الى الحرية يا نساء بلادي



زكي لطيف
2005 / 10 / 31

خبر رائع ورد في صحيفة سعودية وقد تصدرت قائمة المذيعات (السعوديات) فتيات شيعيات، في عدد من المواقع الالكترونية ساد الهرج والمرج يتقدمه الطعن فيهن، والسبب بضع شعرات!
ياللكارثة المدوية والتخلف الحضاري المريع الذي يستحكم في كافة تفاصيل حياتنا، عوضا من أن يتبارى المتحاورون في الثناء عليهن والتعليق على صلب الموضوع انحدر الحوار إلى مستوى عجيب، فقد جردت الفتيات العاملات الطموحات من إنسانيتهن أولا وحصرت في انوثتهن، ثم جردن من مستواهن المهني وما وصلن أليه من تقدم في مجال عملهن فإحداهن وهي المذيعة بثينة النصر عينت كمستشارة في التلفزيون والأخرى مياس ابوالسعود أصبحت عضو في إحدى اللجان التلفزيونية، وأصبح النقاش فقط وفقط لماذا كشفن جزء من شعرهن، ياللعقول المريضة والقلوب السوداء، ياللذكورية المستبدة التي تحكم هذا المجتمع البائس، ماذا تريد والى ماذا تريد أن تصل؟ المجتمع الشيعي سلفي حتى النخاع، يكره طالبان والوهابيين ولكن كلاهما وجهان لعملة واحدة، مجتمع يدار مركزيا، نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني مفروض عليه وليس هناك أي متنفس للتغيير.
المجتمعات الغربية هي التي تنتخب رؤسائها، وهي التي تشرع لحياتها في كافة المجالات، إنها شعوبا حرة بكل ما تحمله هذه الكلمة العظيمة من معنى، بينما نحن شعوبا يفرض علينا كل شي، وننقاد كعبيد حقيقيين للآلهة البشرية التي من الممكن أن تكون رجل سياسة أو رجل دين، سيان لا فرق بينهما، ننتظر المصلح الغائب ليقضي على الكفار في أوربا وأمريكا وليجعلنا نحن الحكام والمسيطرين على الأرض! ليملا الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا! عجبي، ملايين المسلمين من الشيعة والسنة يعيشون في الغرب ويتنعمون بالكرامة والحرية والعدل والمساواة ، بينما نفتقد نحن لأدنى مستويات الكرامة والحرية، لو مكن لنا لأعدنا العالم للوراء ألف سنة، لغزونا شعوب الأرض بعنوان الجهاد وهداية الناس إلى الإسلام دين الله الخالص والذي يجب أن يسود أنحاء الأرض، ولسبينا نسائهم وأسرنا رجالهم وقتلنا جنودهم ولانتشرت أسواق النخاسة وراجت تجارة العبيد من جديد،، أليس كل ذلك جائز ومباح في ديننا، أليس هذه فتاوى مراجع الدين وعلماء المسلمين من الشيعة والسنة؟ أليس كذلك؟ أليس يجوز للأب أن يزوج ابنته وهي طفلة رضيعة لأي رجل يشاء؟ أليس للزوج أن يسجن زوجته مؤبدا؟
أتعجب إذا كان هذا الرجل الذكوري لا يتصور أبدا كيف انه هذه المرأة التي تعيش تحت سيطرته ووفقا لإراداته، كيف لها أن تقود السيارة وتخرج بها إلى حيث يشاء؟ كيف لها أن تصبح موظفة وترأس قسم في وزارة أو شركة؟ انه لا يتصور ذلك فلقد اعتاد على المرأة أن تكون ذليلة خاضعة لا تملك من أمرها شيئا، بالله عليك أيه القارئ، يا من تعيش في مجتمع شمولي قاس بطبعه وكيفيته، هل لك أن تتصور أن تربح زوجتك مليون دولار، اجزم بان مجرد التفكير في ذلك يرعشك، فما بالك لو أصبح هذا الحلم حقيقة! وتحولت هذه المرأة إلى كيان أقوى منك ومن راتبك الضئيل الذي تمن عليها بالقليل منه كل شهر!
