ارفعي رأسك عالياً .. فأنتِ مجني عليها ولستِ جانية



فؤاده العراقيه
2016 / 1 / 21

نشرت صحيفة اليوم السابع موضوع جاء فيه ’’ إصابة سيدة بجروح عديدة وأنيميا حادة من جراء ما تعرضت له من نزيف حاد وسقوط أسنانها بسبب تعذيبها من قبل الزوج حيث ضربها لأنها غفلت عنه وأغمضت عينيها اثناء جلوسها معه ليلا وهو يشاهد الأفلام الإباحية حيث كان يطلب منها السهر معه طوال الليل وحتى الظهر ولا يحق لها النوم لتقاوم تعب النهار من متطلبات الأبناء , فعكرت عليه صفو ليلته فانهال عليها ضربا وهو فاقد القدرة على التحكم بأعصابه ’’.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيف وصل الرجل لحال من عدم القدرة على التفكير والتحكم في عقله ؟ وكيف يفكر الرجل عندما يكون منقاد لغرائزه وهل ينتهي العقل تماما لديه؟
وكيف سيكون شكله وشكل دماغه وهل يكون مغايرا لدماغ أي حيوان لا يفكر ؟
سيتصور البعض بأن الضحية ربما تبالغ في وصف الحالة كون الامر لا يستوجب كل هذه القسوة من قبل الزوج ولكن اقول وبلا غرابة من تصرف مثل هذا كوننا نسمع بالعديد من الحالات المماثلة بل والأفظع منها ,فحينما يتزوج الرجل بحكم الغريزة ولأجل النكاح فقط حينها سنتوقع منه افدح من هذه الأفعال كون الغريزة غالبة عليه وستتحكم بتصرفاته وسوف لن يبالي حتى بأولاده ؟
حين تفسد القوانين وحين يحكم الحياة حكم الغاب حيث تعطي الأفضلية في احكامها وشرائعها لجنس دون الآخر بالرغم من قصوره يبدأ حينها الطغيان واستخراج كل ما يكمن بداخله من الحيوان .
فهل سمعنا يوما عن ام غلبت شهوتها على امومتها , إلا ما ندر؟
نحن نسمع الكثير عن قدسية الأبوّة ومع هذه القدسية ظهرت طغيان وأنانية الأب بعد انتهاء عصر الأمومة ليصل الى امتلاكه لزوجته ولأطفاله ومن ثم تطور الحال إلى اعطائه الحق في الزواج من اربع وتطليق زوجته متى ما شاء ذلك ورمي ابنائه معها ,نعيش مع العديد من الحالات تتعلق بضرب الزوجة وإهانتها لفظياً دون ان تتمكن هي من الرد عليه خوفاَ من العواقب فتضطر للسكوت وبسكوتها هذا سيتفاقم الوضع وينتج منه عواقب افدح من ما لو ردّت عليه فالرضوخ ينتج عنه تعوّد ورضوخ اكثر والخوف يوّلد مخاوف اكبر من سابقتها والاعتماد يوّلد اعتماد اكبر وهكذا تتناسل افعالنا بنفس الأفعال وتكبر وتمتد جذورها في نفوسنا لتشكّل نهج حياتنا.
لا يوجد إنسان يولد عبداً ويتقبل الإهانة بطبيعته بل يتم تسويته عبداً منذ الطفولة والمرأة في الغالب تضطر لعبوديتها بأحكام تجعلها تتقبل الإهانة متصورة بأنها ستحافظ على بيتها من الخراب وتبعد عنها فكرة الانفصال كلما راودتها خوفا لا رغبة منها, لتفقد بفعلتها هذه كرامتها شيئا فشي وبمخاوفها تضطر لتحمل الإهانة علاوة على ان المحيط سيقابلها بالرفض تحت ذريعة الحفاظ على الأسرة من الضياع أما ضياعها هي فلا احد يبالي له ليصل الحال الى المرأة ذاتها لتكون غير مبالية بضياعها.
