مأساة الأزيديات هل تشعل ثورة المرأة الشرقية؟!!



رحاب العربي
2015 / 10 / 6


مقابلة مع ناشطة أزيدية حقوقية تدعى "نارين شمو" أذاعتها إحدى القنوات الفضائية العربية قبل أيام تناولت بتفاصيل دقيقة ومؤلمة جانب من مأساة الأزيديات العراقيات اللاتي تعرضن لها على يد ما يعرف بدولة الإسلام في العراق والشام "داعش"، هذه المقابلة بقدر ما أثارت في نفسي عواصف غضب وكراهية لكل متاجر بالدين، أي دين كان، لسلب إرادة الإنسان وامتهان كرامته، أشعلت في قلبي ثورة يجب أن يخوضها نساء الشرق ضد منظومة القيم الذكورية التي تسيطر على حياة المجتمعات الشرقية العربية وغير العربية.. تلك القيم البالية التي انبعث من تحتها رمادها النتن هذا المسخ الذي يدعى داعش ومن يحالفه من جماعات التطرف التي تتخذ من الأديان غطاء تمارس تحته ابشع الجرائم في حق الانسانية وخاصة ضد النساء..
روايات تلك الناشطة التي كانت تتحدث بنبرة من عايشت تلك الوقائع المؤلمة من خلال تواصلها مع الضحايا في الأيام الأولى لما يعرف بالسبي وسوق السبايا الذي شهدته بعض المدن العراقية التي سقطت تحت سيطرة الدواعش، هذه الروايات أثارت في عقلي عاصفة من الأسئلة عن أطراف مسؤولة او تتحمل جزء من المسؤولية عن هذه الجريمة، لكنها مغيبة او مهملة لم يتطرق لها تقريبا كل من تناولوا هذه المأساة بالتحليل وتقصي بواعثها واسباب وقوعها، هذه الأطراف هي ضحايا هذه المأساة أنفسهم، أي النساء والفتيات الأزيديات اللائي أعتبرهن مشاركات في صنع هذه المأساة وإن بجزء يسير..
قد يبعث فيكم هذا الاتهام بعض الشك في سلامة عقلي او تفكيري.. لكن مهلا القراء الأعزاء، فهؤلاء السيدات والفتيات وكل أنثى في شرقنا الموصوم بممارسة أبشع الجرائم التي تجاوزتها الإنسانية منذ قرون، جميعهن مسئولات الى حد ما عما لحق ويلحق بهن من قهر وامتهان لكرامتهن وإنسانيتهن.. وإليكم الأدلة على صحة أقوالي هذه..
رجال؛ عفوا بل ذكور لم يغادر تفكيرهم ثقافة القرون الوسطى بعد، يمارسون هذه الجرائم البشعة، لا تختلف تركيبتهم الجسدية عن أجساد ضحاياهم سوى في جزئية أجهزة التناسل.. ونساء وإناث يتقبلن بنفس مرعوبة هذه الجرائم خوفا وجزعا على نفس لم يعد لها وجود !! فبعد أن تتحول المرأة الى سلعة تباع في سوق النخاسة كبقرة او شاة، فماذا بقي لها لتخشى عليه ويضطرها للاستكانة والخضوع والوقوف كشاة في سوق رسمي يعقد لبيعها؟؟ أليس الأجدر بها أن تثور وتموت بكرامتها بدل حياة المهانة كحيوان يباع ويشترى في الأسواق؟!!
إن مأساة ألأزيديات التي شاهدنا تفاصيلها عبر وسائل الإعلام، وما روته هذه الناشطة عن صور مؤلمة لضحايا داعش، وكذلك مأساة كل الشرقيات المحكومات بثقافة ذكورية متسلطة تجاوزها التاريخ، يجب أن تكون الفتيل الذي يفجر ثورة نسائية في شرقنا، تصحح واقع الأنثى وتضعها في مرتبة الانسانية التي تنص عليها كل الشرائع والقوانين الدولية.. هذه الثورة يجب أن تتفجر أولا في عقل الأنثى ضحية الثقافة الذكورية المنفلتة في بلداننا العربية، وفي سائر بلدان الشرق، ثورة تعيد لها وعيها بإنسانيتها وكرامتها وثقتها في نفسها، وتزرع في قلبها الجرأة والجسارة لخوض معركة وجودها كإنسان كامل الأهلية والعمل على تصحيح صورتها في وعي الرجل الشرقي الذي لا يزال ينظر لها كجزء من المتاع التابع له يستعمله كيفما يشاء..
لقد حان الوقت، بل فات منه الكثير أيتها الشرقيات لخوض معركة إثبات وجودكن كجزء من المنظومة الانسانية التي ألغت مظاهر التمييز على خلفية الجنس، وأصبحت المساواة في ظل القوانين الدولية هي السائدة ..
حقيقة كنت وأنا استمع الى تلك السيدة العراقية التي تتحدث بمرارة عن هذه المأساة أسأل نفسي وبصوت مسموع أثار من كان قريبا مني :
- بعد أن أصبحن بضاعة تباع وتشترى لا كرامة لهن، ما الذي كان يمنع هؤلاء الأزيديات من الانتفاض والاشتباك مع نخاسيهم والموت بكرامة بدل حياة المهانة والذل؟
- أليس الموت بكرامة أهون عليهن من العيش في مهانة النخاسة !!
أعتقد أنه لو خاضت أول دفعة من الأزيديات معركة بما يمتلكنه من قوة سواعدهن وقدمن أرواحهن بإصرار على مذبح الكرامة، ما كان هؤلاء الجبناء المتوحشين ليوغلوا في ممارسة هذه الجرائم ويتمادوا في إقامة أسواق لاستعراض ممارساتهم الإجرامية.. إن وقوف عشرات النساء الأزيديات في سوق النخاسة البشع وكأنهن أنعاماً للبيع ، يعطي قرينة تدينهن بالمشاركة في هذه الجريمة بصمتهن وقبولهن للظهور بهذا المشهد المذل حد الموت، بل الموت بكرامة أهون وأشرف لهن من الوقوف بهذا المشهد المزري..
وعلى وقع هذه المأساة التي مرت بها أخواتنا الأزيديات وغيرهن من نساء البلدان الواقعة تحت سلطة أنظمة وجماعات ظلامية، أجدد دعوتي لكل نساء الشرق المنتهكة إنسانيتهن والمحكومات بتقاليد وأعراف تجاوزها الزمن، دعوتهن للثورة والخروج من اسر العبودية الذكورية والمشاركة في صنع مستقبل الأجيال القادمة، ولابد أن تبدأ هذه الثورة في العقول بدخولكن الى صروح العلم والمعرفة وتوعية الأجيال القادمة بضرورة هذه الثورة التي بدونها سنظل رجالا ونساء أسرى للتخلف والجهل والفقر والمرض..