الموضوع ليس قضية اللاجئين بل هو قضية المراة و تمييزها



بيان صالح
2016 / 1 / 11

انتشر الأسبوع الماضي خبر الهجوم والتحرش الجنسي الذي بدا وكأنه منظم من قبل مجموعة من الشباب اللاجئين من خلفيات افريقية وعربية على ما يقارب 100 امرأة عشوائياً في ليلة رأس السنة في مدينة كولن الألمانية، والحادثة كانت بمثابة كنز نزل من السماء لكل من الجهات و الأحزاب اليمنية العنصرية في أنحاء أوربا بشكل عام و ألمانيا بشكل خاص، نقول كنز! لأنها حققت أكثر من هدف في ان واحد . حيث وجدت فيها هذه الأحزاب اليمينية فرصة كبيرة لشن الهجوم على سياسة حكومة ميركل والدفع بها لاتخاذ إجراءات مشددة جدا تجاه اللاجئين، وفي نفس الوقت ذريعة لإثبات أن النساء ضعيفات ويجب حمايتهن. لكن يبقى أن ما جرى كان أكثر من ذلك إذ وجدت غالبية القوى متنفس لبث آراء التطرف والعنصرية والتمييز ان كان على أساس الدين أو العرق أو الجنس ، بالطبع مع رفضنا القاطع والكبير لهذه الأحداث والتي برأينا هي جرائم إنسانية يجب معاقبة مرتكبيها وبشدة.

بدأت الصحف و مختلف الأقلام المأجورة من قبل اليمين المتطرف الأوربي بالهجوم علي الجاليات الأجنبية وخاصة الإسلامية وما تسسببه من - تهديم- الحضارة و الثقافة الغربية المتقدمة و ودق الأبواق لمنع و تحديد دخول اللاجئين إلي الدول الغربية و الأوربية.
نعم ما حدث في ليلة رأس السنة كان عملا إجراميا وحشيا ضد إنسانية المرأة والمجتمع عموما وسط أفراح الجماهير بأعياد رأس السنة ، وإذا أردنا تشخيص العلة يجب ان نعترف بوجود ظاهرة التمييز الواضح ضد المرأة كظاهرة عالمية موجودة في إنحاء العالم و في جميع الحضارات سواء الشرقية و الغربية و من المؤكد بإشكال مختلفة بين الحضارتين.
عند تحليل ما حصل ليلة رأس السنة في مدينة كولن الألمانية يدور الموضوع بشكل رئيسي حول العنف ضد المرأة و اعتبار جسد المرأة و الهجوم عليه والتحرش به من احد الطرق المتبعة من قبل بعض الرجال (سواء الشرقي أو الغربي) في النظام الذكوري السائد.

تتعرض المرأة يوميا في كل بقعة من العالم للهجوم و العنف , فمثلا في الدنمرك نتيجة تزايد حالات التحرش والاغتصاب طالبت الأحزاب السياسية في البرلمان الدانمركي قبل فترة قصيرة بضرورة تعين عدد اكبر من الشرطة و الحماية في شوارع المدن الكبيرة إثناء الليل لحماية النساء من التحرش و الملاحقة، وحسب الإحصائيات فان كل امرأة دانمركية من ثلاث يخشون الخروج لوحدهم في الليل وكل امرأة من ستة تعرضت للتحرش و الملاحقة من قبل الرجال.
وشاهدنا ما تعرضت لها المرأة المصرية إثناء الثورة وبفعل العمل السياسي المنظم والموجه من الانتهاك و التحرش و الاغتصاب في ساحة التحرير و محاولة منعها بكل الطرق المشاركة النضال السياسي في إسقاط النظام ، او ما تعرضت لها المرأة الهندية من الاغتصاب الجماعي .ولا ننسي ما تعرضت لها المرأة اليزيدية في كردستان العراق علي أيدي رجالات الظلام الداعشي التي ما زالت وعلى مرأى من أعين العالم المتحضر تمارس هذه العصابات المتعصبة دينيا اختطاف النساء من قوميات ومذهبيات متعددة علوية ومسيحية وإسماعيلية وغيرها واغتصابهن ومنحهن كهدايا وسبايا لعناصرهم الإجرامية .

و نستنتج ما حصل في ليلة رأس السنة في ألمانيا هو أن الموضوع أكبر من قضية تتعلق بسياسة الهجرة و اللاجئين ،بل هو الهجوم و العنف ضد المرأة وانه التمييز الجنسي اليومي ضدها الذي يتوجب على الحكومات في كل العالم أن تقف ضده ومحاربته وتجريم أعمال العنف ضد النساء بغض النظر عمن صدرت وعلى أية خلفية كانت.
و لمنع ما حصل في كولون و ربما حصوله في مدن أوربية أخري في ظل المد الواسع للهجرة من ويلات الحروب و الخراب التي تتعرض لها مناطق الشرق الأوسط يجب تقوية الحركة النسوية من قبل النساء و الرجال المدافعين عن إنسانية المرأة وتحررها و كرامتها.