المرأة في المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل



سمر يزبك
2005 / 11 / 12

عندما دعاني الصديق عبد النبي العكري لحضور المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل أكدّ لي، ورغم كل ما قيل قبلاً عن توجهات المؤتمر المقررة سلفاً، أنه سيكون اجتماع منظمات مدنية وهيئات أهلية مستقلة ستبحث ضمن حوار ديمقراطي، وورشات عمل في عدة محاور لتخرج بتوصيات تٌعرض على الحكومات العربية لإقرارها في سبيل مجتمع عربي أكثر تطورا،ً وهذه المحاور هي: الاصلاح والديمقراطية وحقوق الانسان، التنمية المٌستدامة، المرأة، تمكين الشباب، نحو منطقة آمنة، والعلاقات بين مجموعة الدول الثماني ودول المنطقة العربية.
ولن أدخل في تفصيلات المحاور الأخرى التي لم أشارك في ورش عملها والتي سيتحدث عنها الأصدقاء المشاركون من سوريا "حسين العودات، ميشيل كيلو، فايز سارة، نجاتي طيارة.. وأخرين" لكن أستطيع القول أني لم استغرب تصريحات سعد الدين ابراهيم، عندما أكد مساندته للضغوط التي تتعرض لها المنطقة من أجل اصلاح خارجي _ طبعا المقصود أمريكي_ فقد كانت الرؤيا واضحة منذ يوم الافتتاح عندما أكد منظمو المؤتمر على أولوية السلام في المنطقة قبل البدء بأي اصلاحات داخلية! وهذا ما حاول منظمو المؤتمر نفيه وأثبتته الوقائع من خلال ورشات عمل المحاور السابقة.
ارتكز محور المرأة على ورشتي عمل: عملية التمكين السياسي، ومناهضة التمييز ضد المرأة. وما حدث على أرض الواقع هو إعادة صياغة أفكار وتوصيات الاتحادات النسائية الحكومية من جديد والتي اعتدنا سماعها منذ أكثر من نصف قرن في مجتمعاتنا العربية، ولعل في تفنيد التوصيات التي انتهى إليها محور المرأة والذي ترأسته السيدة فريدة النقاش من مصر، ما يجلو بعض الحقائق خاصة بعد أن دعت بعض المشارِكات إلى وصف هذه التوصيات: بالنوعية المختلفة!
1- مناهضة التمييز ضد المرأة: لم يتم إحداث أي نقلة نوعية في طبيعة المقترحات التي كانت عمومية وضبابية وغير واضحة الملامح والاستراتيجية، وتم تكراراها في أغلب المؤتمرات النسائية و تحولت إلى حبر على ورق. وخاصة العمل على إحداث توصية متعلقة بتغيير قانون الأحوال الشخصية والذي يعد برأيي -على الأقل- المعوق الأساسي أمام تطور المرأة العربية، فالتوصية التي قالت : بتعديل جميع التشريعات بما يضمن المساواة التامة بين جميع المواطنين وخصوصاً المتعلقة منها بالأسرة ذٌكرت تقريباً في كل الدساتير العربية، ولم تخلو منظمة حكومية وعربية من الإقرار بهذه الصيغة ولو بطرح مختلف وكانت صيغة هذا التوصية مقترحة قبل إعلان التوصية النهائية على النحو التالي: تعديل وتغيير قانون الأحوال الشخصية، والعمل على وضع قانون أحوال مدني يضمن للمرأة حقها في مساواة تامة بما يتوافق ومبادئ حقوق الانسان ، وذلك قبل أن تعترض النساء المشاركات من قبل منظمات اسلامية مطالبات بتغييره على الشكل التالي: تغيير قانون الأحوال الشخصية بما يتوافق والشريعة الاسلامية، والحقيقة لم أكن أملك رداً أكثر بساطة وبداهة من القول: لكننا نعمل بموجب التشريع الاسلامي في قانون الأحوال الشخصية؟ بما يعني أن المرأة العربية " طبعا مع التذكير أن القانون نفسه يختلف من بلد إلى بلد" ما تزال تخضع لقانون شرع قبل أكثر من ألف سنة؟ هذا إذا لم نٌخضع بعين الاعتبار الأن التشدد الديني الآخذ بالاتساع في المنطقة العربية، والذي سيزيد الأمور سوءاً، والمفاجأة كانت في تحويل هذا الاقتراح بعد ذلك الى توصية من النوع المذكور سابقاً.
ضمان مشاركة النساء في إعداد مشروعات التنمية وصوغها خصوصاً مشروعات التمنية الريفية؛ هذه التوصية أيضاً كانت من ضمن التوصيات المطروحة منذ منتصف الستينات ومّشرعة ضمن خطة عمل تعمل عليها الحكومات العربية "أغلبها"
أما التوصية التي تطلب من القاضي عدم إعمال ثقافته الخاصة في الحكم، فلا أعرف أي قانون في العالم قادر على ترجمة هذه الجملة على أرض الواقع، عندما تكون التشريعات قائمة بوضوح على أساس التشريع الاسلامي؟
2- التمكين السياسي للمرأة: كانت المطالبة الوحيدة شبه الجديدة هي ما تتعلق بنظام الكوتا، الذي أقرته الأمم المتحدة ووافقت عليه الحكومات العرببة، وذلك بتخصيص نسبة 30 بالمئة للنساء في مواقع اتخاذ القرار، وكان العقد الدولي قد انقضى بحلول 2005 فقد طالبت التوصية الحكومات العربية بتنفيذ التزاماتها بحلول العام 2010 أما التوصية الوحيدة الناتجة عن إقتراح محاربة التشدد الديني الأصولي الذي يهدد المرأة، هي توصية بتبني خطاب ديني مستنير في وسائل الاعلام، ورفض اقتراحات تقدمنا بها لإنشاء هيئات مدنية وأهلية تعنى بمحاربة التشدد والتعصب الديني وتعمل على نشر الوعي الاجتماعي عند المرأة حول حقوقها وحريتها.
فإذا كانت هذه التوصيات لم تخرج عن مستوى الخطاب السائد المكرر للحكومات العربية، رغم أن أغلب المشاركات قادمات من منظمات المجتمع المدني والهيئات المستقلة، ولم تقدم أي نقلة نوعية حتى ولو كانت بسيطة، فلن يكون هناك من حاجة لحوار مع الحكومات لمطالبتها بما هو فيها
ربما كان هذا هو السبب الذي دفعني وأنا أغادر أرض القرامطة، القول للصديق البحريني وهو يشيد بتوصيات محور المرأة:
عٌدّنا بخفّي حٌنين، وحكوماتنا ستضحك قائلة: هذه بضاعتنا رٌدّت إلينا!