لا تلقي قذارتك الأقذر على الطاهرات



سندس القيسي
2016 / 2 / 6

لا تلقي قذارتك الأقذر على الطاهرات

هناك ثلاثة مفاهيم علينا أن نميز بينها عندما نتحدث عن المرأة العربية أو المسلمة، وأرجو أن نتحاور لا أن نتجادل ولا أن نتعارك!

فهناك المرأة العربية الملتزمة التي تتبع الفضيلة منهجًا مستنيرًا في حياتها وهذا حقها الشامل والكامل ولا تقبل بغير مؤسسة الزواج عنوانًا لطهارتها. وأنا أعتقد أن هذا النموذج يشكل النصيب الأكبر في المجتمع العربي ويطلق عليها إسم المرأة العربية التقليدية.

وهناك النوع الذي يعتبر رذيلاً كبنات الهوى والراقصات والمومسات اللواتي يرتزقن من بيع أجسادهن بثمنٍ بخس أو يعشن مع رجلٍ متزوجٍ في الخفاء وهؤلاء يطلق عليهم إسم بنات حرام ولعل غالبيتهن ضحايا الفقر والحاجة والظروف والشهوات التي أوقعتهن في براثن الخطيئة. وفي الغالب، لا توجد إمرأة سوية تختار هذه الحياة بكامل إرادتها.

أما النوع الأخير فهو المرأة المتحررة وهذا مفهوم مطاطي مبهم، إذ أننا لا نعرف إن كان المقصود منه تحرر المرأة عقليًا ونفسيًا وجسديًا أم جسديًّا أو عقليًا فقط؟ إن العقل العربي لا يستوعب مسألة تحرر المرأة وفي غالب الأحيان يضع المرأة المتحررة في مكان ما بين الفضيلة والرذيلة أو حتى مع الرذيلة في حد ذاتها. ولذلك أريد أن أسأل من هي المرأة المتحررة، وما هي الحرية؟

نحن ننزلق دائمًا لمقارنة أنفسنا مع الرجل والمرأة البيض لنقيس عليهما نتاج تجاربنا. وفي الحقيقة لا يمكننا ذلك لأن الحضارة الأوروبية قد تجاوزت كل إشكالاتنا التي لم تكن في يومٍ من الأيام إشكالاتهم. فالمرأة الأوروبية الآن محمية من قبل القانون، حتى المومسات، يحميهم القانون وهن لسن بمنبوذات من المجتمع، بل إن من يحاول أن يؤذيهن سوف
يتعرض للمساءلة القانونية، ثم أن المرأة الأوروبية ليست بحاجة حتى لرجل، فإن هي أرادت معاشرة إمرأة كان لها ذلك وإن أرادت طفلًا، فهي ستستطيع ذلك دون أن ترتبط برجل ومن تبرع رجل لن تعرفه ولن يعرفه طفلها أبدًا، مما يعني أن هذا سوف يغير شكل المجتمع ويقلب مفاهيم الحياة رأسًا على عقب. وإذا كان المجتمع الأوروبي على استعداد أن يشد ويمط قواعده ليستوعب كل هذه الأشكال الجديدة من العلاقات، فلم لا تستوعبون أنتم نساءكم العربيات وتضعونهم في منزلة عالية ومحترمة عوضًا عن أن تنزلوا من قيمتهن ، خاصة إذا كان هذا خيارهن واختيارهن.

أما فيما يتعلق بالأطفال الذين يولدون خارج إطار الزواج، فإني أتحفظ على تسميتهم باللقطاء أو الأطفال غير الشرعيين أو أولاد حرام، لأنهم أبرياء ولا ذنب لهم بما فعل آباؤهم وأمهاتهم، وعلى المجتمع أن يجد حلاً لهم. وأنا لا أستطيع أن أستحضر أمثلة داعشية لأَنِّي لا أعيش تحت حكمها! كما إني لا أفهم سبب إقحام تعدد الزوجات في موضوع تحرر المرأة. وطوال حياتي، علمت بنموذجين متشابهين لتعدد الزوجات، حين قام الرجل بالزواج من الثانية لأن الأولى لا تنجب. وكانت الأولى هي من تصر على زوجها للزواج من ثانية من أجل الأطفال ولم تكن ترغب بالطلاق. بل إنها قامت بمساعدة الزوجة الثانية في تربية الأطفال الذين تعلقوا بالزوجتين.

وختامًا أعود لحرية المرأة أو المرأة المتحررة، فماذا يعني هاذان المفهومان؟ هل المرأة المتحررة هي من تحررت من القيود الإجتماعية والسياسية والإقتصادية في مجتمعها بحيث تصبح إمرأة مستقلة، صاحبة قرار، بكل ما في الكلمة من معنى؟ أم هي متحررة بالمعنى الجسدي فقط؟ وفي أي مرحلة تصبح حرية الجسد شرعية، قبل الوعي أم بعده؟
وهل هناك محرمات على حرية المرأة بمعنى هل عليها ولها حدود وضوابط أم هي مفتوحة إلى ما نهاية؟ ولماذا يرغب المطالبين بحرية المرأة والتي هي مصطلح ضبابي غير واضح وغير مؤطر وغير مشروح، بمصادرة حق المرأة التي تتمسك بالفضيلة؟ أوَليست حرية المرأة تقتضي إحترام خياراتها؟ أما هل تريدون أن تحاصروا الجميع بخيار حرية المرأة، الذي هو مشوش ومطاطي أصلاً، عندها ستغيبون وستهمشون المرأة الفاضلة. ودعوني أذكر قصة فتاة أوروبية رفعت دعوى على مدرستها لأنها منعتها من لَبْس خاتم ديني يدل على الطهارة والعذرية، التي تؤمن بالحفاظ عليهما لغاية أن تتزوج. عندها تحدثت كيف أنها تختلف عن الجميع وهذا ما يسبب ضغطًا عليها ولكنها كانت مصرة على حقها في العفة وفي الدين. وأنا أقول هذا كلام سليم ولا إكراه في الحرية، من أرادت الحرية، فلها ذلك، ومن لم ترد الحرية لها ذلك. وليس معنى الحجاب والفضيلة أن المرأة متخلفة إنما مختلفة. لذا عليكم استبدال بعض الحروف.

وأنا في إنتظار حواراتكم وليس مجادلاتكم ولا عراك الديوك. بادلوني الآراء، اختلفوا معي وأقنعوني بالمنطق القويم.