الشابات والنساء حاضرات في كل الجبهات



مها التميمي
2015 / 10 / 26

تستمر الهبة الشعبية الشبابية بزخم منذ ثلاثة اسابيع ، لتشمل كافة المدن والمخيمات الفلسطينية ومركزها مدينة القدس وبلداتها. لم تتوانى الشابات عن الالتحاق بالهبة وظهرن وهن يحملن الحجارة وزجاجات المولوتوف مع زملائهن الشبان على مواقع التماس مع قوات الاحتلال الاسرائيلية. وانعكس حضورهن في الميدان على محطات التلفزة والاذاعة والصحف وشبكات التواصل الاجتماعي. انهن الشابات الجميلات اللواتي كسرن المفاهيم النمطية حول دورهن ومساهمتهن فكرسن الشراكة في النضال بالافعال مرة أخرى وهزمن الثقافة المريضة التي ادعت انهن عورات ينبغي سترهن وابعادهن عن الانظار.
داليا نصار " شابة جامعية من رام الله " اصيبت برصاصة في صدرها " اثناء تصديها لقوات الاحتلال قالت وهي تعالج في المستشفى: استغرب الشبان مشاركة الشابات في الصفوف الامامية منذ اللحظة الاولى ، ودعونا الى التراجع ، لكننا ابدينا الاصرار على الاستمرار ، بدأ الشبان يعتادون على وجودنا وعلى مشاركة الشابات . وهذا أكد انه "في ساحة النضال تمحي كل الخلافات".
الشابة سحر من قطاع غزة لم تعد تفكر في القيود التي تفرض على حركتها، بل كان جل تفكيرها هو المشاركة الفاعلة في المواجهات جنبا الى جنب مع الشبان الذين استغربوا وجودها بينهم مرتدية الكوفية الفلسطينية ذات اللونين الابيض والاسود ، لكنهم سرعان ما تعاملوا مع وجودها كامر واقع طبيعي.
يقفز السؤال هنا هل تحمل هذه الهبة الشبابية الفلسطينية مفاهيم جديدة ؟ مفاهيم تعيد الاعتبار لقيم الثورة والانتفاضة الاولى التي كان حضور الشابات والنساء فيهما مميزا. ان الكتلة المبادرة لهذه الهبه هم شباب وشابات الجامعات والمدارس الذين خنقهم الاحتلال. جيل ما بعد أوسلو الذي تربى على اوهام الدولة الفلسطينية الموعودة، لكنه عاش شروط نظام فصل عنصري وإجراءاءات الضم والتهويد والتطهير العرقي في مدينة القدس التي ضيقت الخناق على مستقبله وضربت أمانه الحياتي وهددت وجوده. وضاق ذرعا بالحلول وبأساليب الحركة السياسية البيروقراطية والفئوية التي لم تكن بمستوى التحديات والتهديد الكبير. السياسة العنصرية الاقصائية الاسرائيلية وفشل الحركة السياسية دفع الشباب والشابات للتمرد على الوضع المرير عبر هذه الهبة الثورية التي تحاول حفر مجرى جديد للتحرر مستفيدة من المعارف والخبرات الناجمة من الانفتاح على العالم المتعدد. وتحضرني هنا وصية الشهيد الشاب بهاء عليان من مدينة القدس الذي قال فيها ان الوطن أكبر من الجميع ، وهو للتذكير صاحب مبادرة اطول سلسلة من القراء حول اسوار القدس. انها اسئلة كبيرة ستجيب عليها الايام القادمة وتطور الحركة نفسها التي تراكم تجربة نضالية مهمة لتخلق قيادات شبابية من قلب المواجهة.
كشف نادي الاسير الفلسطيني ان سلطات الاحتلال اعتقلت خمسة شابات وفتيات منهن جريحات يقبعن في المستشفيات الاسرائيلية جراء اصابتهن بالرصاص خلال ويلاحظ هنا ان سلطات الاحتلال اعتقلت الطفلة مرح البكري من مدينة القدس " 16 عاما" والطفلة استبرق نور من مدينة نابلس(14 عاما).
بلغ عدد الشهداء حتى اليوم 56 شهيدا وشهيدة ، منهم 13 طفلا أعدموا بدم بارد من قبل قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين الفاشية. كما استشهدت سيدتين ، نور رسمي حسان حامل مع طفلتها رهف التي تبلغ عامين في قطاع غزة على اثر قصف قوات الاحتلال لمنزلها . والسيدة هدى محمد درويش التي استشهدت على مدخل منطقة العيسوية اثر اسنشاقها الغاز السام الذي تقذفه سلطات الاحتلال على المتظاهرين ومنازلهم. وأصيبت عشرات الشابات الفلسطينيات بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز في مواقع الصدامات ومواقع التماس مع جيش الاحتلال في كافة المناطق المشتغلة.
وكان للشابات والنساء دورا مميزا في الدفاع عن المسجد الاقصى أمام المساعي الاسرائيلية المحمومة لتقسيمه والمس بحرية العبادة. وقد خاضت النساء المرابطات معركة بطولية ولم تثنهن كل اشكال القمع والاعتقال والحجز والترهيب والحرب النفسية عن الاستمرار، فأضفن للمشاركة النسائية على الجبهات الاخرى زخما ملموسا.
وعلى الجبهة الاعلامية كان للشابات دورا اعلاميا مميزا وشجاعا وهاما، فالتقارير الاتية من مدينة القدس وبلداتها واحيائها ومن كافة المناطق الساخنة تغطيها إعلاميات فلسطينيات بشجاعة منقطعة النظير وبكفاءة مهنية ، يدخلن الى قلب المواجهات وبيوت الشهداء والاسرى والجرحى لنقل الصورة الحقيقية في مواجهة الترويج الاسرائيلي الكاذب. كما حدث في قضية الطفل محمد مناصرة التي ادعت ابواق الاعلام الاسرائيلي انه يتلقى الرعاية الطبية والانسانية في المستشفيات الاسرائيلية بينما هو في الحقيقة معتقل في مستشفى ومقيد اليدين ويتعرض لكافة انواع الاهانات والشتائم كما قال محاميه. ان الدور الاعلامي للصحفيات جنبا الى جنب مع زملائهن لا يقل أهمية عن النضال في الساحات ومواقع الاحتكاك سيما وأن الاعلام الاسرائيلي يشوه النضال الفلسطيني ويقدمه كإرهاب

الهبة الشبابية تلقي بمسؤوليات كبيرة على عموم الحركة السياسية والنسائية الفلسطينية من حيث المشاركة الواسعة بها واعطاء ادوار اكبر لقطاعات اخرى من النساء والرجال في طرح مهمات كالمقاطعة الاكاديمية والاقتصادية والثقافية لدولة الاحتلال الاسرائيلي التي تمارس إرهابا منظما وتستبيح الحقوق الفلسطينية وتمارس ابشع اشكال العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، وتنتهك القانون الدولي والشرعية الدولية وحقوق الانسان الفلسطيني .ان مشاركة قطاعات شعبية واسعة ووضع اهداف وبرنامج للنضال الوطني، مهمات تقع على عاتق القوى السياسية التي ما تزال متأخرة عن مبادرة الشباب والشابات واندفاعتهم الثورية الرائعة.