او في هويتنا، الحركة النسوية ايضا غيرت موقفها السابق و نري ان نساء الاهواز بسبل عدة يدافعن عن حقوق المرأة و مكانتها في المجتمع. و هناك اليوم نشاط و دور حقيقي للمرأة الاهوازية علي الساحة .لانها حصلت علي روية علمية و واقعية عن المجتمع و سبب ظلمه و تهميشه للمرأة. فالمرأة الاهوازية ادركت بان ليس للرجل الاهوازي وحده ذنب في اضطهاد المراة. بل هذا الرجل نفسه ضحية العوامل الاخري و عندما يتحكم بالمراة، ليس هذا التحكم نابع من قوته او تسلطه علي الوضع،و لم يتم هذا التحكم بارادته و وعي منه. بل تحكمه لكونه رجل نابع من ثقافة الجمود التي مسيطرة في المجتمع منذ عقود و افسدت انسانية الرجل و عواطفه و عقله اكثر من اي شي اخر. لذا قبلت ان الرجل الاهوازي ايضا ضحية ولا اكثر و يحتاج الي الاصلاح والتنوير

.لكن كيف يتم هذا الاصلاح؟ طبعا من اجل اصلاح الرجل الاهوازی و توعية المره الاهوازية بمکانتها و حقوقها الانسانية، لا طريق امامنا سوی اصلاح المجتمع من خلال اصلاح قيم و تقاليد هذا المجتمع.وهنا يجب القول ان الاصلاح و التقدم الحقيقي, لم يتم الا اذا المرأة شاركت و اسهمت فيه .

لذا اذ کنا نبحث عن اصلاح وضع المراة و توعيتها، فعلينا بالمساهمة الفعالة في عملية اصلاح المجتمع و عقلنته كي من خلال هذه المشاركة ، يسمع المجتمع الاهوازي كلامنا و طموحاتنا بصورة مباشرة و تتسني له فرصة التفكير و التامل في مطالباتنا الانسانية و طموحاتنا.فبالتاكيد كلما ارتفع صوت المراة و كلما ازدادت الخطوات و المساهمات نحو تحقيق العدالة الانسانية,سيكون الطريق نحو صباح التحرير و العدالة اقرب و اقرب.

وهنا يجب القول ان رغم كل العراقيل الموجودة امام نشاط المراة الاهوازية، لكنها حققت انجازات قيمة حتي الان.و خاصة انها بصفة المرأة العربية الايرانية كانت و ما تزال تواجه الضغوط و الخطوط الحمراء من نواحي عدة لان المرأة الاهوازية،اولا كامرأة تتجاهل من قبل المجتمع الرجولي الاهوازي،بنحو الذي هذه المرأة، من لحظة الميلاد و نوعية الاستقبال بولادتها و حتي لحظة الموت و اسلوب وداعها تدفع ثمن انوثتها. و ثانيا لانها عربية و تنتمي لقومية غير الفارسية، تواجه مشكلات عديدة في حركتها نحو المستقبل و العمل من اجل الوصول الي غاياتها و اهدافها.

و لهذا السبب المرأة الاهوازية تري ان لا يمكن لها ان تفصل بين هذين العاملين بل لان الهدف من وراء الدفاع عن حقوقها كامراة, كان تكريم لانسانيتها وقيمها الانسانية فمن واجبها الانساني ان تستمر بالدفاع عن كل مكونات هويتها الانسانية بما فيها هويتها القومية. و في الواقع هذا الشعور و التحليل هو الذي يحدد مصير هذه الحركة و نشاطاتها في هذه الفترة بالذات.

في الختام يجب الاشارة الي هذه النقطة الهامة باننا كنساء اهوازيات يجب ان ندخل الساحة بوعي و حذر اكثرمن غيرنا من النساء، كي اولا لا نخضع لهذا الواقع الغير انساني بحجة قضية شعب مظلوم و مقهور و نسمح باهانة انسانيتنا و كرامتنا بهذه الحجج, بل في اصعب الظروف و الحالات يجب ان تحترم انسانيتنا و حريتنا.و ثانيا لا نتنازل عن عروبتنا بحثا عن تكريم انسانيتنا في الثقافات الاخري, لان نفس التنازل عن الهوية القومية هو اهانة لانسانيتنا.بل بكلمة واحدة نقول اننا اهوازيات و ندافع عن كرامة هذه الكلمة.وطبعا استعادة هذه المكانة و الكرامة لا تحصل بسهولة و بسرعة,بل مازال الطريق طويل جدا لتحقيق العدالة الحقيقية.و طبعا هناك توجد صعوبات عدة و ظروف قاسية تنتظرنا في المستقبل. لكن حينما نكون مومنات بهذه العدالة و ندرك قيمتها الحقيقية سنتجاوز كل الصعوبات و العراقيل و نقف امام كل من يتحدي كرامتنا و انسانيتنا ومهما كان الثمن نسلك هذا الطريق الطويل حتي تحقيق العدالة و النصر للمرأة الاهوازية.