أسئلة مشروعة عن الشرف



حياة بن نقرو
2015 / 10 / 20

أثناء استماعي لإحدى المحطات الإذاعية،استرعى سماعي صوت متصلة في صوتها بعض المرارة، تلك التي تغالب دمعا ..كان البرنامج يجيب عن أسئلة قانونية وكانت المتصلة تسأل عن مصير"القانوني " لأختها العروس بعد ان عنفت من طرف عريسها ليلة دخلتها بسبب "غشاء بكارة" أعلن تمرده على التقاليد البائسة ،وبصفة خاصة على رغبة العريس "الشرعية اجتماعيا وتاريخيا"في إثبات حق "السبق" في فضه..فلا يهم أن يكون أول من امتلك قلبها ومشاعرها بقدر ما سيرضيه جدا أن يكون أول من امتلك جسدها لإتباث رجولته "الضائعة"،رجولة تتذكر الشرف فقط عندما يتعلق الأمر بالمرأة وتنساه في كل ما عداه من قيم وأخلاق إنسانية ..المهم أكدت المتصلة في سؤالها على عفة أختها المشهود لها من طرف الجميع وأنها لسوء حظها منيت بغشاء لا يفي بالمطلوب "اجتماعيا" الشيءالذي ستتبثه الوزرة البيضاء لا حقا بعد نقلها للمستشفى ..حينها تذكرت المذيعة للتو مأساة العروس سارة ذات التاسع عشر ربيعا والتي توفيت في سطات لنفس الأسباب تقريبا ,,كوني إمرأة كان من الطبيعي أن يؤلمني ما حدث لبنات جنسي، وأن يحيى الموضوع استفزازي من جديد من قبل مجتمع محبط يعيش تغيرا يوميا على صعيد جميع الماديات ،ويعيش موتا سريريا على صعيد الذهنيات . قد يبدو الموضوع مستهلكا ولا يثير فينا أي رد فعل لأننا اكتسبنا مناعة ضد آلامنا ،تماما كتلك التي اكتسبناها ونحن نشاهد جتث شهدائنا الفلسينيين وغرقانا السوريين في قنواتنا، مستسلمين لحالة التطبيع المفروضة علينا مع الموت والقهر والإهانة بكل أشكالها المحلية والدولية.. المهم ما استفز فكري وقلمي هو تعليق المحلل القانوني "دون أن ألومه طبعا " الذي وإن كان قد أسهب في عزو مشاكلنا الجنسية في مجتمعنا لضعف تقافتنا الجنسية وغيابها أحيانا ،فإنه اكتفى بطرح بعض "الأفضليات":كان من الأفضل لو زارت العروس الطبيب قبل الدخلة",كان من الأقضل حصولها على شهادة "الشرف" قبل اللقاء وليس بعده.." لم أتمم ما تبقى من الافضليات والحلول لأنها ستبقى قاصرةعن إقناعي مهما كانت ..اجتاحتني خلالها أسئلة كثيرة من قبل :ترى هل من الممكن أن يخطر في بال هدا "القانوني " /الرجل ،الذي أقسم أمام الله وعباده أن يعامل الناس بالقسط والعدل ،أن يتساءل هل من العدل في شيء أن نطلب من أحد الشريكين فقط ضرورة إتباث العفة والشرف دون الآخر؟ أليس الزواج مؤسسة مشتركة تفترض أن يلتزم الشريكين ببنودها ؟ لمادا نطالب الشريك بواجب ونسقطه عنا ؟ لماذا لم يتساءل المجتمع عن شرف دلك الرجل ؟ تمنيت لو كان أكثر عمقا وجرأة في تحليله وطرح السؤال الذي تتحاشاه العقلية العربية :إدا كان معيار شرف المرأة هو بكارتها ،فماهو معيار شرفك عزيزي الرجل ؟ ما الذي يضمن حقي أنا كإمرأة في "السبق" كما تفرضه علي ؟ أليس من حقي ذلك شرعا وقانونا ؟؟؟؟
المنطق يقول أن من يطالب بالعفة والشرف ،عليه هو أيضا أن يكون كذلك .فلا يعقل أيها الرجل العاقل أن تستمتع بضعفك مع حبيباتك وتنكر عليهن ضعفهن واستسلامهن ؟ كأن الضعف البشري هو خصيصة ذكورية فقط …يحل للمجتمع أن يتقبلها
شخصيا،و في هدا السياق المستفز لي كإمرأة ،ألتمس العذر لمن تلجأن لبكارة مصطنعة يضحكن بها على مجتمع يقبل النفاق على الصدق ..أجده رد فعل طبيعي وتحصيل حاصل ,أو بلغة السوسيولوجيا :فعل استراتيجي يناور بذكاء داخل مناطق الإرتياب الموجودة في مجتمعنا وما أكثرها …فإدا كنت تختزلني أيها الرجل في بكارتي فلا تغضب إن اختزلت ذكاءك في غشاء من صنع صيني . فللعدالة وجوه كثيرة نختار منها ما يناسب عقليات المحيطين بنا ..
عزيزي الرجل ،حان الوقت كي تنضج أكثر وتختار بين حلين بما أننا في مجتمع مفتوح على كل الإختيارات ."وإن عارضني البعض في ذلك" لكن السوسيولوجيا علمتنى أن أنظر للمجتمع كما هو لا كما كان ينبغي أن يكون .لن أفتي ولن أعظك لسبب بسيط هو أني لست أهل لذلك .ولذلك ناسه .أنا فقط أحاول أن أخاطب حسك الفكري "المتوازن والمنسجم مع ذاته طبعا". الخياران واضحان جدا: إدا قررت أن تعيش ضعفك ونزواتك فليس لك الحق في نزع دلك عن المرأة ..ويكون عليك بذلك أن تعود نفسك أن تربط شرفها بأشياء أخرى بغيدا عن بكارتها ..حسب ثقافتك .الخيار التاني: هو ان تلتزم بالعفة والشرف حتى تكون منطقيا مع نفسك و منصفا في مطالبة شريكتك بها، إدا كنت ممن لا يستطيعون القبول بمعايير شرفية أخرى ..
فالمنطق واضح ..إن كنت من أصحاب المنطق ،والحلال بين.. إن كنت من أصحاب الحلال والحرام …فقط تحمل كل المسؤولية في اختيارك حتى نرقى يوما ما ونترفع عن مناقشة مثل هذه الامور التافهة مستقبلا ..لقد هرمنا