عن أي اسرة يتحدثون والمرأة فيها محاطة بأحجار تتهاوى كل يوم وترجع هي لتضع حجر على حجر ثم تتهاوى ثانية كون اساس البناء هش ولا سبيل إلى الخلاص سوى اساس قوي يحمي الأبناء ويحميها من السقوط في براثن هذه الأبوة المتغطرسة , لكنها تستمر في ارجاع الحجر كلما تهاوى إلى ان تجد قوتها وقد استنفذت بذلك التكرار العقيم , فماذا تعني حياتها وسط محيط فقد قيمة الحياة .وهل عليها ان تدفع حياتها ثمناً لغلطة واحدة ارتكبتها والحياة عبارة عن اخطاء نتعلم منها ,أو ترضخ لفكرة أن وضعها طبيعي وينبغي على جميع النساء ان يمررنّ به كون مسار الحياة الطبيعي هو ان تتحمل هي هذه الحياة وتتجرع المر بل وتكون مقتنعة بها وبقناعتها سيخمد تفكيرها لأجل ان لا تزيد آلامها وزواجها ربما يخطئ وربما يصيب وهو شر لابد منه !! فبدلا من الوقوف امام الشر نرضخ له ونقول لابد منه , فمن غير المعقول ان تبقى بدون رجل يعيلها ويحميها , المفارقة هنا هو حمايتها من الرجل نفسه .
بعض من المواقف المهينة لها يتم تجاوزها من قبل الزوجة بفعل الرضوخ والخوف التي تعودت عليه , وبعضها يتم التكتم عليها كونها ترّبت على الخجل الذي هو من سمات الأنوثة وأنوثتها تقودها للرجل والرجل يقودها لهذه الحياة البائسة وهكذا .. هي حلقة من حلقات كثيرة من حياتنا تفرغ الإنسان من محتواه , بعض من النساء يتذوقنّ المر بصبرهنّ هذا ولا اقول يتحلينّ بالصبر فصبر مثل هذا يكون مرار, فيتذوقنّ المر للحفاظ على ألأبناء وهكذا تستمر الدوّامة والخاسر الوحيد بها هي المرأة وهي مرغمة على هذا الخسران وضياع سنين عمرها بين متطلبات الزوج ومراعاة نفسية الأبناء ليقتصر عطائها بهم دون شعور بالحياة ولا شيء يعوّض حياة الإنسان عندما تضيع بدوامة الجهل القائلة بان الحياة الطبيعية تنحصر بالزواج والأبناء فقط .
بداية كيف يتم الزواج في مجتمعنا ؟
يتم اغلب الأحيان في عمر صغير يدفع الأهل بالفتاة للتخلص من مسؤوليتها ومن التفكير بها فيدفعون بها للزواج من اول شخص متقدم لها علاوة على كلام المحيط فيما لو تأخرت بالزواج وأحيانا هي نفسها تريد الخلاص من هذا الهم متصورة نفسها بان خلاصها سيكمن في هذا الزواج , فيرتدي المتقدم للخطبة وجهه المعسول وتدريجيا يأخذ وجهه الحقيقي بالظهور بحكم التعوّد عليها والملل الذي ينتابه منها كونه لا يعرف معنى الحب .
تقول الضحية :فى البداية كان زوجى عندما يتعصب يصفعنى على وجهى ويشد شعري ثم تطور الأمر إلى حد استخدامه للكرباج، فهو يعتقد أن من حقه الشرعى ضرب زوجته دون ان يتسبب لها بعاهة جسدية لكن في هذه الحالة اخذته الغيرة زيادة منه فقام بتكسيرحتى اسنانها , ومن حقه الشرعي إهانتها دون أن تعترض. وكيف لا يعتقد بحقه الشرعي وهو يردد كالببغاء منذ طفولته كلام قيل منذ قرون ’’ واضربوهنّ ............
فالسماء والقانون هنا يقفان بجانبه لتتقبل الزوجة صفعاته خوفا او انعدام للسند سواء من قبل الأهل او المجتمع والقانون

ثم تتابع : بعدما أنجبت ابنتى الأولى ضربنى زوجى وشكوت لوالدى فأعادانى إلى بيتى إعمالا للمثل "الست ملهاش غير بيت جوزها"،
فالزوجة هي ملك لزوجها قبل ان تكون ملكا لنفسها ويحق له التصرف بها كيفما يشاء بما في ذلك مشاعرها وتفكيرها وجسدها وشرفها ويحق له طلاقها وبقائها حسب ما يرتأى هو فتطور العنف من الصفع إلى الكرباج كون لديه سنداً وقوة تنبع من خارجه وليس من داخله .
هذه حالة من حالات كثيرات لا يتم الكشف عنها بسبب مخاوف النساء من المحيط ومخاوفهنّ تأتي من الشلل الذي لحق بهنّ ولكن اليوم لم تعد تخجل النساء كالسابق وبدأن في الكشف عن كل الأوضاع المهينة التي يتعرضنّ لها كونها هي المجني عليها وليست الجانية والضحية يجب ان ترفع رأسها عاليا دون خجل إلى ان تحصل على حقوقها الاجتماعية كاملة وإلى ان يُعتبر ضرب النساء جريمة يُحاسب عليها الرجل.

دمتم بوعيكم سالمين