|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
وليد المسعودي
!--a>
2005 / 11 / 15
يشكل العنف ضد المرأة في المجتمعات المعاصرة ظاهرة واقعية تتجلى من خلال مستويات واعتبارات كثيرة تتعلق بطبيعة الحضارة التي نعيش اي الحضارة الذكورية وما يتخللها من سيطرة وتفرد الرجل كمسؤول وحيد في الكثير من المواقع ومجالات النفوذ ، ومن ثم لايمكن للمرأة ان تعمل إلا ضمن مجالات محددة مسبقا في الكثير من المجتمعات ، فالمرأة في المجتمع الحديث تتعرض الى الامتهان من خلال وجود الكثير من المؤسسات التي تمارس العنف ضد المرأة بأشكال مختلفة عنف اخلاقي يتعلق بالتفاوت في الاجور وعنف اخلاقي مادي يتعلق بكثرة الاعتداءات الجنسية ومن ثم لاتوجد هناك تطورات ايجابية تشمل هذه المجالات رغم الكثير من المنجزات التي تحققت في المجتمعات الحديثة المتقدمة ، إذ تبقى مجتمعاتنا تمثل السلم الاعلى للعنف والتمييز بين المرأة والرجل بحكم ترسيخ الكثير من القيم الزائفة والمتمثلة بالقيم البدوية والعشائرية التي تتعامل مع المرأة بطريقة دونية وفي غاية التردي الانساني والاخلاقي ، فالعنف ضد المرأة في مجتمعاتنا يشمل الاستغلال الجنسي الدائم وذلك لاسباب تتعلق بالظروف الاقتصادية ومستوى المعيشة وكذلك العنف عن طريق التمييز واعطاء الرجل الافضلية على المرأة في التعليم والمشاركة في الحياة بمختلف مؤسساتها ، وذلك بحكم طبيعة المجتمع العربي والعراقي على وجه الخصوص وذلبك بعد تأصيلات مستمرة ودائمة لقيم الرجل الذكر المهيمن وذلك كأنبثاق طبيعي من قيم السلطة الذكورية الاستبدادية التي كانت تمارسها السلطة الصدامية ، الامر الذي اوجد جماعات بشرية كثيرة ترفض التعامل مع المرأة على انها انسان لديه القرار والاختيار ومن ثم لاتوجد محددات تحيط سلوك المرأة وتصرفاتها ، إذ ماتزال المرأة العراقية تعاني كثرة الحواجز والموانع التي تعرقل بناء المجتمع ككل فالمرأة عندما تريد ان تختار شريك حياتها لايتم من خلال اسلوب التعارف والوفاق والانسجام بين الشريكين ، أذ ماتزال الاساليب القديمة هي من تتبع ولديها الافضلية على غيرها من الاساليب التي تشمل الانفتاح والخلاص من عقدة المرأة الناقصة العقل والدين ، فالعنف يمارس هنا عن طريق عدم توفر الاختيار المناسب ومن ثم اجبارها على نموذج حياة في غاية التردي والعنف والمفارقة المدهشة ان المرأة ذاتها في مجتمعاتنا قد تعودت على ذلك ومن ثم هي تستحسن وتفضل هكذا اسلوب في الاختيار بل تفضله وتبحث عنه وذلك لضعف او لعدم توفر القابلية والامكانات من قبل الرجل على الاقدام على ظاهرة الزواج وتحقيقها ، وهكذا يتعدد العنف ومن ثم تصبح المرأة متقبلة له وغير مدركه لنتائجه ومخاطره المستقبلية ، وذلك لعدم وجود المجتمع المنفتح والمتمدن إلا ضمن طبقات معينة نتيجة وجود ثقافات مختلفة فيما بينها تبررها الاختلافات الاثنية والدينية والثقافية داخل هذه التشكيلة البشرية ضمن منطقة او بيئة معينة ، والعنف ضد المرأة قد يشمل مجالات اخرى تتعلق بمنع المرأة من تحقيق كيانها وذاتها من خلال الحجر عليها داخل المنزل بعيدا عن رغبتها في ذلك من خلال منعها عن الاقدام على المشاركة مع اخيها الرجل في التعليم او التوظيف او العمل .. الخ ، ماتزال الكثير من النساء اللواتي ينتمين الى الطبقات الفقيرة تعاني كثرة الاستغلال الواقع عليهن وذلك لغياب الضمانات التي من الممكن ان تساهم في ضمان حقوقهن من خلال وجود النقابات العمالية المدعومة من الدولة والتي تقر بأن المرأة العاملة لديها الكثير من الامتيازات تتعلق بالاجر والمعاملة الانسانية الجيدة وعدم جعلهن مصدرا دائما للاستغلال الجنسي كما هو حاصل في الكثير من المعامل والمصانع الاهلية التي تنعدم فيها جميع اساليب الرقابة المدنية من قبل الدوائر المعنية في ذلك ، حيث مايزال دور وزارة المرأة في العراق ضعيفا ومترديا لايوجد هناك نشاطات وندوات من الممكن ان تساهم في تثقيف المجتمع بحقوق المرأة والانسان بشكل عام بالمعنى الحديث ، ومن ثم غياب اثر الدولة على الكثير من المصانع التي تعمل فيها النساء ، فالمرأة العاملة هي الوحيدة التي وقع عليها اكثر الحيف والاضطهاد والعنف بجميع اشكاله الاجتماعية والاخلاقية والسياسية لذلك هي من يجب ان تتوفر لديها الشروط الافضل من ناحية التعامل الانساني بمختلف الوسائل والطرق بدءا بالاجر ومساواته مع الرجل وانتهاءا بطبيعة المعامله الانسانية والاخلاقية .
في النهاية اذا اردنا ان نجترح شروطا واوضاعا انسانية تتعامل مع الشريكين على اساس قيم المساواة الكاملة بينهما ، ومن ثم لاتوجد هناك اية عوامل من شأنها ان تعمل على تأبيد التمييز والتفضيل الدائمين للرجل على شريكته ومفجرة طاقاته وابداعه المرأة لابد من تحقق مجموعة شروط تتمثل من خلال
1- إحداث قطيعة نهائية مع الثقافة المجتمعية التقليدية القائمة على تفضيل قيم الرجل الذكورية البدوية السلطوية والتي من شأنها ان تدعم الاستبداد ليس على نطاق المجتمع ككل بل على شكل وطبيعة الحياة القائمة بين الرجل والمرأة ، ومن ثم يؤدي ذلك الى تجاوز حالة عدم التوازن بين تعامل الرجل مع المرأة من خلال علاقة يتخللها النفور والجذب ، القبول والرفض وعدم الفهم لطبيعة الكائن الانساني المرأة ، كل ذلك مرتبط بتأصيل نماذج ثقافية جديدة تتعامل مع الانسان رجلا وامرأة داخل جميع المؤسسات بدءا بالمؤسسات التعليمية كالمدرسة والجامعة وانتهاءا بمؤسسات الدولة والمجتمع المدني ، هذه النماذج الثقافية مرتبطة بثقافة الحرية والاستقلال والابداع والانفتاح والتسامح من اجل حياة غير قابلة الى التبلد او الخمول والكسل
2- لايمكن ان يتحقق الشرط الاول إلا من خلال نضال جميع الطبقات المهمشة والمنبوذة من اجل حياة افضل وكرامة اكثر انسانية في عالم لايحكمه منطق السلعية والربح الممارس على كل شئ في عالمنا المعاصر حيث يؤدي ذلك السعي والجهد المجتمعي القائم الى ترسيخ المطالب الانسانية والتي تتعلق بحق البقاء والحياة الى تضمين الكثير من القوانين الانسانية التي تشمل حق التعليم والعمل والسكن والحياة الكريمة التي تعادل جوهر الوجود الانساني لان الانسان في النهاية هو اثمن رأسمال ، وبتهميشه والغاء وجوده الانساني سوف يتخلى العالم عن المدنية والتسامح وبناء المجتمع القائم على توزع الاختلاف والتعددية الاجتماعية والسياسية والثقافية التي لاتؤصل قيم العنف والتطرف داخل وعي المجتمعات وكيانها الانساني
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك