إباحة الإجهاض وتسوية حضوض الميرات..



محمد البورقادي
2015 / 11 / 12

بالأمس طلع علينا من يريد تقنين الإجهاض ليس بهدف منعه وحضره بل لغاية توجبه في بعض الحالات وتمنعه في أخرى وقد نسلم لذلك جزئيا خصوصا في ما يتعلق بحالات زنا المحارم والإغتصاب والتشوه الخلقي ..فقد يجوز فيها الإجهاض ولكنه ليس بمبرر لأن يتم ..فالجواز به لا يقتضي شرعنته وإنما إباحته لدرء بلاء أعضم منه ..لكن لا يمكن أن يجوز شرعا ولا قانونا في حكم من سولت له نفسه بطيب خاطره الأخذ بمسبباته والسعي وراءه ..كما يحدث في العلاقات الغير الشرعية بين شبابنا اليوم ..فمن أدخل يده في جحر الثعبان لا يلومن نفسه بعدا إن تعرض لأذاه ..والملام هنا ليس عدم التعقل من الشباب لذلك الفعل فقط ..ولكن الوزر كذلك على من مهد للتخلص من ما اقترفت يد الجاني ..وعلى من أيسر له الولوج وأفرش له الطريق ورودا ..فذلك مدعاة للتمادي في الفعل والإتيان به بعدا ..كيف لا وباب الرجاء مفتوح وموطن نزع العلة في متناول من يدفع من جيبه ..أولا يعلم هؤلاء أنهم يؤدون من وجبت له الحياة ..ويقتلون نفسا بدم بارد ليس لها من ذنب إلا أنها أتت ضحية نزوة طائشة من أشباه أناس لا ينكرون منكرا ولا يعرفون معروفا..فكيف تزر وازرة وزر أخرى، وكيف يعاقب الولد البريء على ذنب اقترفه أبواه ..وماذنبها وهي لم تجنِ على نفسها ولم تكسب بعد شيئا..
..فوالله إنكم مسؤولون عما تفعلون يوم تسأل الموؤودة بأي ذنب قتلت وحينئذ سيبلس المجرمون ويهلك الضالمون إلا من تاب من بعد ذلك وأصلح فعسى أن تبدل سيئاتهم حسنات . ..وكم من سوء حساب استعجله قصر الأمل وقلة الصبر فكانت عاقبته غبنا في ما يَقْدُم ..وكم من منقلب في الأهل والولد يورث حسرة وكئابة وحزنا أضعاف ما ارتكب في أيام الغفلة .وكم من قوة انقلبت ضعفا وذلا حين الكبر..فمهما عملت تجز به ولو طال بك الأمد.. ولا تقولن إن تأخر العقاب قد مر واندثر فأنت لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا وقد يأتيك الرَّد على فراش موتك ويأتيك معه مذَكِّرك ...فنسألك ربي اليقضة قبل الفعل وحسن النظر في العواقب قبل الإقدام ونعوذ بك من غفلة تورث قسوة تورث هما وحزنا ..فمن تأمل في العاقبة تردد في الإقدام ..فكم من رذيلة اقترفت أوجبت حسرة وهما أضعاف أضعاف ما حصلت من لذة ..فالحذر الحذر من التهاون في الأخذ بحسن القول ...والبدار البدار في التوبة والعودة إلى الجادّة ..فبها الصلاح كله وبدونها الخسران كله ..
وبعد ذلك أتانا من يوصي بتسوية حض الأنثى في الإرث مع الذكر بدعوى انقلاب الحال وتغير الأحوال ..وما كان سائدا في عصور ولّت حيث تكلف الذكر بكسب العيش والإنفاق والإعالة لم يعد صالحا في هذا الزمان حيث الإنعثاق والتحرر ومشاركة السوق والضرب في الأرض لكلا الجنسين .. فغالب ظن المتشدقين بأن تقاسم المهام يجَوِّزُ مشاطرة الإرث فأغاضو بذلك الطرف عن قول الوحي في للذكر مثل حظ الأنتثيين ولا عجب في ذلك ..فمن تجرأ على وأد النفس لم يتهاون على الطعن في قول السماء فالكل متجاوز في عصر التكالب ..من وقف في طريق الهوى مصيره البتر ولو بعد حين ..لا اعتبار لما يفسد ميولنا ومصالحنا ..فقد بلغنا الرشد بعلمنا وعقلنا واهتدينا بما تمليه دوافعنا وغرائزنا ..فلا نحتاج لقول آخر مهما ارتفع ..لا حول ولا قوة إلا بالله ..