من ناحية أخرى إذا كان الرجل المتدين في مجتمع مغلوب على أمره كالمجتمع الشيعي في معظم الدول ذات الأغلبية السنية يطالب بحريته الدينية وحقوق المسلوبة من قبل السلطة فلا بد له أن يضع نفسه مكان أهلها، فهم أيضا لا يتصورون أن هذا الشعب سوف يفلت من حبالهن ويصبح حرا، لا يتحملون أن يرون شخصيات اجتماعية أو دينية تبرز ويكون لها شان يذكر، لا يمكن لهم أبدا أن يتصوروا أنفسهم خارج السلطة بعد انقضاء سنوات معدودة كرؤساء أمريكا وبريطانيا والدول الحرة الأخرى، أن ذلك تراكم طبيعي لنظام مركزي نعيشه، انه بلا شك نظام الاستبداد والقهر من أعلى الهرم السياسي والديني إلى نواة المجتمع، واعني بذلك الأسرة بأفرادها ومكوناتها الإنسانية.
ياللعجب! بضع شعرات من هاتين الفتاتين الرائعتين حولتهما إلى متهمات بالتبرج وخلع الحجاب، وحتى إذا ما سترن شعرهن بالكامل، لن يصدروا بحقيهما صك البراءة والمباركة، سيتهمونهن بالاختلاط بالرجال فلاختلاط حرام! وسيتهمون أزواجهن بالتفاهة وعدم الرجولة، وهكذا دواليك في دائرة سوداء من الحقد الأعمى والتدين الزائف الذي ياسر هذه الذوات المريضة.
قبل أشهر ورد في موقع اخباري لمحطة عربية كبرى خبر مفاده تميز نساء إيرانيات في المجال الثقافي وأنهن برزن ككاتبات محترفات وتخطين الخطوط الحمراء في مؤلفاتهن، تصوروا ماذا كان تعليق الزوار، تركز الحوار بما يحويه من ردود وتعليقات على كونهن شيعيات وان المذهب الشيعي يجوز زواج المتعة. ابتعدوا تماما عن لب الموضوع وتوجهوا مجددا إلى نزاعاتهم المذهبية الحمقاء، هكذا هي شعوبنا العربية والإسلامية للأسف الشديد، تدينها تدين أحمق، تتنازعها الطائفية بخلافاتها التي ليس لها حل سوى سيادة الديمقراطية وحكم القانون وتحول الدين إلى مصدر من مصادر التشريع في نظام الدولة والمجتمع. "
الحرية" أيقنت الآن أن المجتمع الإسلامي الشيعي لا يقبلها بمعناها الحقيقي والواقعي، انه فقط يريد حقوقه الدينية والمدنية في ظل النظام الشمولي المركزي السائد، فإتاحة الفرصة للنشاط الديني سيؤدي إلى توجه الأفراد نحو الدين وستكون نتيجته زيادة نفوذ رجال الدين والجماعات الدينية، سيرتفع دخل المشايخ من أموال الخمس نظرا لزيادة عدد المخمسين، الرفاه الاقتصادي سيؤدي إلى نفس النتيجة، رب الأسرة إذا ما كانت الأوضاع الاقتصادية جيدة سوف يزوج بناته بسرعة وبنفس نظام الزواج الحالي المرتفع التكاليف والذي يتعامل مع المرأة كسلعة ، السماح ببناء المراكز الدينية من مساجد وحسينيات ومدارس جميعها تصب في ذات الهدف، الحكم والسيطرة ليس إلا، أما الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والتعدد فليس لها محل من الإعراب في تنظير التيارات المتدينة الحاكمة في مجتمعاتها، من البديهي أن حقوق المرأة يعتبر مصطلح غربي تحتقره التيارات الدينية ، فأي حق للمرأة وقد أوضح الإسلام (من وجهة نظرها بالطبع) حقوقها كاملة منذ 1400 عاما مضت، إن المجتمع الشيعي لا يفترق عن المجتمع السلفي الطالباني، إنما مجرد صورة أخرى ليس إلا.
مصيبة نحن نعيشها، فنحن ليس سوى عبيد، والمصيبة الأعظم هي أن نرفض الحرية، نساء بلادي، اتخذن من هاتين الأختين منارا وقدوة وانطلقن في الأفاق الواسعة والحياة الرحبة، لا تركن إلى الخضوع والخشوع، انتن تستحقن الأفضل، تمردن على حياة العبودية والقهر، استغللن كل فرصة سانحة من اجل التحرر من القيود، كأني بالحرية تبسط أجنحتها لتغمركن بالنور، هيا فالحياة ليست سوى موقف يعلن ويتخذ، أن الموت هو في حقيقته ما تعشنه ألان من قيود، والحياة في الحرية.